الجزيرة - ماجد الزهراني:
أكد الدكتور زهير الشرفي رئيس مجلس منظمة الجمارك العالمية، المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بالمملكة المغربية الشقيقة، أن المنتديات العربية تسعى إلى إصدار توصيات واعتماد إستراتيجيات موحدة وفعّالة لمحاربة ظاهرة الغش التجاري، مشيرً إلى أن هذه المنتديات تُعتبر من الورش الكبرى التي تراهن عليها الدول العربية من أجل محاربة ظاهرة الغش التجاري والتقليد، حيث تلعب دوراً مهماً في حماية المستهلك وأصحاب حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة والعلامات التجارية.
وقال د. الشرفي بمناسبة تنظيم الجمارك السعودية للمنتدى العربي الرابع لمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية خلال الفترة من 5-7 مايو 2015م إن نجاح المنتدى الثالث شكّل حافزاً لتضافر الجهود لمكافحة ظاهرة الغش التجاري، مشيداً بالجمارك السعودية ووصفها بأنها أصبحت مرجعاً في مجال مكافحة الغش التجاري والتزييف، مؤكداً على أهمية المنتديات العربية في مكافحة ظاهرة الغش التجاري، كما تطرق د. الشرفي خلال الحوار لجهود الجمارك المغربية في مكافحة الغش التجاري والتصدي لانتهاك حقوق الملكية الفكرية.
محاربة ظاهرة الغش
- كيف ترون دور المنتديات العربية في مكافحة الغش التجاري والتصدي لانتهاك حقوق الملكية الفكرية، وكذلك في توعية المستهلك العربي وتنويره بحقوقه؟
- تُعتبر المنتديات العربية من الورش الكبرى التي تراهن عليها الدول العربية من أجل محاربة ظاهرة الغش التجاري والتقليد، حيث تلعب دوراً مهماً في حماية المستهلك وأصحاب حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة والعلامات التجارية بصفة خاصة، وذلك من خلال وضع برامج تحسيسية وخطط إعلامية للرفع من وعي المستهلك، والتنسيق بين الجهات الحكومية وجمعيات حماية المستهلك والقطاع الخاص والإعلام، وتشجيع الشركات والمصانع للتواصل مع المستهلكين للاستشارة والتأكد من أن السلع أصلية.. وكذلك توعية المستهلك العربي بالأضرار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن المنتجات المغشوشة والمقلدة، وتحفيزه للعزوف عن شراء المنتوجات المغشوشة أو المقلدة، وكذلك تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك.
كما تعمل على مواجهة المخاطر الناتجة عن الاستيراد أو التصدير لسلع من شأنها المساس بصحة الإنسان والحيوان والنبات كالأدوية والمنتوجات الحيوانية والمواد الغذائية، والتحفيز على مراقبة الجودة والمواصفات، وإلزام الشركات بتوفر البضائع على شروط السلامة والأمن، إضافة إلى الحث على ضبط المعاملات التجارية وتفادي الاحتكار واستغلال النفوذ الاقتصادي من خلال إنشاء هيئات وقوانين وطنية للمنافسة، وتوفير ضمانات وحقوق المستهلك في السلامة والإعلام واللجوء إلى المساطر القانونية وتعزيز قدرات الجمعيات العاملة.
اعتماد إستراتيجيات
- هل تعتقدون أن المنتديات تُعتبر إحدى الآليات التي تهدف لوضع إستراتيجية متكاملة لمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية؟
- تسعى المنتديات العربية إلى إصدار توصيات واعتماد إستراتيجيات موحدة وفعّالة لمحاربة ظاهرة الغش التجاري والتقليد، وذلك عبر طرح الإشكالية في تجلياتها الشمولية، وتوحيد التعاريف الخاصة بالغش التجاري والتقليد، وكذلك تعزيز القوانين المطبقة في الدول العربية للحد من تفاقم الظاهرة في بعض الأسواق العربية، ودعم القوانين المستحدثة في الدول العربية مع تحديد القدرات المتاحة في كل بلد وخلق مواصفات عربية موحدة للسلع، والتعاون مع المنظمات العالمية والمحلية، وتفعيل التعاون والتنسيق بين المنظمات والأفراد والمؤسسات المعنية بمكافحة الغش التجاري والتقليد، وتبادل الخبرات والتجارب مع تنظيم برامج موحدة لمواجهة هذه الظاهرة، والعمل على ربط المنافذ الجمركية من خلال تفعيل عملية تبادل المعلومات,كذلك التحسيس بالأضرار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن المنتجات موضوع الغش والبضائع المقلدة، إضافة إلى تنسيق الجهود المبذولة وتقوية برامج الظاهرة مع أصحاب حقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية المعروفة، وكذا المنظمات العالمية والحكومات المعنية والقطاع الخاص.
