مهم للغاية ما أثارته الأستاذة رقية الهويرني في مقالها المنشور في يوم الأحد 26 أبريل 2015م والذي حمل العنوان (تزايد العنف الأسري.. ما الحل؟) في عمودها المنشود، ويشرفني أن أضع تعليقي على المقال:
تعتبر ظاهرة العنف من الظواهر القديمة في المجتمعات الإنسانية، فهي قديمة قدم الإنسان الذي ارتبط ومازال يرتبط بروابط اجتماعية مع الوسط الذي فيه يؤثر وبه يتأثر، إلا أن مظاهره واشكاله تطورت وتنوعت بأنواع جديدة فأصبح منها: العنف السياسي، والعنف الديني والعنف الأسري الذي تنوع وانقسم هو أيضاً إلى العنف الأسري ضد المرأة - العنف الأسري ضد الأطفال -العنف الأسري ضد المسنين.
كما أن ازدياد انتشاره أصبح أمراً مثيراً للدهشة سواء على مستوى العالم أم على مستوى الوطن خصوصاً في فترة التسعينيات بعد انتشار الفضائيات والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. لذلك أصبح من الأهمية بمكان تناول ظاهرة العنف باعتباره أحد ملامح العنف الذي يؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع وتكوينه، وذلك لأن ظاهرة العنف تعتبر مشكلة اقتصادية لما ينجم عنه من خسائر مادية كبيرة ويعد أيضاً مشكلة علمية لأنه إذا وجد هذا السلوك العنيف دل على عجز العلم والإنسان عن تقديم فهم واقعي سليم للسلوك الانساني، كذلك يعتبر مشكلة مرضية لأنه يعد عرضاً من أعراض المرض الاجتماعي وهو مشكلة اجتماعية من حيث كونه مظهراً لسلوك منحرف لدى الفرد. ولذلك فقد تناولته المجتمعات بالبحث في جميع المجالات. وقد عرف العنف لغوياً:
(بأنه الخرق بالأمر وقلة الرفق به، وهو ضد الرفق وأعنف الشيء. أي أخذه بشدة، والتعنيف هو التقريع واللوم). وعرف في العلوم الاجتماعية بأنه « استخدام الضبط أو القوة استخداماً غير مشروع أو غير مطابق للقانون من شأنه التأثير على إرادة فرد ما».
وتقسم الأسباب للعنف إلى ثلاثة أقسام هي: أولاً: أسباب ذاتية ترجع إلى شخصية القائم بالعنف كأن يكون لديه خلل في الشخصية بمعاناته من اضطرابات نفسية أو تعاطي المسكرات والمخدرات، أو يكون لديه مرض عقلي.
ثانياً: أسباب الاجتماعية الظروف الأسرية التي يقوم بها القائم بالعنف التي ربما تتمثل في الظروف الاجتماعية الاقتصادية، مثل الفقر أو الدخل الضعيف الذي لا يكفي المتطلبات الأسرية أو حالة المسكن أو المنطقة التي يعيش فيها أو نمط الحياة الأسرية بشكل عام، كثرة، المشاحنات نتيجة للضغوط،المحيطة أو عدم التوافق الزواجي، كذلك المستوى الثقافي وكيفية قضاء وقت الفراغ، والمستوى العلمي لأفراد الأسرة ونوع المهنة التي يقوم بها القائم بالعنف. ثالثاً: أسباب مجتمعية كالعنف المنتشر والأحداث العربية والعالمية التي تنقل عبر الفضائيات والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي فالتغييرات التي تحدث في المجتمع الكبير تنتقل وبشكل غير مباشر إلى المجتمعات الصغيرة.
أما الاقتراحات للعلاج:
1 - تكوين مؤسسات تهتم بشؤون الأسرة توفر أماكن للمعنفين الذين لا يقبل أهاليهم الرجوع إليهم ويكون بهذه المؤسسات أخصائيون اجتماعيون وأخصائيون نفسيون قادرون على العلاج النفسي وقانونيون للعمل على توضيح الحقوق القانونية للمعنفين والدفاع عنهم كذلك يكون لهذه المؤسسات فروع مكاتب للإرشاد والتوجيه في مجال الأسرة وتعمل على نشر الوعي بين الأهالي لأهمية استقرار الأسرة.
2 - الحد تدريجيا من استخدام العقاب البدني للأطفال ومحاولة الوصول إلى طرق أخرى للعقاب بدلا من الضرب كالحرمان من الأشياء المرغوبة للطفل على ألا تكون من الأشياء الأساسية.
3 - منع الأطفال من مشاهدة العنف المعروض في الشاشات.
4 - الإقلال من الضغوط التي تقع على عاتق الفرد والأسرة والتي تخلق الكثير من الخلافات داخل الأسرة.
5 - القضاء على البطالة والفقر وتوافر رعاية صحية أسرية لافراد المجتمع.
6 - نشر الوعي بين أفراد المجتمع من العمل على تزويد الأفراد بمعلومات كافية وصحيحة حول مدى انتشار العنف الأسري ودوافعه وسبل التعامل الفعال مع مرتكبيه.
7 - نشر الوعي بين الناس بكيفية تحكم الفرد في دفعاته العنيفة وكيفية تجنبه الوقوع في تصرفات تتسم بالعنف.
ريما المقبل - الرياض - باحثة اجتماعية