حوار - عيسى الحكمي:
تشكل إصابات الرباط الصليبي للركبة الحدث الأهم هذه الأيام في ملاعبنا الكروية، ما يجعلنا نتوقف أمامه بعد أن زادت حدة الإصابات وأنهت موسما أكثر من نجم، لقد أصبحت إصابات الرباط مشهدا يتكرر في كل موسم، وكم من لاعب مؤثر خسرناه بسبب هذه الإصابة التي تحتاج لفترة من العلاج والتأهيل الطويل.
«الجزيرة» بدورها تسلط الضوء على هذا النوع من الإصابات، الأسباب، والعلاج، وطرق الوقاية، وما على اللاعب وعلى النادي وما يجب على المؤسسة الرياضية.
جمعنا أسئلتنا واتجهنا بها إلى استشاري جراحة العظام المعروف الدكتور بشير بن رمضان العنزي الذي بدوره منحنا الوقت والخبرة ليكون الحديث التالي أمام القارئ العزيز:
* تشكل إصابات الرباط الصليبي مع اقتراب الموسم الرياضي من نهايته هاجسا كبيرا في هذا الوسط، ما يجعلنا طبيا نتساءل اليوم عن الأسباب؟.
- في البداية يجب أن نعرف ما هو الرباط.. هو عبارة عن حزمة ألياف من الأنسجة يقع في وسط الركبة ويربط بين عظمتي الفخذ والساق ويتصالب «يتعاكس» مع الرباط التصالبي الخلفي، ويعتبر أهم رباط في الركبة.
وظيفته: منع الساق من الخروج للأمام أو الالتفاف للخارج أو الداخل، هو جزء قوي لكنه معرض للقطع عند حدوث حالات معينة مثل التوقف المفاجئ والجسم يكمل الدوران، هنا يكون كامل الثقل على الرباط بينما الساق ثابتة فيحدث القطع.
ويتابع الدكتور بشير حديثه «تحدث إصابة الرباط في الرياضات التي تعتمد على الالتحام مثل كرة القدم والسلة أو القفز مثل كرة الطائرة لأنها جميعا تشترك في احتمال ثبات الساق والجسم يكمل الدوران.
* بعيداً عن التلاحم بين اللاعبين هل يمكن تصنيف أسباب أخرى لحدوث الإصابة؟
- نعم العملية ترابطية، الملاعب غير الممهدة جيدا سبب رئيسي لكثير من الإصابات ومن بينها الرباط،إذا كان الملعب غير مستو أو به حفر ومناطق نزول وميلان كما هو الحال في ملاعب الاستراحات مثلا يعتبر سببا رئيسيا في توقع حدوث الإصابة.
* وماذا عن العادات الخاصة للرياضي مثل التدخين،ونقص الفيتامينات وخاصة فيتامين D؟
- مثلما ذكرت سابقا، الأمور تترابط، السهر والتدخين وسوء التغذية عوامل تؤثر على العضلات وبالتالي يكون الحمل الأكبر على الأربطة فيجعلها ضمن المسببات لاحتمال حدوث المشكلة لكن الرباط بشكل خاص يحدث عند الالتحامات وثبات الساق، وإذا لم تكن العضلات متزنة القوة فإن الإصابة واردة بدرجة كبيرة.
* وماذا عن نقص فيتامين D الشائع في المملكة؟
- المعروف أن 90% في السعودية مصابون بنقص هذا الفيتامين لعدم تعرض أجسامهم بالكامل للشمس رغم مقولة «أن عندنا الشمس قوية» لكن في الواقع الأجسام لا تتعرض لها وهي بشكل مكشوف، فيتامين D له دور مهم في العظام والعضلات ويدخل في الرباط لكن هل هو السبب الرئيسي للإصابة؟ شخصيا لا أظن لكن ربما نقصه يساعد على حدوثها، وحتى نحدد الدور الصحيح لهذا الفيتامين نحتاج لإجراء دراسة.
* برأيك ما هي الخطوة العلمية لمواجهة خطر إصابة الرباط بشكل خاص والإصابات بشكل عام؟.
- يجب أن تقوم الجهة المعنية «النادي والمؤسسة الرياضية» بإجراء دراسات مجدولة من بداية الموسم وحتى نهايته تتضمن( الفئة العمرية للمصابين بالرباط، قياس فيتامين D، قوة العضلات، الملاعب، توقيت الإصابة) وعندما يشترك المصابون في أحد هذه المعايير يجب وضع الحل الجذري، مثلا إذا كان جميع اللاعبين يشتركون في نقص الفيتامين D يجب فحص جميع اللاعبين، أيضا الملعب الذي تحدث فيه أكثر الإصابات يجب إعادة تأهيله وهكذا مع باقي المعايير.