الجمارك المغربية
شاركت الجمارك المغربية في المنتدى العربي الثالث الذي نظمته الجمارك السعودية بالرياض قبل عامين ما تقييمكم لفعالية المنتدى، وما خرج به من توصيات؟
- لقد شكّل نجاح هذا المنتدى حافزاً لتضافر الجهود لمكافحة ظاهرة الغش التجاري، كما أن المحاور التي اختيرت لهذا المنتدى مكّنت من مناقشة كافة الجوانب المتعلقة بالغش التجاري، وكانت منطلقًا لحوارات مهمة اشتملت على الخصوص جهود الهيئات والمنظمات الدولية في الحد من انتهاك حقوق الملكية الفكرية ومكافحة الغش التجاري، والإستراتيجيات المتكاملة في مواجهة ظاهرة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية، والمواصفات والجودة في التشريع والتطبيق، إضافة إلى استعراض تجارب عربية وعالمية ناجحة في التصدي للظاهرة.
وكذلك تعزيز القوانين المطبقة في الدول العربية للحد من تفاقم الظاهرة في بعض الأسواق العربية، وتحديد الإمكانيات المرصودة في كل بلد لمحاربة الظاهرة ودعم توجهاتها بالتعاون مع المنظمات العالمية والمحلية.
وتتجلى فعالية هذا المنتدى من خلال تشكيل لجنة عليا يلعب فيها القطاع الخاص دورًا رئيسيًا من أجل تطوير دور التحسيس والتوعية بمخاطر الغش التجاري والتقليد، والعمل على ربط المنافذ الجمركية لتبادل المعلومات ، إضافة إلى عقد دورات تدريبية لفائدة رجال الجمارك.
وقد تم تثمين توصيات هذا المنتدى من قبل المديرين العامين لجمارك دول جامعة الدول العربية في اجتماعهم المنعقد بمراكش يوم 30/01/2014م، لما لها من أهمية في الدفع إلى نهج سياسات مشتركة لمحاربة ظاهرة الغش التجاري، تنبني على نفس الأهداف وتعتمد على نفس الوسائل وتستفيد من تبادل التجارب والمعلومات بين دول المنطقة.
تطلعات ومقترحات
- كيف تتطلعون لدور المنتدى العربي الرابع المزمع عقده بالرياض في التصدي للغش التجاري والتقليد وانتهاك حقوق الملكية الفكرية؟
- لقد أدت التطورات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، بالإضافة إلى الثورة التكنولوجية إلى ظهور تحديات أكبر على صعيد التجارة العالمية مما سيعطي المنتدى العربي الرابع المزمع عقده بالرياض، سمة خاصة يجب أن تتجلى في تبني منهجيات مستجدة في مجال المراقبة وتحليل المخاطر، وتفعيل الشراكة وتبادل الخبرات فيما بين الإدارات الجمركية العربية، والحثّ على تفعيل الشق الجنائي لقضايا الغش التجاري والتقليد وانتهاك حقوق الملكية في عموم الدول العربية.
كما أدت إلى ملاءمة التشريع الجمركي العربي مع المعايير الدولية في هذا المجال وإعطاء دور أكبر للجمارك، والتعاون مع الإدارات الجمركية الأجنبية والمنظمات المعنية وعقد دورات تحسيسية، وذلك للتوعية وتفسير المساطر والإجراءات ولدراسة المشاكل المترتبة عن استعمال هذه الإجراءات، وتشديد الرقابة على المواقع الإلكترونية التي تروّج للسلع المقلّدة، ووضع قاعدة موحدة للبيانات من أجل تبادل المعلومات.
- هل ترون أن الجمارك والجهات الرقابية في الدول العربية تحتاج مزيدًا من التشريعات لمكافحة الغش التجاري وانتهاك حقوق الملكية الفكرية؟
- يمكن اعتبار أن الترسانة القانونية لمكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية في معظم دول العالم العربي ما زالت تحتاج إلى أن تتم تقويتها من أجل توفير حماية ناجعة لذوي الحقوق، حيث أصبح من الضروري أن يولي المشرع العربي اهتماماً خاصاً للقوانين الرادعة لانتهاك حقوق الملكية الفكرية.. ويتضح ذلك جلياً في الفراغ القانوني وبخاصة الشق الجنائي المتعلق بالعقوبات المطبقة على منتهكي حقوق الملكية الفكرية.
إلا أن لبعض دول العالم العربي تجارب رائدة في هذا المجال، ومن جملتها المملكة العربية السعودية، وفيما يخص المغرب فقد عملنا على تفعيل وتحديث قوانين ونظم حماية حقوق الملكية الصناعية، من أجل تدخل جمركي أكثر فعالية بواسطة التدابير الوقائية إضافة إلى الإجراءات الزجرية التي تخوّلها القوانين الجمركية بعد تصنيف التزييف كمخالفة جمركية.
