نتألم حين نعجز عن البوح عمَّا في دواخلنا.. نتألم في لحظات اشتياقنا لأحبابنا... ونتألم في لحظات وداعنا لهم..
نتألم حين نسمع في وسائل الإعلام حوادث مفجعة على المستوى الاجتماعي...
فما أطيب قلوبنا.. وما أرق مشاعرنا..
ولكن هلا توقفنا قليلاً ونظرنا إلى أنفسنا.. وإلى أي معنى للإنسانية نحمله بهذه المشاعر..
وهل أدت مشاعرنا دورها لرياحين الحياة.. وفلذات الأكباد.. وعماد المستقبل.. وأمل الأمة...
هلا أعطيناهم حقوقهم من هذه المشاعر.. وهل منحناهم جزءاً من وقتنا..
لقد أصبحنا في زمن تشابهت فيه همومنا
فبات هم الأب أن يمتلك بيتاً فارهاً.. وبات هم الأم أن تفخر بحلتها وأثاث منزلها..
وبات هم مربي الأجيال وصانع الأفذاذ النقل والترقية..
بل أصبح بند 105 هو حكاية الزمان..
واتفقنا جميعاً أننا مشغولون بمتطلبات الحياة حتى أصبحت كلمة «مشغول» من أسمى علامات الكبار ورجالات الأعمال، بل بات الاعتذار بمشغول وعدم الرد سمة من سمات الشخصية المهمة.
ولم نفكر بعاقبة تساهلنا وإهمالنا فيمن يحتاج إلينا..
بل لم يخطر ببالنا أن تجاهلنا قد يؤدي إلى مخاطر كثيرة لمن ساقه الله إلينا واختارنا لنمد يد العون له ولو بكلمة قد لا نلقي لها بالاً قد تغيّر مجرى حياته...
وحين لم يجدوا من يستمع إليهم.. ويحتويهم.. ويشاركهم.. بحثوا عن البديل... وما أيسر طريقة حتى انتهوا بما لا يحمد عقباه..
فلطالما حقرنا من شأن من يبوح إلينا.. ولطالما سخرنا منهم ولم نفكر بأن كل شخص يرى همه هو الأكبر، ولم نفكر بأننا قادرون على أن نملأ حياتهم بمشاعرنا المهدرة..
لذا فإننا جميعا بحاجة إلى أن نقف مع أنفسنا قليلاً ونراجع حق الله علينا في أبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا ومن له حق علينا مهما كبر أو صغر..
ولنتذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أنفعهم للناس)، بل إن (من قضى حاجة أخيه قضى الله حاجته)
ولعل باباً إلى الجنة يفتح لنا بسرور ندخله على قلب من يحتاج إلينا ويطلب تثبيتنا ومساعدتنا المعنوية قبل المادية.
إننا نحتاج أن نكون يداً بيد لنعيد ثقافة المسؤولية المجتمعية وثقافة الوقاية من المخاطر.. وننهي عقد الإهمال واللا مبالاة في حياتنا لنحمي سياج المجتمع في كل مكان.
إننا نحتاج أن نؤدي زكاة قلوبنا بالود.. باللطف.. بالتعاون.. ولنسخر لهم من وقتنا لو قليلاً..
ولنثق بأن ميزة الناجحين هي قدرتهم على المشاركة.. وسر التوفيق يكمن في.. «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».