وظيفة الداعية من أسمى الوظائف والمهام الشرعية الدينية، ولقد خصها الله تعالى في كتابه العزيز تعظيماً وتقديراً لحامليها والقائمين بأدوارها في قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فصلت 33. ولذا كان الهدف الريادي والسامي من إرسال الأنبياء والرسل هو الدعوة إلى الله تعالى: {رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} النساء 164. وقد أفاض أهل العلم في شروط الدعاة وآداب الدعوة ولعل آخر المؤثرين تاريخياً الشيخ محمد بن عبدالوهاب 1115 - 1206هـ الذي جاء في كتابه الأصول الثلاثة أربع مسائل يجب تعلمها وجوب العلم والعمل به والدعوة والصبر على الأذى.
ولأن الأزمان والظروف تبدلت، صار الناس أحوج إلى تنظيم الشئون الدينية، وتصنيف وظائفها ومهامها، ومن صور ذلك في وقتنا المعاصر ما تقوم به المملكة في تنظيم شؤون الدولة بجعل كل وزارة تقوم بمهام وأهداف محددة مثل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف، ووزارة العدل، وهيئة كبار العلماء، وغيرها من الأجهزة المتعلقة بالشؤون الدينية، وبالرغم من هذه الجهود ترى هناك تجاوزات من وقت إلى آخر ومن مسجد إلى مسجد ومن منبر إلى منبر من بعض الإخوة الوافدين من الدول العربية والإسلامية رغم أنهم أتوا بمسميات مهن أخرى، فترى بعضهم أصبح إماماً للمسجد والآخر مؤذن وكأننا أصبحنا مكتفين ولم يعد لدينا أئمة أكفاء من أبناء الوطن أو مؤذنين أو مترقبين لمزايا بعض المساجد من سكن وخلافه، مع التأكيد أن الخير والصلاح ليس له علاقة بجنس أو لون أو انتماء، فالكرامة عند الله تعود للتقوى، والرفعة تكون لأهل العلم، إنما المقصود قد يكون باب خطير لاستغلالها في جمع المال أو التباهي بالعلم أو تسويق نفسه بأنه راق أو مفسر أو عالم كما قال تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ}.
كتب زميلان بأسلوبهما في صحيفة الحياة عبدالرحمن اللاحم بعنوان: (تأشيرة داعية) الجمعة، 20مارس/ آذار 2015م وداود الشريان بعنوان: (أضعف الإيمان -العرعور أنموذجاً -) الاثنين، 23مارس/ آذار 2015م، ونوها بضرورة تقييد القيام بالدعوة للوافدين وذلك خشية توظيفها في أعمال غامضة تحت غطاء ديني دعوي، وهنا لا بد من حصر القائمين المتعاونين مع وزارة الشؤون الإسلامية والتأكيد على أئمة المساجد بعدم الإذن لأحد بالقيام بأنشطة دعوية في المساجد دون انتسابه للوزارة أو مرخص له، بالإضافة إلى تخصيص أرقام لتلقي الملاحظات حال وجود أي مستغل أو ممتهن وظيفة غير نظامية سواء كان عن طريق وزارة الداخلية أو وزارة العمل.