يعد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل من أبرز الشخصيات الدبلوماسية على مستوى العالم، فقد تربع على عرش الخارجية السعودية منذ عام 1975، واستلم هذا المنصب بعد استشهاد والده العظيم صاحب الخبرة والحنكة الدبلوماسية، وكان للملك فيصل بصمات كثيرة قبل أن يتسلم أمانة المسؤولية عام 1964، وممل لا شك فيه أن الأمير سعود الفيصل أخذ عن والده الكثير من الصفات الخلقية والعملية، خاصة في الشؤون الخارجية.
ولد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل في الطائف عام 1940م، وترعرع في كنف جده العظيم مؤسس وموحدة الدولة السعودية الحديثة، وتعلم من مدرسته الكثير من الحنكة والدهاء السياسي والمعلم الثاني كان والده الملك فيصل الذي منحه الكثير من المزايا التي تؤهله لأن يتسلم الخارجية السعودية، حصل الأمير سعود على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون الأمريكية عام 1963م، والتحق بوزارة البترول والثروة المعدنية، حيث عمل مستشاراً وعضواً في اللجنة التنفيذية العليا في وزارة الخارجية، وبعد ذلك انتقل إلى العمل في المؤسسة العامة للبترول والمعادن (بترومين) وعين مشرفاً على العلاقات ثم نائب لمحافظ بترومين لشؤون التخطيط عام 1970، وفي عام 1971 عين وكيل لوزارة البترول والثروة المعدنية.
صدر مرسوم ملكي عام 1975 باختيار سمو الأمير سعود وزيرا لخارجية المملكة العربية السعودية، خلفا لوالده الراحل الذي كان يجمع بين الخارجية والملك، ومنذ ذلك الحين وحتى فجر يوم 29-4-2015 ظل وزيرا لخارجية المملكة العربية السعودية وهو يعد أطول وزير خارجية على مستوى العالم، ويمتاز بالحنكة والذكاء الحاد والدبلوماسية وقد عاصر أربعة ملوك للسعودية (الملك خالد، الملك فهد، الملك عبدالله، الملك سلمان) هذه الخبرة الكبيرة التي تجمعت في هذا الرجل جعلته يتبوأ منصب عميد الدبلوماسية العربية وربان السياسة العربية عبر أربعة عقود خلت، وقد كان له دور أساسي كما للمملكة العربية السعودية دور أساسي في الكثير من القضايا والمفاصل العربية والدولية، وكان للأمير سعود دور كبير في معظم القضايا العربية ابتداءً من القضية المركزية للأمة العربية (القضية الفلسطينية).. وقضية اليمن الأخيرة وعاصفة الحزم التي أعادت للعرب هيبتهم وقوتهم وإعادة التوازن الدولي في المنطقة العربية ووضعت حداً للتغول الإيراني الفارسي في المنطقة العربية.
خطت الدبلوماسية السعودية خطوات عظيمة، وأسس سموه مرحلة جديدة من العمل الدبلوماسي السعودي والعربي، وخطا بالعمل الدبلوماسي خطوات متميزة وسار بالمملكة العربية السعودية وسياستها الخارجية إلى مستويات عليا، ووضع الخارجية السعودية بالمكان المناسب لها في جميع المستويات العربية والإقليمية والدولية وتبوأت المملكة المكانة المناسبة لها في جميع الصعد ونرى الآن هذه المكانة الرفيعة التي تتبوأها المملكة العربية السعودية.
التواضع وحسن الخلق وبعد النظر والحكمة والهدوء هي ما يمتاز بها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، لذا نطلب ونؤكد على الدبلوماسيين والراغبين بالعمل السياسي والدبلوماسي، أن يأخذوا سمو الأمير سعود الفيصل نموذجاً للعمل الدبلوماسي والعمل السياسي.
ونتمنى على سمو الأمير سعود الفيصل كتابة مذكراته وشهادته على العصر الذي كان له دور كبير في صناعة أحداثه أو كان مطلعا وقريبا من أحداثه وتفاصيله الدقيقة وهذا الكنز المخزون في ذاكرة الأمير سعود أعتقد أنه لا يوجد في أي عقل عربي أو مركز وثائق عربي أو عالمي لأن الأمير سعود هو جزء رئيس من صناعة الأحداث السياسية التي حدثت في النصف الثاني من القرن الماضي ومطلع القرن الحادي والعشرين، ونأمل أن نرى هذه المذكرات أو الذكريات حتى تكون نبراساً للعمل الدبلوماسي العربي لأن الأمير سعود الفيصل وتجربته في العمل الدبلوماسي والسياسة الخارجية من الصعب أن تكرر في عالمنا العربي والعالم أجمع.
- جامعة الملك فيصل