) 13 حالة رباط حدثت في الفترة وأغلبها مع نهاية الموسم، نعتقد أنه رقم مرعب، ما رأيكم؟.
- الإصابة واردة ولكن الأهم تثقيف اللاعبين بنوعية الإصابات، أعتقد أن الثقافة تحتاج إلى رفع المعدل، اللاعب يجب أن يعرف احتمالات الإصابات التي ستقابله والأسباب وكذلك العلاج ليعود أكثر قوة.
ويتابع: في نهاية الموسم هناك مفاهيم خاطئة تحدث كتقليل التمارين والاعتماد على المباريات، هذا مضر بالعضلات، ويجب على أخصائي العلاج في النادي الحرص على إعطاء الجرعات التي تبقي العضلات متزنة حتى يتم توخي الحذر من إصابة الرباط فالمباريات ليست كافية ومسألة تقليل الأحمال بنهاية الموسم مفهوم ليس دقيقا.
* دكتور العنزي، هل الجراحة هي الحل الوحيد لإصابات الرباط؟
- بدون شك خاصة عندما تتجاوز درجة القطع 50% هنا لا بد من التدخل وخاصة لممارسي كرة القدم، هناك حالات يكون القطع جزئياً وبالتالي مع التأهيل وتقوية العضلات يستطيع اللاعب العودة لكن عندما يكون القطع 50% فما فوق لا بد من الجراحة.
* نسمع التأهيل أهم من العملية، ما دقة هذا الكلام؟
- هذا الكلام صحيح جدا، العملية تنتهي بتثبيت الرباط الجديد أو المرمم لكن المهم التأهيل الصحيح بعد ذلك ولا بد ألا يقل عن 6 أشهر، أنتم مفزوعون من 13 إصابة في الدوري نحن نستقبل من ملاعب الحواري والحوادث أضعاف هذا العدد والمشكلة التي تقابلنا بعد العمليات هو إهمال التأهيل.
* هل يستطيع اللاعب العودة لمستواه 100% بعد عملية الرباط؟.
- طبعا كل شيء بإذن الله تعالى، الرباط الجديد ليس كالرباط الطبيعي الذي خلقه الله في الجسم، هنا يعتمد على درجة إتقان العملية ووضع الرباط بمكانه الصحيح وبعد ذلك نأتي للأهم وهو التأهيل.
* هل هي عملية سهلة؟
- هي سهلة وصعبة في نفس الوقت، إذا نجح الطبيب بوضع الرباط في مكانه الصحيح وتم التأهل فسيكون كل شيء على ما يرام أما إذا حدث قصور في أي جانب وخاصة التأهيل فإن الأمور لن تكون جيدة.
* يستهدف بعض اللاعبين أطباء في أوربا، ما هي الطريقة الصحيحة لاختبار الطبيب؟
- لا توجد فوارق، لدينا أطباء ممتازون في هذه العمليات، اللاعب حر في الاختيار وعملية البحث عن الطبيب لم تعد صعبة، لكن المهم ما بعد العملية.
* بعض اللاعبين يجري العملية في الخارج ويعود لإكمال البرنامج في الداخل كيف ترون تأثير ذلك؟
- من المهم التواصل مع الطبيب الذي أجرى العملية، بعد أسبوعين يجب أن يقف على الوضع حتى لا تحدث التهابات، وبعد شهر وبعد ستة أسابيع والمتابعة حتى تكتمل الأشهر الثلاثة الأولى ليستطيع اللاعب بعدها تكملة تدريبات الاستطالة والسباحة والتدريب على المشي الصحيح والمتوازن ومن ثم يبدأ خطوات العودة للكرة.
* إلى أي مستوى وصل طب جراحة الأربطة وهل من بدائل؟
- هو يعيش مرحلة متقدمة، وهناك دراسات الآن وتطبيقات بأن تكون العملية عبارة عن إعادة تلحيم الرباط المقطوع من نفسه لكن من وجهة نظري لن يكون الرباط أقوى لأن منطقة التلحيم ستبقى منطقة ضعف ومعرضة للقطع مرة أخرى إذا لم تكن العضلات بكامل قوتها، وهذا النوع من الحل قد يكون مناسبا لغير الرياضيين، أما ممارسو رياضات الالتحام فالجراحة هي الحل الأنسب والأفضل بدون شك.
ويتابع: هناك حالات يستخدم رباط صناعي أو من شخص متوفى لكن ثبت أن النتائج ليست بنفس قوة الرباط المأخوذ من نفس الشخص المصاب.
