مع إعلان المملكة العربية السعودية ودول التحالف العربي لإطلاق عملية إعادة الأمل اتضحت الغاية الأسمى لعملية عاصفة الحزم التي دشنت فعلياً لمرحلة تاريخية من إعادة البناء لليمن بعد مرور عقود طويلة من تبديد الموارد الاقتصادية للشعب اليمني نتيجة سوء إدارة الحكومة اليمنية لتلك الموارد والمساعدات الخارجية التي كانت رافداً من روافد الاقتصاد في اليمن.
انطلاق عملية إعادة الأمل هي استمرار لمراحل أخرى سابقة تقدمت فيها المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ الذي صنع علاقة وثيقة مع الجارة اليمن على أساس الدين والجوار، ولم يكن تأسيس مجلس التنسيق السعودي اليمني في 4 اغسطس 1975م بمدينة جدة إلا إطاراً عملياً لتأكيد علاقة المملكة باليمن ودعم الشعب اليمني اقتصاديا ومساهمة فاعلة تجاه التنمية على مختلف الأصعدة الاجتماعية والتعليمية والصحية والإدارية.
مضت أربعون عاماً على الارتباط بين الرياض والشعب اليمني الذي حصل على مشروعات حيوية عديدة من السعودية، لكن هذه المشروعات تأثرت دائماً بفساد الحكومة اليمنية التي حالت دائما دون أن يستفيد الشعب اليمني من المساعدات والهبات السعودية والخليجية، ووقف النظام السابق حائلاً دون تحقيق العديد من الشراكات الاستثمارية المؤثرة في اليمن وعلى رأسها الاستثمار في قطاع البترول، فلقد كان عدد من المستثمرين السعوديين على وشك توقيع اتفاقيات كبيرة لجذب شركات أجنبية كبرى للاستثمار في هذا الجانب غير أن الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح ومتنفذين معه حالوا دون الوصول إلى هكذا استثمارات كانت ستضخ للميزانية اليمنية تدفقات مالية ضخمة وستوفر مجالات واسعة لتشغيل القوى العاملة في اليمن.
ولأن الاستقرار الأمني مرتبط ارتباطا وثيقا بالمنظومة الاقتصادية على المستوى العالمي، وبسبب ما تشهده المنطقة من تطورات وتحولات متسارعة في اليمن ومن تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية كان التدخل العسكري للتحالف الخليجي والعربي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مطلبا ملحا لضرب معاقل الحوثيين في معقلهم والقضاء عليهم.
والآن، ومع بداية عملية «إعادة الامل»، بات واضحا أن المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- حريصة على تحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي لليمن.
فحكام المملكة والدول الخليجية والعربية ينظرون للوضع الراهن في اليمن بعين ثاقبة وحنكة لإيجاد الحلول المناسبة برؤية حكيمة دون أي تدخلات خارجية كشأن داخلي للمنطقة بما يكفل تحقيق إعادة الاستقرار والأمن في اليمن والحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدته الإقليمية والوطنية وصولاً إلى تحقيق أهدافه التنموية.
إن تحقيق الترابط الاقتصادي في المنطقة يكمن في ضرورة استكمال مسيرة التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي وذلك من خلال تضافر جهود الجهات المختصة في هذه الدول للانتقال إلى المرحلة الأخيرة وهي «الوحدة الاقتصادية» الشاملة، التي تسعى الدول الأعضاء من خلالها الى توحيد كل ما يتعلق بالمقومات الاقتصادية لدولهم والرقي بها مثل توحيد الأنظمة والإجراءات التي تتعلق بشعوب دول مجلس التعاون، وتوحيد العملة وبطاقة الهوية وتوحيد إصدار التأشيرات في زيارة أو دخول أي دولة من دول المجلس، وغيرها من الإجراءات، لكي تأخذ مجموعة دول مجلس التعاون الصفة الاعتبارية التي وصلت إليها مجموعة دول الاتحاد الأوروبي خاصةً وان مقومات الوحدة الاقتصادية لدينا أقوى من دول الاتحاد الأوروبي وأن الفوارق ضئيلة جداً بين دول مجلس التعاون. ومتى تم الرقي بمسيرة تحقيق الوحدة الاقتصادية لدول مجلس التعاون فإنه سينعكس إيجابياً على دول المنطقة، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تعزيز وتقوية التجارة البينية داخل دول المنطقة؛ بهكذا توجهات ستكون دول المنطقة أكثر استقراراً اقتصادياً وسياسياً.
قراءة/ هاني مسهور - خبير في الشؤون اليمنية