صادف يوم الأحد الماضي الرابع عشر من شهر رجب اليوم المئة من حكم الملك سلمان، وبالحساب من التقويم فإن تمام المائة هو يوم الجمعة 12 رجب.
وحينما أقف وقفة المتأمل في هذه الفترة الزمنية القصيرة في عرف الشعوب والأمم أجد أن زعماء معظم الدول يحتاج الواحد منهم لمائة يوم لكي يقدم خطته وبرنامجه الإصلاحي.. وكم من الوقت يحتاج للموافقة، وكم من الوقت يحتاج للتنفيذ...
الملك سلمان.. أدام الله عزه وتوفيقه وتسديده، اختصر الكثير من الزمن على نفسه، ودولته، وشعبه، لم يختصر ارتجالاً، ولا تجاهلاً للخطط والبرامج..
ولكن بتوفيق الله تعالى ثم ببصيرته الثاقبة، وبعد نظره، وخبرته في إدارة الحكم في البلاد لعشرات السنين، ومشاركته الفاعلة والأساسية في بناء أسس الحكم وإدارة البلاد لتلك السنوات، بالإضافة إلى الملكات والمقوّمات الفطرية والشخصية التي يتمتع بها الملك سلمان من الجرأة والقدرة على اتخاذ القرار، مع سبر وقياس مسبق لنتائج وآثار قراراته التي تتسم بالحزم والحسم بدون تردد وإضاعة للوقت بين اللجان وكثرة الاستشارات التي قد تفوت القرار قيمته إذا لم يتخذ في حينه وأوانه، وإن كانت الاستشارة لا تغيب عن باله فيما يحتاج لذلك إلا أن قراره ذو عزم وتوكل على الله، بعد استخارة لله سبحانه وتعالى.
لذا .. فقد وفق - حفظه الله ورعاه - إلى إصدار قرارات استراتيجية تهم مصالح العباد والبلاد، سواء في حماية الوطن والذود عنه، أو في إجارة الجار..، أو في الإصلاحات الإدارية والهيكلية للجهات الحكومية واختيار الكفاءات المناسبة التي تعين على أداء الواجبات المناطة بالدولة لتقديمها للمواطنين بأحسن وأفضل السبل التي تواكب العصر بكافة متغيراته المحلية والإقليمية والدولية.
وقد كانت سلاسة انتقال المسؤوليات في إدارة البلاد بكل هدوء وثقة.. دليلاً على حكمة وحنكة هذا القائد، فقد كان الانتقال سلساً، والاختيار موفقاً.
لقد وفقت البلاد في اختيار ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، رجل الأمن الذي تربى وترعرع على يد رجل الأمن الأول - رحمه الله - الأمير نايف بن عبد العزيز.
فقد استطاع الأمير محمد بن نايف أن يثبت محلياً ودولياً أنه ذاك المسؤول والأمني الناجح الذي استطاع - بتوفيق الله سبحانه وتعالى - أن يحفظ للبلاد أمنها باستباق وكشف المخططات العدوانية وهي في مهدها، أو بعلاج أصابع الفتن واستصلاحها قبل بترها.
فعيناه.. واحدة على الوقاية وأخرى على العلاج.
أما التوفيق الثاني لهذه البلاد.. فهو في اختيار الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع ولياً لولي العهد، هذا الشاب الذي استطاع - بتوفيق الله سبحانه وتعالى - أن يثبت للجميع أنه رجل القانون والسياسة والدفاع، فالقانون أخذه من جامعة الملك سعود بجدارة، وهو مؤسسة أكاديمية متمكنة وضليعة في علومها ومعارفها، وهذا من التخصصات التي تتميز بها الجامعة. أما السياسة.. فإنه أخذها من بيت الحكم، من بيت سلمان بن عبد العزيز، والذي يعد جامعة عظمى في السياسة وإدارة الحكم، والجميع يعرف مدرسة الملك سلمان في إدارة البلاد كيف يكون أثرها على كل من يعمل فيها، فكيف بمن تربى وترعرع فيها؟!
أما الدفاع .. فإن الأمير محمد بن سلمان هو بفضل - الله سبحانه وتعالى - كان رجل الدفاع الأول الذي استطاع أن يترجم إرادة القائد الأعلى لكافة القطاعات العسكرية، بأنه الرجل المناسب في المكان المناسب، وقد استطاع أن يثبت للجميع محلياً وإقليمياً ودولياً أنه ذاك المسؤول اليقظ الفطن الشجاع في دحر أعداء البلاد والدفاع عنها وعن مقدساتها، وقد استطاع بتواصله السياسي أن يجيد خلطة السياسة مع مهمته الدفاعية عن الوطن.
فهنيئاً لبلادنا بقائد في العقد الثامن - أطال الله في عمره وسدده - وبجناحيه جناح في العقد الخامس وجناح في العقد الثالث.
هنيئاً لنا بهذا التنوع الذي يجمع بين الحكمة والخبرة، والقوة والشجاعة، وروح الشباب وطموحاتهم.
د.محمد الهزاني - رئيس مركز الدكتور محمد بن راشد الهزاني للاستشارات الشرعية والقانونية والمحاماة مستشار - سابق - بالديوان الملكي