تفاعل المغرب
- كيف تكافحون مظاهر الغش التجاري وانتهاك حقوق الملكية الفكرية في الجمارك لديكم؟
- تفاعل المغرب منذ بداية الألفية الثالثة، وعلى غرار الدول الكبرى مع المعطيات العالمية الجديدة، وبخاصة ظاهرة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية، مما دفع إلى إحداث إطار قانوني يسعى من خلاله إلى الحد من تداعيات هذه الظاهرة على الاقتصاد والمجتمع المغربي، ويتمثّل هذا الإطار القانوني في حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وحقوق الملكية الصناعية والتجارية.
وفي إطار تعديل هذين القانونين سنة 2006م أصبحت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة مؤهلة لإيقاف التداول الحر للسلع المشكوك في كونها سلعاً مزيفة أو مقلدة.. ويقتصر هذا الإجراء على مواجهة تزييف العلامات المسجلة، ويهم جميع مراحل الاستخلاص الجمركي: الاستيراد والتصدير والعبور.
وفي السياق نفسه، تم في إطار قانون المالية لسنة 2014م تعديل نص المادة 285 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، حيث يهدف هذا التعديل لإرساء مراقبة فعّالة بتخويل إدارة الجمارك الوسائل الكفيلة لمحاربة التقليد عند استيراد البضائع وسلطات تمكّنها من حماية المستهلك ومحاربة هذا الشكل من المنافسة غير الشريفة.
ويتم تفعيل هذا الإجراء بناء على طلب من مالك العلامة أو صاحب الحق الاستئثاري أو بصفة تلقائية أو بناء على أمر قضائي.. وتعمل الجمارك المغربية على استهداف البضائع بناء على تحليل المعطيات أو بناء على معلومات بهدف فحص البضائع، وعند ثبوت أفعال التزييف يتم إثبات مخالفة جمركية بواسطة محاضر.
كلمة في ختام هذا الحوار؟
- أشكر الجمارك السعودية على هذه المبادرة، التي أصبحت مرجعاً في مجال مكافحة الغش التجاري والتزييف، وعلى ما أسفرت عنه الملتقيات السابقة من توصيات مهمة تساعد ولا شك كل العاملين في هذا المجال على جعل تدخل الجمارك أكثر فعالية والمساهمة بشكل كبير في حماية المستهلك وصيانة حقوق المبدعين..كما أتمنى للدورة الرابعة كامل النجاح والتوفيق.
** ** **
زهير الشرفي.. في سطور:
- الدكتور زهير الشرفي رئيس مجلس منظمة الجمارك العالمية، المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بالمملكة المغربية الشقيقة.
- خريج جامعة كرونوبل حيث حصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية سنة 1985.
بعد أن قضى سنتين في المفتشية العامة للمالية، كانت أهم مراحل مساره المهني في مديرية الخزينة والمالية الخارجية التي شغل بها مناصب عديدة، وتقلّد من خلال ذلك عدة مهام ذات العلاقة بالسياسة المالية والإشكاليات الماكرو اقتصادية وتدبير الدَّين وتوفير التمويلات الخارجية.
- خلال سنوات التسعينيات لعب دورًا مهمًا في التغييرات التي طالت المجال المالي المغربي من ذلك ما يتعلق بالقانون البنكي وميثاق بنك المغرب وطلبات رؤوس الأموال.
- تقلّد منصب مدير الخزينة والمالية الخارجية منذ سنة 2003، إلى أن عُين في شهر مايو 2010 مديرًا عامًا لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
وبالموازاة مع هذه المسؤوليات زاول السيد الشرفي مهام أخرى كمتصرف على مستوى العديد من المؤسسات كبنك المغرب والبنك المركزي الشعبي والقرض الفلاحي وصندوق التجهيز الجماعي وصندوق الضمان المركزي ومجلس القيم المنقولة والبنك العربي لتنمية إفريقيا والشركة المغربية الإماراتية (SOMED)..
- شارك في المفاوضات المتعلقة بإبرام عدة اتفاقيات بين المملكة المغربية وبعض شركائها كاتفاقية الشراكة المغربية - الأوروبية واتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض اتفاقيات التبادل الحر مع الدول العربية..
- شغل أيضًا مهمة نائب رئيس المنظمة العالمية للجمارك لمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأدنى والأوسط منذ توليه منصب مدير عام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة سنة 2010.
- في يونيو 2014 تم انتخاب السيد زهير الشرفي رئيسًا لمجلس المنظمة العالمية للجمارك.