سوء الظن طريق ممهد للشك بين الناس، وهي خصلة مذمومة يتصف بها بعض الأشخاص. وفي معجم المعاني ظنَّ - ظنَّ بـ ظَنَنْتُ، يَظُنّ، اظْنُنْ ، ظَنًّا، فهو ظانّ، والمفعول مَظْنون. والظن نوعان هما سوء ظن الذي يؤاخذ به صاحبه، وسوء الظن الذي لا يؤاخذ به صاحبه. وتعريف سوء الظن: اعتقاد جانب الشّرّ وترجيحه على جانب الخير فيما يحتمل الأمرين معاً. وعكس سوء الظن، حسن الظن. لماذا تنتشر إساءة الظن في المجتمع؟ سؤال يطرح نفسه كثيراً لكن الإجابات متباينة. تري هل الابتعاد عن تعاليم الإسلام وعدم الثقة بالآخرين والذي سببه الشك والريبة يؤدي إلى سوء الظن؟ هذا سبب من أسباب سوء الظن. أضف إلى ذلك الأفكار السلبية التي يتحلّى بها بعض الناس فتجده يرمي التهم على هذا وذاك دون مراعاة للواقع والابتعاد عن القيم الاجتماعية.
قال الشافعي رحمه الله:
لِسَانَكَ لا تَذْكُرْ بِهِ عَورَةَ امرئ
فَكلُّكَ عَوْرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ
وَعَينكَ إنْ أَبْدَتْ إَلَيكَ مَعَايِباً
فَصُنْهَا وَقُلْ يَاعَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْينُ
أحار كثيراً وأتساءل أكثر لماذا البعض يسيء الظن مع العلم أن حسن الظن هو الصحيح. والقاعدة التي أعرفها أحسن الظن إلا أن يثبت العكس. إن سوء الظن حوّل حياة أسر (عوائل) مستقرة إلى جحيم من سوء الظن والنتيجة التباعد والتنافر وعدم الاستقرار. هذا ينسحب بين الأصدقاء والموظفين وزملاء العمل. هناك من يقول الظن والشك وجهان لعملة واحده وهذا القول غير صحيح، حيث إن الظن له احتمالات أما الشك فاحتمال واحد، إذن فالفرق بين الظن والشك في الاصطلاح أن الظن يطلق على ما كان راجحاً من الاحتمالين، والشك يطلق على ما استوى طرفاه ولم يترجح أحدهما على الآخر. في مجتمعنا منتشر سوء الظن وهو من الأخلاق السيئة، والصفات المذمومة، طبعاً، وشرعاً، واجتماعياً، وفي هذا يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اجْتَنِبُوا كثيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}، وسوء الظن من أشد الآفات فتكًا بالأفراد والمجتمع. ألم يعلم أولئك أصحاب سوء الظن أن بعض الظن إثم، أليس الإثم الذنب الذي يستحق صاحبه العقاب، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظنَّ أكذبُ الحديث»، فالواجب ألاَّ يعتمد على مجرد الظن، فيعمل به، أو يتكلم بحسبه.
من المؤسف أن هناك من يبني على سوء الظن، أليس من الأحرى أن لا يتسرّع بالأحكام وأن لا يسيء التحليل، بل يتيقن ولا يحكم على النيّات والسرائر والله تعالى يقول : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات 6). واستناداً إلى دراسات نفسية واجتماعية متخصصة في هذا الشأن، يبين مختصون أن ظاهرة سوء الظن، من الناحيتين السيكولوجية والسيسيولوجية بمجمل تأثيراتها على الفرد والمجتمع هي ظاهرة خطيرة، و»فيروس يحطم جهاز المناعة لدى المجتمعات والأفراد. لسنا بحاجة إلى فيروس جديد كفانا فهناك فيروسات كثيرة نعرفها ونجهلها.
أخيراً حسن الظن وسوء الظن نهران يجريان هذا ماؤه عذب وهذا ماؤه أجاج، فمن يروي الظمأ يا من يسيء الظن بالآخرين وربما تسيء الظن بنفسك وتشرب من نهر الأجاج. همسة في أذن من يحمل في قلبه سوء ظن، أنت مريض في قلبك ابحث عن العلاج الشافي بإذن الله ستجده في القرآن الكريم.