سمِعنا وقرأنا الكثير عن تعثّر مئات المشاريع التي تمنع المواطن من الاستفادة من المنجزات التي تسعى الدولة بإنفاقها السخي على المشروعات لتحقيقها، وأسباب التعثر معروفة ومنها قلة المهندسين السعوديين الذين يقومون بالإشراف والمتابعة. والتعثر يأخذ أشكالاً كثيرة في تفاصيل حياتنا اليومية، ومن المسميات التي نطلقها في مجتمعنا على التعثر خَطَأ؛ زَلّة؛ سَقْطَة؛ عَثْرَة؛ كَبْوَة؛ هَفْوَة، وهذا نموذج للتعثر العروس تتعثر بِأَذْيَالِ فُسْتَانِهَا: بَعْدَ تَعَلُّقِ أَحَدِ رِجْلَيْهَا.
المدير يتعثر مع نفسه ومع مرؤوسيه. ترى هل المدير المتعثر هو المدير الفاشل؟ أم أنهما يختلفان لكنهما يتفقان في محاور كثيرة. كيف يتعثر المدير؟ المدراء الناجحون هم الذين يسيرون في الاتجاه الصحيح بناء على رؤية واضحة واستراتيجية قادرة على تحقيق الأهداف. أما المدير المُتعثر فهو الذي يتعثر في قيادة الآخرين، وممارسة الإدارة الصحيحة، ويسير عكس اتجاه بوصلة التخطيط ولا يهتم بالإشراف والمتابعة. المدير المتعثر هو الذي يؤمن بالمحسوبية والواسطة يعين موظفين وموظفات غير أكفاء فتغرق السفينة حين يفشل بالوصول إلى بر الأمان. المدير المتعثر هو الذي يؤمن بالتطفيش والتوتر والتهديد والتخويف من العقاب والإنذار والحسم من الراتب وعدم الترقية والحرمان من العلاوة والانتدابات.
المدير المتعثر تجد جميع مشاريعه الإنمائية متعثرة، وهو الذي يساهم بتعثر المشاريع بسبب قرارته المتعثرة التي تدور حول نفسه. كذلك يعثر موظفيه في التدرج في السلم الوظيفي فكيف ترجو من متعثر أن لا يعثِرك. المدير المتعثر هو الذي يساهم في خسارة المؤسسة أو الشركة، ويساهم في تدهور الوضع التنافسي ويراعي مصالح الجهة التي يعمل بها. ترى متي ينتهي تعثر المدراء؟ متي نطوي صفحة المدراء المتعثرين في أجهزتنا الحكومية لكي لا نرى ونسمع ونقرأ عن مشاريع متعثرة.
إن نسبة المشاريع المتعثرة تصل إلى 60% من حجم المشاريع المقامة في المملكة، وتتكبد الدولة خسائر تقدر بنحو تريليون ريال بنسبة تصل إلى 25% من قيمة المشاريع. هذا التعثر برأيي الشخصي مرده للمدير المتعثر الذي يحيط به منافقون يصفقوا ويهللوا ولا يهمهم أين تتجه البوصلة. فالمدير المتعثر بعيد كل البعد عن توجيهات نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى إجادة العمل, ألسنا المعنيين بقوله «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه؟»
متى نرى قائمة بالمدراء المتعثرين الذين عثروا المشاريع التنموية، قائمة مماثلة لما تصدره الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة». أليس هذا عنصراً مهماً من عناصر التعثر. نريد أن نتخلص من التعثر ونهدم جسر تعثر المدراء الذين يمشون فوقه بكل أريحية. هناك من ينقذ الأشخاص المتعثرين المديونين من البنوك فيسددوا المديونية ويزيدوا الطين بلة، هكذا دائما هناك من ينقذ المتعثرين.
المدراء المتعثرين يعثرون التخلص من المباني الحكومية المستأجرة سواء أكانت مدرسة أو جهة حكومية وغيرة. كيف تصبح السماء زرقاء صافية في النهار متلألئة بالنجوم ليلا إلا حين نتخلص من المدراء المتعثرين الذين تنقصهم الوطنية. أقتبس: العظمة في هذه الحياة ليست في التعثر، ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها»? نيلسون مانديلا
وفي الختام جميل أنْ نُمزّق صفحات التعثر من حياتنا ونطوي الماضي في عهد الملك سلمان، والإنسان المتعثر ليس له مكان في حياتنا وتفاصيلها. وعلى الجهات الحكومية والقطاع الخاص والبنوك وغيرها إما تقويم المدير المتعثر أو فتح أبواب أخرى للسماح له للترجل من حصان التعثر.