إشارة إلى تناول الكاتب الأستاذ سعد الدوسري عبر زاويته الشهيرة (بالاتجاه الأبيض), في العدد رقم ( 15535)، الصادر في يوم السبت الموافق 11 أبريل نيسان 2015م تحت عنوان (شهوات الإعلام الرياضي ).. تحدث في سياق مقالته الاجتماعية عن واقع إعلامنا الرياضي.. مشيرا إلى أنه من الصعوبة أن يكون لدينا إعلام رياضي موضوعي.. في ظل سقوطه في دوائر التعصب والتطرف والإساءة وتشويه القيم.. الخ.
-وتعليقا على ماتطرق إليه الكاتب القدير في هذا الموضوع.. أقول ومن نافلة القول: إن الإعلام الرياضي كفرع من فروع الإعلام له نظرياته وأبحاثه ومقوماته العلمية يقوم بنشر الأخبار و المعلومات والأحداث والحقائق المتعلقة بالقضايا والمشكلات الرياضية للمجتمع وإفراده بكل موضوعية وأمانة وحيادية,كما أن من أهدافه المهنية. تنمية الوعي الرياضي وتعزيز روح المنافسة الشريفة وتشجيع الأخلاق الرياضية وغاياتها السامية, وتشكيل رأي عام صائب يسهم في البناء الرياضي وتطويره بعيدا عن الممارسات المناهضة للقيم، والتجاوزات المخالفة للقواعد المهنية والأعراف الإعلامية، ومعروف أن من يعمل في صالون الإعلام ووسائله المختلفة ينبغي أن يتحلى بالأمانة والموضوعية، والتمسك بأهداب الصدق والنزاهة والوضوح والحياد.. انطلاقا من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين} -سورة التوبة- الآية 119, غير أن واقع (إعلامنا الرياضي ) في الصحافة الورقية والإلكترونية، والبرامج التلفزيونية والإذاعية يعيش في وقتنا الحالي أزمة قيم ووعي وثقافة في ما يكتب ويطرح ويبث فضائيا.. وفي طريقة التعاطي والتفاعل مع الأحداث والقضايا الرياضية.. فمانشاهده في (بعض) وسائل الإعلام الرياضي ممايطلق عليها حوارات إعلامية رياضية هي في حقيقتها ليست حوارات, إنما منابر تؤجج الرأي العام الرياضي وتنشر ثقافة التعصب المقيت والإقصاء الفكري ومفردات الكراهية وإشعال فتيل المشاحنات المهزومة، والصراعات المناهضة للقيم والمعايير الاجتماعية والأخلاقية والدينية التي تؤثر على سلوك وثقافة ووعي الفرد والأسرة والمجتمع بشكل عام، وبدلا من أن تكون الرياضة للتسلية والترفيه والمنافسة الشريفة.. انقلبت ومع ارتفاع هرمون التعصب الفكري في المجتمع الكروي.. إلى ساحات لتصدير بضاعة الإقصاء الفكري, وتكريس ثقافة التطرف الرياضي وبث الأكاذيب ونشرالكراهية والعنصرية..صنعها إعلام رياضي غير متزن.. انحدر بلغته الهابطة إلى مستوى يدعو إلى الاشمئزاز والسخرية والتّحسر إلى ماوصل إليه حال إعلامنا الرياضي.. إعلام محتقن.. فاقد توازنه المهني، واعتداله القيمي.. لم يستوعب أهمية الرسالة الإعلامية وغاياتها السامية..ومنطلقاتها الحضارية.. إعلام وجد- مع الأسف - المجال أمامه مفتوحا على مصراعيه وتحديدا..في (قنوات) ابحثوا عن الأطول لسانا والأكثر شتما من رواد التعصب الميت, وكبار المهرجين الذين لايخجلون في الظهوركممثلين ومدافعين لأنديتهم حتى وهم يعرفون أنهم يسيرون عكس التيار المهني في ظل غياب حارس البوابة الإعلامية..!! وهي قنوات رياضية تهدف للإثارة الممجوجة.. وكسب أكبر عدد ممكن من المتابعين والمشاهدين حتى لو كان على حساب شرف الكلمة وأخلاقيات المهنة..! وربما يلاحظ الكثير وخلال السنوات الأخيرة كيف اتسعت دائرة مجتمعنا الرياضي.. لتصبح بيئة خصبة للقذف والشتائم والإساءة والغوغائية ونشر التعصب والتطرف الرياضي والعنصرية البغيضة بسبب الإعلام الرياضي المحتقن.. فضلا عماوصلت إليه الكرة السعودية من انحدار خطير في التصنيف العالمي الأخير بصورة مخجلة لكون الإعلام الرياضي شريكا في هذه الأزمة الحقيقية للرياضة السعودية.. وفي طريقة تعاطيه للأحداث بفكر غير موضوعي.. وثقافة غير واعية.. لاتخدم الحركة التطويرية للرياضة السعودية.. وفي هذا السياق نتفق مع الزميل الأستاذ (سعد الدوسري).. نحن لانريد الإعلام الرياضي أن يناقش معاهدة المياه بين مصر والسودان وإثيوبيا!؟ أو يتابع الانتخابات في تل أبيب..!؟ فمن الصعوبة بمكان.. إيجاد إعلام رياضي موضوعي أو افلاطوني في كل أطروحاته ومناقشاته للقضايا والهموم والظواهر الرياضية في أي مجتمع، ولكن ينبغي إعادة صياغة وصيانة الخطاب الإعلامي الرياضي، و رفع عمود الوسطية والاعتدالية في التعاطي المهني, والارتقاء بفكر وثقافة المتابع, وهذا لن يتأتى إلا بتفعيل مذكرة التفاهم بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني التي وقعت واتفقت في16 - صفر 1429هـ الموافق 23 - فبراير 2008م ونصَّت موادها.. على العمل على تعزيز ونشر ثقافة الحوار بين فئات المجتمع الشبابي والرياضي, ووضع وتنفيذ برامج تدريبية إستراتيجية لنشر ثقافة الحوار والتسامح والوسطية والاعتدال, والتعاون في المجالات الإعلامية بين المركز والرئاسة العامة لرعاية الشباب في نشر ثقافة الحوار بين فئات الشباب والرياضيين, والمشاركة في إقامة لقاءات علمية وندوات ثقافية وملتقيات حوارية بناءة في مجالي الشباب والرياضة، تساهم في تأصيل وتفصيل الحوارات التي تُنشر عبر المنابر الإعلامية والارتقاء بالخطاب الإعلامي الرشيد وضبط توازنه, مع ضرورة تأسيس «اتحاد للإعلام الرياضي»، يقوم بالدور الرقابي، ويسهم بوعي في تشكيل الرأي العام الرياضي المستنير، وصياغة توجهاته، وتحديد خياراته، والتأثيالإيجابيّ على الوعي الجماهيري، والنسق القيمي، والعمل على تنقية الأجواء الرياضيَّة ونشر المبادئ الأخلاقيَّة، ونبذ التعصب المقيت وإرساء مناخ رياضي سليم بمصداقية وموضوعية.
ومضة:
- يقول رئيس الاتحاد الدولي للصحافة الرياضيَّة الإيطالي -سابقًا- (حياني بيرولو): «إن استخدام مناهج البحث العلمي والحقائق والأرقام.. يقلِّل من الآراء المتعصبة».
خالد الدوس - باحث اجتماعي
kaldous1@