يظل ملف مستقبل اللاعب السعودي الأقل أهمية على مر العصور الرياضية من السبعينيات الهجرية وحتى الآن, وفي عام 1434 اعترفت وزارة الداخلية بمهنته الوطنية وسجلته في الهوية الوطنية وسجل العائلة بمهنة لاعب وهذا يعني أنه اعتراف صريح من أعلى السلطات أن المسمى أصبح وظيفة معترف بها ولكن دون تنظيم يكفل له ما يكفله النظام لأي موظف من حقوق وواجبات وكذلك راتب تقاعدي, بعد أن تم الاتفاق على تحديد العمر الوظيفي للاعب من 18 سنه إلى 40 سنة أي 23 خدمة ولم يبق على التقاعد المبكر إن كانت الوظيفة ستلحق بنظام التأمينات الاجتماعية إلا سنتين يمكن من خلالها أن يكون الاشتراك اختياريا حتى يبلغ 25 سنة خدمة ثم يستفيد من راتبه التقاعدي مثله مثل غيره من متقاعدي التأمينات الاجتماعية خاصة والاتجاه الآن نحو خصخصة الأندية ودخولها إلى أسلوب إدارة القطاع الخاص وأن الاستثمار فيها وعامل الربح هو المقدم وليس الخدمة الإنسانية أو المنفعة العامة حتى وإن كان ذلك جزءا من اهتمامها, أو أن اللاعب بعد العمر المحدد للخدمة قد استحق التقاعد المبكر إذا كانت وظيفته ضمن نظام وزارة الخدمة المدنية الأكثر تعقيداً والأدق في الإجراءات واللوائح ولا أظن أن ذلك مكان بحث أو موافقة لأن الشروط والضوابط والحقوق والواجبات في نظام الخدمة المدنية لا يمكن أن تطبق على اللاعب ولا تخدمه حتى في مستقبله خاصة مع صيغ الاحتراف المتعددة وعقود اللاعبين المتباينة وكذلك ارتباط هذا النظام بمؤهلات تعليمية ودورات ونقاط أفضلية يصعب معها التطبيق والاجتهاد في مثل ذلك سيعود بنا إلى الخلف ولا سبيل لمعالجة هذا الهم الإنساني والوطني إلا من خلال التأمينات الاجتماعية وهي في نظري أفضل في معاشها التقاعدي للاعب من النظام المدني خاصة التأهيل التعليمي المسيطر على أغلبية لاعبي كرة القدم خاصة, ويستطيع اللاعب الوصول إلى الراتب الشهري الأعلى وقدره 45000 ريال وذلك حسب نظامها والفئات التعاقدية لديها وهو راتب يضمن العيش الكريم لأي إنسان داخل وطننا الغالي ولأفراد أسرته المعالين.
ولقد صرح في ذات الشأن رئيس اتحاد الكرة أحمد عيد ورئيس لجنة الاحتراف عبدالله البرقان لجميع الوسائل الإعلامية وبصيغة متعددة من الموثوقية التي توقعنا معها أن الحل لهذا الهم الشبابي الوطني الكبير سيكون خلال أسابيع في حين أن الدكتور البرقان ذكر في تصريح آخر أن هناك اجتماعات ستعقدها الرئاسة واللجان المختصة في الاتحاد مع التأمينات الاجتماعية لمعرفة السبل والكيفية لتطبيق القرار بشكل جيد ويعود بالنفع الكبير على اللاعب السعودي وهذا تأكيد أن التعاطي مع هذا الهدف قد بدأ الإعداد له وحتى الآن والملف كما يقال على الرف أو في الدرج ولا يتحرك منه ساكن إلا إذا وجه سؤال لأحد قياداتنا الرياضية عن الجديد فيه فإنه يأتي بصيغة المستقبل الذي طال زمن تحقيقه, وذكر البرقان أن سمو الرئيس السابق لرعاية الشباب علق الجرس أكثر من مرة حول مهنة اللاعب, ومع تجاوزنا للمعضلة الكبرى في الاعتراف بها كوظيفة وهو شأن يستحق الشكر والتقدير لمقام وزارة الداخلية فإن من الضروري استكمال الدور الذي يقع على رعاية الشباب وإيجاد نظام مؤسسي يكفل العيش الكريم للاعب عند إصابته واعتزاله ويحفظ له بالنظام كرامته وشموخه, ولا يجب أن يختم له بنكران وجحود بعد أن قدم زهرة شبابه وقمة نشاطه في هذا المجال لرفعة سمعة الوطن, ويرى دعاة الإيجابية أن من العيب أن يختم للاعب في وقت حاجته الماسة بمثل ما يختم للكثير من رموزنا الرياضية وفي كرة القدم بالذات ونجعلهم يسترحمون القادرين لأجل مساعدة مالية أو علاج أو تأمين سكن أو وظيفة حارس أمن أو مرافق أو حتى ساعي بريد.
ختاماً كيف سنقرأ مستقبل الرياضة والرياضيين إذا كفلنا لهم بعد توفيق الله مستقبلهم, وكيف سنجعل الجيل الجديد بهذا التصور يرى الأمان في ممارسة الرياضة كمهنة ووظيفة, وكيف سننهض بالاحتراف ونبني ثقافته في وطننا مثلما نراها في الدول الأخرى, وكيف سننقل لاعبينا من ذل السؤال وامتهان الكرامة مع رواتبهم التقاعدية إلى عالم كريم يعتمد فيه الإنسان على نفسه ويقضي حاجته دون أن يريق دم وجهه وهو أغلى ما لديه حتى يتم علاجه أو توظيفه أو سكنه ويأتيه من باب الإحسان عليه وليس من باب أن هذا أبسط حقوقه بعد أن قدم لنا زهرة شبابه وأسعدنا وأوقفنا في كثير من الحالات ونحن بنشوة الفرح نصفق له لأنه رفع اسم الوطن وأفرح المواطن, كيف لقياداتنا الرياضية بعد أن تنجز هذا الملف الثقيل في الأجر والعظيم في الإنجاز أن تقرأ قيمة مسؤوليتها الاجتماعية والإنسانية والوطنية حول من جعلوا الرياضة هما لهم وهدفا لحياتهم, كيف نقرأ ردود الفعل العالمية والعربية والخليجية عندما نبني في الإنسان منفعة وطنه وتبني له مستقبله مع ضمان العيش الكريم له بعد انتهاء مهمته في شبابه وزمن نشاطه, كيف سنقرأ ردة فعل المجتمع عامة والأسر خاصة عندما ترى أن رئاسة الشباب كفلت بموجب النظام مستقبل النشء وعيشهم الكريم, كيف سنقرأ الصورة الذهنية الجديدة لممارسة الرياضة وأنها كانت مضيعة للوقت والمال وسببا للإعاقة والعوز والفقر بعد أن يتضح نظامها التقاعدي, وكيف سنقرأ ملف البطالة وأرقامها المخيفة في أوساط الشباب وكذلك المكافأة التشجيعية لحافز وعدم التحايل عليها بعد أن أصبحت الرياضة وظيفة شريفة ومصدر عيش كريم أثناء فترات النشاط أو بعد الاعتزال والإصابة لا سمح الله, وأخيراً، كيف سنقرأ أنفسنا بعد هذا الإنجاز بعد أن توصلنا فيه لاستمرار المنفعة ولجميع أطرافه.
فهد بن أحمد الصالح