جدة - الجزيرة:
صدر حديثاً كتاب جديد بعنوان (الخطب المنبرية حول الأحداث الإرهابية) لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن علي بصفر الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم. ويتضمن الكتاب (44) خطبة، وقدم له معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء، وقال: باقة من الخطب المنبرية، مما جادت به قريحة الأخ الفاضل القارئ الدكتور عبدالله بصفر، وهي من الخطب المختارة المناسبة لمعالجة بعض ما ظهر من فتن هذا الزمان، الذي ادلهمت خطوبه، وكثر فيه الجدل بغير علم، والخوض في دين الله بلا هدى ولا كتاب منير، وقلَّ أهل العلم الموثوقون المؤتمنون، فانتصب للناس رؤوس الجهل والجهالة يفتونهم بغير علم، فضلوا وأضلوا.
وأكد الدكتور التركي أن أعظم الفتن أن يفتن الإنسان في دينه، فيلتبس عليه الحق بالباطل، وتنقلب عليه الأمور، فيرى المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، والحسن قبيحاً، والقبيح حسناً.. لا يكتفي بالحق حتى يتردى في أودية الضلال. نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة.
وقد جاءت هذه الخطب موفقة في رؤوس الموضوعات التي دارت عليها، بالغة فيما تضمنت من النصيحة للشباب المسلم وتوجيهه، سهلة العبارة، واضحة المقاصد، آخذة بأطراف الأحاديث النبوية الشريفة الواردة فيما ينبغي أن يكون عليه المسلم في مختلف الأحوال والأوقات، ولاسيما في أوقات الفتن واختلاط الأمور، من الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومجانبة المعاصي والآثام، ولزوم جماعة المسلمين، وطاعة ولاة الأمر فيهم، والإكثار من ذكر الله، وتركيز عرى الإيمان وقواعد الدين في النفس، والتذكير بحقوق المسلمين بعضهم على بعض، وتوضيح بعض المفاهيم الشرعية التي التبست على بعض الأذهان، وفي ذلك موعظة وذكرى للشباب وعامة المسلمين.
وبيَّن د. عبدالله بصفر أن هذه المجموعة من خطب الجمعة التي أُلقيت بجامع منصور الشعيبي بجدة تعالج هذا المرض الخطير الذي بدأ منذ فترة قريبة بالتغلغل في أفكار بعض الشباب الذين ما كان يتوقع أبداً أن يصل بهم الحال إلى درجة أن يسفكوا دماء الناس في هذا البلد الطاهر الآمن من معاهدين ومسلمين ومن كبار وصغار ومن رجال ونساء. كما أن هذه الأعمال الإجرامية الشنيعة إضافة إلى ما حوته من جرائم حرَّمها الإسلام - جريمة جريمة منفردة فكيف بها مجتمعة - تضاف عليها جريمة كبرى وطامة عظمى، ألا وهي جريمة تشويه صورة الإسلام، وجريمة الصد عن سبيل الله.
وقال د. بصفر: إنها جريمة كبيرة أن يجرؤ إنسان على تغيير صورة الإسلام التي نزل بها القرآن العظيم، ومثَّلها النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - أفضل تمثيل، فيجيء أناس وكأنهم يقولون إن الإسلام ليس هذا الذي فهمه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون والعلماء من بعدهم، وإنما هو ما نفهمه نحن من خلال مُنظرينا ومُفَكرينا. إنها جريمة كبيرة، وبراءة من العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، فماذا بقي لهؤلاء من رصيد، وقد قطعوا صلتهم بالأصل، وشَوَّهُوا الصورة الجميلة التي عرفها الناس، كل الناس، والتي عرفتها البشرية على مدى ألف وأربعمائة سنة، أن الإسلام دين السماحة والرحمة واليسر، حتى جاء هذا العصر ليغير فيه هؤلاء الخوارج صورة الإسلام، ويربطوه بالتفجير وقطع الأعناق والاختطاف، حتى تأثر كثير من عوام الناس من غير المسلمين في العالم بهذه الصورة، وباتت مؤكدة لديهم، بل إن هذه الأعمال المشينة أضرَّت بالدعوة الإسلامية التي كانت منطلقة كالريح في مختلف بقاع الأرض، وإذا بالعراقيل والقيود تفرض عليها في كل مكان. مشيراً إلى أن هذه الخطب جهد المقل لتوعية شباب الأمة، من خلال أصول هذا الدين، التي قامت على الكتاب والسنة، والتي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك».
وهي في الوقت نفسه رسالة إلى أولئك الذين ضلَّ بهم الطريق، فجنحوا عن الصراط المستقيم جنوحاً يخشى عليهم من أن يلقوا وجه ربهم وهو عليهم غضبان.