أود التعليق على مقالة د. حسن بن فهد الهويمل المفكر والكاتب في صحيفة الجزيرة الغراء في عدد يوم الثلاثاء 28 إبريل 2015م والذي جاء تحت عنوان (اللعبة القذرة بين «سليماني» و«نصراللات»..!) وأقول: الإدارة الأميركية الحالية في حاجة إلى من يأخذ بيدها لينتشلها من مستنقع التضليل والغش الإيراني، وأن يكون ذلك بقرارات جريئة نتخذها نحن وتخالف رؤيتهم لما يدور في المنطقة من تخريب على يد الإيرانيين، والذي اعتبرته الإدارة الأميركية سابقاً حنكة لتحقيق أهداف إستراتيجية مشروعة كما جاء على لسان أوباما، بينما الحقيقة أنها اعتداء صريح على حقوق الآخرين، في المقابل تخطئ الإدارة الأميركية عندما تنظر إلى أنظمة خليجية على أنها تتخبط داخلياً وأن انفعالها خارجياً ما هو إلا صدى لتخبطها الداخلي، كما جاء على لسان أوباما أيضاً، لكن اليوم غيّر أوباما كل ما قاله بطريقة عملية من خلال دعمه السياسي والمادي لـ»عاصفة الحزم».
اليوم «عاصفة الحزم» أثبتت تورط ضباط الحرس الثوري إلى جانب الحوثيين في عدن بعد أسر اثنين منهم والتعرف على هويتهما، والأميركيون اليوم يوسعون من دائرة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع السعودية، تعزيزًا لعاصفة الحزم، هنا أخذت الإدارة الأميركية برأي الخليج عن النظام الإيراني ونحت حديث أوباما عن إستراتيجية المصالح الإيرانية جانباً، وأصبح حديثها كله اتهاماً لإيران بالتغول فيها، وهو التوصيف الصحيح للسياسة الإيرانية في المنطقة، وهكذا لنتخذ القرار الصحيح وسيتبعنا الأميركيون حتما.
ليست عاصفة الحزم هي المرة الأولى التي يتم فيها تقويم الموقف الأميركي تجاه قضايانا، فقد نجح الملك عبدالله -رحمه الله- في تقويم موقفها العدائي ضد الثورة المصرية التي أسقطت حكم الإخوان، وها هي اليوم بعد اشتراك مصر في عاصفة الحزم ترفع وقفها الجائر للمساعدات العسكرية لمصر التي نصت عليها اتفاقية السلام.
لقد غيرت الإدارة الأميركية موقفها 180 درجة، ومثل ذلك يمكن أن يحدث في شأن موقفها من الصراع العربي الفارسي، وليس الصراع السني الشيعي كما تريد أن تصوره إيران استدراجاً للشيعة العرب الذين هم أولى ألا يصدقوا ملالي إيران، فقد أقحموهم في قتال الخزي والعار ضد أهلهم وإخوانهم في الوطن، ولو سألوا إخوانهم الشيعة العرب في الأهواز كيف يتعامل معهم النظام الإيراني لاختصروا عليهم الطريق، ما الذي عاد على حزب الله والحوثيين إلا الكراهية من أهلهم وشركائهم في الوطن الذين ينظرون إليهم على أنهم عملاء للفرس؟.. في الماضي انخدع كثير من العرب السنة بفرية الممانعة والمقاومة التي دندنت عليها إيران طويلاً، ولكن اليوم سقط القناع، وخير ما قاله أوباما في حق النظام الإيراني هو تحذيره من الغش في بنود الاتفاق النووي الأخير، فالغش خير وصف للنظام الإيراني وهو مادته التي بني منها، ولن يصمد غش وكذب النظام الإيراني على الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي طويلاً، وصدق المثل المصري الذي يقول إن الكذب ليس له أرجل.
إن أفضل طريقة هي تلك التي تتم الآن من خلال عاصفة الحزم.. تقليم الأظافر ونزع الأنياب، من دون الدخول معه في صراع مباشر، وإن كنا مطالبين بالاستعداد لمثل هذا الصراع بعد حرب إيران مع العراق، إيران لا تحارب بنفسها، ولكنها تدفع من يحارب عنها من بعض الشيعة العرب أو «الإخوان»، في تلك الحروب الرخيصة، التي تعتمد فيها إلى قتل المدنيين كورقة للضغط على الخصم حتى يرضخ، ولو شعرت يوماً أنها ستُعاقب بشدة بسبب جرائمها التي لا تنتهي في حق العرب، لكان لها موقف آخر، وكذلك بالنسبة لأذنابها في المنطقة، ونحن من شجعناها على التمادي في غيها، ولكن عاصفة الحزم جاءت تصحيحاً لكل ما سبق من أخطاء، وطوق نجاة للمنطقة بأسرها من التغوّل الفارسي، خاصة أنها قامت على أساس عادل لا شبهة فيه.
نحن على الطريق الصحيح، ولنستمر إلى نهايته على بركة الله، وكما بدأ «إخوان» اليمن يؤيدون عاصفة الحزم. وهم بذلك إنما يعلنون خروجهم من ولائهم لإيران، فغداً سيخرج بعض الشيعة العرب من ولائهم لها، عندما يكتشفون أنها لا تغامر بنفسها من أجل الدفاع عنهم، وأنهم بالنسبة لها مجرد أداة لتحقيق أهدافها التي تتناقض مع ما تدعيه أمامهم أنها تعمل لنصرتهم ونصرة المذهب الشيعي، بل جعلتهم بممارساتها الإجرامية التي ورطتهم فيها معزولين ومستهدفين، هل تلك الممارسات تخدمهم أو تخدم مذهبهم أم تخدم أهدافها في إقامة إمبراطوريتها الفارسية؟.. غداً سيفيق هؤلاء كما أفاق إخوان اليمن، ولتستمر عاصفة الحزم وستتغير خريطة التحالفات والولاءات في المنطقة لصالح أهلها من العرب، وستأخذ إيران حجمها الطبيعي.
نجوى الأحمد - الرياض - جامعة الأميرة نورة