من صور البر الرائعة التي يمتاز بها مجتمعنا الوفي تلك الإعلانات التي نقرأها في الصحف التي يطالب أصحابها بإبراء ذمة المتوفى فلان بن فلان والمطالبة من له حق على المتوفى التقدم بمستنداته لهم لتسديد دينه سواء كان ذلك من أبنائه أو زوجته أو إخوانه أو والده أو حمولته, والله إنه إعلان يشرح الصدر ويسر العين أكثر من إعلانات تخفيضات المحلات الوهمية التي تكشفها لنا وزارة التجارة يوماً بعد يوم..
وإن كان هناك بعض من يستغل هذه الإعلانات بمطالبات وهمية أو أن والدكم كان يحسن إلي فلا تقطعوني وما إلى ذلك, لذا يجب الحذر من الاستغلال السيئ لأعمال رائعة حتى لا تختفي وهذه صورة واحدة من صور متعددة تعكس لنا جماليات مجتمعنا الوفي مع الأحياء والأموات في آن واحد, ومنها أيضاً قيامهم بعمل بئر في إحدى الدول الفقيرة لسقيا المحتاجين وهو من أروع صور البر إذا سلم من الغش والكذب من المقاولين والمتعهدين.
ومنها أيضاً قيام البعض ببناء مساجد في دول العالم المحتاجة تكلفتها لا تتجاوز خمسين ألف ريال.
وبقدر ما أشيد بهذه الأعمال الرائعة إلا أنني أحذر بشدة من النصب والاحتيال فقد ذكرني أحدهم أنه وثق في بعض الإخوة من دولة إسلامية أفريقية ظاهر الصلاح بأنهم يرغبون في بناء مسجد في قرية، لأن أقرب مسجد لهم يبعد ثلاثين كيلومترا وأن المسجد يكلف فقط خمسين ألف ريال ويتسع لأكثر من 300 مصلٍّ ففرح الرجل وقدم المبلغ ووعدوه بأن يقدموا له التقارير والصور أولا بأول لمراحل بناء المسجد.. وفعلاً بعد عدة أشهر أرسلوا له صور فيها الحفر والأعمدة.. ثم بعدها بفترة أخرى أرسلوا له صور قيام البناء والعمل بالتشطيبات النهائية ثم أرسلوا له صورة أخرى لاكتمال بناء المسجد ولكنهم يحتاجون لثمانية آلاف ريال لبناء دورات المياه.
فلما رأى مصداقيتهم حول لهم المبلغ ثم طالبوا بحفر بئر وقفاً للمسجد بخمسة آلاف ريال فلم يتأخر وأرسل لهم ثم طالبوه بستة آلاف ريال لفرش المسجد ولم يتوان صاحبنا في التحويل.
ولكنه وللأسف اكتشف أن كل تلك الصور قديمة جداً وأن أولئك القوم تاجروا بها على عدد كبير من الأفراد والشخصيات في السعودية ودول الخليج..
أنا أقول لا تتوقفوا عن عمل الخير في أي مكان ولكن عبر المؤسسات والهيئات المعتمدة في المملكة وهي كثيرة مثل هيئة الإغاثة العالمية والهيئة العالمية لإعمار المساجد ومؤسسة مكة الخيرية وغيرها التي يديرها من أبناء المملكة المعروفين بالصلاح وحب الخير حتى لا يقعوا ضحية لمن يدعون الصلاح لنهب الأموال.
سائلاً الله أن يكتب أجرهم والله المستعان.
Ahmed.Badiwailan@gmail.com