* هناك حالات تكرر فيها القطع لنفس الرباط أكثر من مرة، ما هي السلبيات المتوقعة؟
- بالتأكيد أن حدوث قطع آخر يرتبط بضعف في التأهيل وهو قضاء وقدر قبل كل شيء، وإذا تكرر الأمر تحدث مضاعفات على مستوى خشونة الركبة ويؤدي للالتهابات والإصابة.
* يقال إن اللاعب يستطيع اللعب بدون جراحة إذا تم تقوية العضلات في بعض الأحيان؟
- غير صحيح، وصعب جدا،يستطيع الركض لكن عمليات المراوغة لا يستطيع القيام بها، وحتى عند النزول من الدرج ستكون الركبة معرضة للحركة.
* شاهدنا في الأيام الماضية إصابتين للاعبين من النصر هما إبراهيم غالب، وأحمد الفريدي في الرباط، الأول حاول العودة للملعب والثاني لم يستطع الوقوف، ما الفرق برأيك؟
- طبعا لم أطلع على تشخيص الحالتين، من المهم سؤال اللاعب عن وضعه قبل الإصابة من حيث التدريب وتقوية العضلات، ربما يكون اللاعب الأول تعرض لقطع جزئي ولديه العضلة قوية فعاد للركض لكن عندما يحاول التسديد أو الحركة سيشعر بألم قوي جدا، والثاني بالتأكيد كان القطع كاملا لكن في كل الأحوال لا بديل عن التدخل الجراحي عندما يكون القطع يتجاوز 50%،وبالمناسبة اللاعبون يختلفون، فاللاعب المراوغ مثلا أقل عرضة لإصابة الرباط من غيره لأن درجة المرونة عالية والعضلات متوازنة.
* ماذا عن الأربطة الخلفية وتعرضها للقطع؟
- بالنسبة للرياضيين نادر جدا حدوث ذلك، هذه الأربطة تحدث في إصابات الحوادث المرورية.
* بالمقارنة بين إصابات الرياضيين والإصابات الناتجة عن الحوادث أيهما أصعب؟
- بدون شك الحوادث تتسبب في إصابات خطيرة، يحدث قطع في الربطة الخلفية، وتهتكات في الغضاريف وقطوع، أمر صعب بعكس إصابات الرياضيين تعتبر سهلة ومعروفة وتحدث في الرباط الأمامي والجانبي ولها درجات ومراحل علاج بحسب كل حالة.
* ذكرت التأهيل العضلي وأهمية التوازن ماذا تعني بذلك؟
- صحيح هذه نقطة مهمة، لا بد أن يتوفر في النادي أخصائي تأهيل ممتاز يعرف كيف يعطي التدريبات ويقيس قوة العضلات للاعبين، بما أن الأندية تدفع ملايين على لاعبيها يجب أن تضع بجانب ذلك ميزانية لجلب الأكفاء من أخصائي العلاج والاستشاريين والعملية ترابطية بين الجهاز الفني والطبي.
* بالمقارنة بين الملاعب الأوربية مثلا وملاعبنا، إصابات الرباط لدينا شائعة بعكس هناك، مرة أخرى نتساءل لماذا؟
- لأن برامج التأهيل هناك تطبق بالشكل الصحيح وفي الأندية يوجد أخصائيون مهيأون، حتى الإنسان الطبيعي هناك يختلف يمارس الرياضة بغض النظر هل هو رياضي أم لا، لذلك عندما كنت في كندا لم نكن نجد صعوبة في متابعة الحالات بعكس هنا نحتاج أحيانا «نحب خشم المريض!!» ليقوم بالتأهيل الصحيح.
* الحديث وصل نهايته ولا تنتهي الأسئلة، أترك لك المجال لإعطاء رسالة للرياضيين.
رسالتي يجب الاستفادة من أخطائنا لنجد الحل، في إصابات الرباط الحل ليس بترميم الرباط لكن الحل بالإجابة على السؤال المهم.. لماذا تحصل هذه الإصابة ؟،يجب أن نعمل دراسة مثلما يحدث في المرور عن أسباب الحوادث، معرفة السبب تؤدي للحل وغير ذلك لن نصل لشيء في هذا المجال.
** ** **
من هو الدكتور بشير العنزي؟
- استشاري جراحة العظام
- نائب رئيس الجمعية العمومية السعودية لجراحة العظام
- حاصل على الدكتوراه في المفاصل من كندا
- حاصل على الزمالة الكندية
- مؤلف لعديد الكتب في تخصصه - له أبحاث وألقى محاضرات بعدد من المؤسسات والأندية.