يقول المولى تبارك وتعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (الرحمن 26، 27)، ويقول عزّ وجلّ: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (الملك 2).
انتقلت إلى رحمة الله -عز وجل-، والدتي الكريمة، وهي التي كان الله يكرمني من أجلها، أسأل الله أن يوفقني لصالح الأعمال وألا يقطع عني فيض كرمه، وأن يتغمدها بواسع رحمته وعظيم مغفرته، وأن يسكنها فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وأن يلهمنا والمحبين الصبر وعظيم الأجر في مصابنا الجلل، وحسبنا أنها كانت يرحمها الله مثالاً للأم التقية النقية العفيفة الشريفة، ولا نزكيها على الله -عزّ وجلّ- فهو العليم بذات الصدور، ولكن الخير ما شهدنا منها وعلمنا عنها، عاشت حياتها شمعة تضيء لغيرها الطريق، أنجبت وكنت ابنها الوحيد ورعتني وأحاطتني بدفء حنانها ورعايتها، بعد وفاة والدي -يرحمه الله- كانت هي الأم والأب، وربّت فأحسنت التربية، كانت -يرحمها الله- سباقة لفعل الخير ومساعدة المحتاجين، وبموتها فقدها الكثير من محبيها، وكلنا في انتظار نهاية الأجل المحتوم، لن نصحب معنا إلا العمل الصالح {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}، ولن تبقى لنا في هذه الدنيا إلا الذكرى الطيبة، ولن يلحقنا منها إلا ما أخبر عنه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: «علم ينتفع به أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له».
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي (الفجر 27، 28، 29، 30)، و إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .
- صلاح بن سعيد الزهراني