بدعوة كريمة من أهالي سدير الكرام، وبرعاية إعلامية من صحيفة الجزيرة الغراء قمنا بزيارة لبعض بلدان منطقة سدير هذا الجزء الغالي والجميل من بلدنا والغني برجاله الكرام.
في الساعة الثامنة من صباح جميل في يوم السبت 25-4-1436هـ توجهت الحافلة وخلفها عدد من السيارات التي تحمل عددا من الأكاديميين والإعلاميين يزيد عددهم على الستين.
وكان الوصول أولا إلى بلدة «الداخلة» التاريخية القديمة وهي كما هي مستقلة بموقعها ولم تطلها يد العمران الجديد وشاهدنا فيها المسجد القديم، وهذا المسجد من أعجب وأغرب المساجد في منطقة نجد حيث إنه الوحيد الذي يحتوي على أربعة أروقة من الجهات الأربعة مرتفعة بأعمدة من الحجر مطلية بالطين ومفتوحة على ساحة المسجد في الوسط.
وبعدها توجهنا إلى مزرعة (الجو) وهي ملك لآل ماضي الكرام وهم من كان لآبائهم دور مهم وتاريخي في الوقوف بجانب الملك عبد العزيز -رحمه الله- في توحيد المملكة وأسند إلى بعض رجالهم إمارات بعض المناطق مثل عسير ونجران والظهران وغيرها.
واستقبلنا فيها الأخ فوزان الماضي وأكرم ضيافتنا ورافقنا في جولة سياحية على المزرعة، وهذه المزرعة فيها مبنى جميل مسلح بني عام 1375هـ ونزل به بعض الملوك مثل الملك فهد -رحمه الله- والملك سلمان رعاه الله.
وتحتوي هذه المزرعة على عدة آبار وماؤها عذب وفيها نخيل باسقات والماء يستخرج عن طريق المكائن التي كان شائعاً استخدامها في الثمانينيات والتسعينيات الهجرية من القرن الماضي فتعطي صوتاً جميلاً ومألوفاً لمن يتذكر ذلك الزمن الجميل.
وبعد ذلك توجهنا إلى مدينة (روضة سدير) حيث قمنا بزيارة لمزرعة (العائذية) للشيخ الوجيه ورجل الأعمال عبدالله بن محمد أبابطين وهو رجل علم وأدب ونبل وكرم، وقد حضر من المنطقة الشرقية هو وأبناؤه للاحتفاء بهذا الوفد، حيث أكرمنا بحسن الاستقبال وجميل الضيافة، وفي المزرعة الكثير من أنواع النخيل والحمضيات والخضراوات والزيتون كما يزرع فيها قصب السكر والقطن والأراك وماؤها عذب. وشاهدنا فيها غارا ينزل منه الماء طوال العام، وبعد ذلك صلينا الظهر جمعاً وقصراً وبعدها قمنا بزيارة للمكتبة والمتحف وتحدث لنا الشيخ عبدالله عن تاريخ روضة سدير القديم ودور أسرته الكريمة العلمي والثقافي.
وشرح لنا عن محتويات المكتبة التي تهتم أولا بتاريخ المملكة وخاصة تاريخ منطقة سدير من كتب صادرة أو كتابات في الصحف أو المجلات، وخصص لكل مدينة وقرية (رفا خاصا) يحتوي كل ماكتب عنها.
ثم تجولنا في المتحف الكبير الذي يحتوي على موروث المنطقة خاصة والمملكة بصفة عامة. هو من أجمل وأكمل وأروع ما شاهدته من متاحف، وهذه التجربة حرّي بأن يُستفاد منها في كل المناطق والمدن من بلدنا الغالي.وكان في صحبتنا معالي الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم أبوحيمد وكيل الحرس الوطني سابقاً وعضو مجلس الشورى سابقا.
ويعد أن أنهينا الزيارة توجهنا لتناول وجبة الغداء وكانت في وسط البلدة القديمة لمدينة روضة سدير في منزل طيني جميل مؤثث من الأثاث القديم ومكون من دورين وعمر هذا البيت أكثر من تسعين عاماً، كما أفادني الأستاذ محمد السويح الذي كان باستقبالنا وضيافتنا هو وابن عمه الأستاذ عبد الواحد، وتم إعداد الطعام بشكل جميل ويحتوي على جميع أصناف الأطعمة القديمة التراثية.
وفي الأخير توجهنا إلى القرية التراثية في عودة سدير حيث استقبلنا معالي الشيخ عبد الرحمن أبوحيمد وأبناؤه في مضافة جدهم (ديوانية الشيخ محمد بن حمد أبو حيمد) رحمه الله التي كان يستقبل فيها ضيوف البلدة، حيث ألقى الشيخ عبدالرحمن كلمة موجزة عن عودة سدير وديوانية جده التي تتكون من دورين والتي أعاد تأهيلها على حسابه الخاص وأعدها إعداداً جيداً من أجود الأثاث لاستقبال الضيوف فيها.
وفي الختام تم توزيع الدروع على كل من احتفل بهذا الوفد وكذلك شهادات شكر لكل المشاركين في الرحلة.
وختاماً أجدني عاجزا عن الشكر ولكنني بإذن الله لن أعجز عن الدعاء لأبناء هذا الجزء الغالي من بلدنا منطقة سدير الغالي وخصوصاً أبناء روضة سدير وعودة سدير والداخلة وهم معالي الشيخ عبدالرحمن أبوحيمد والشيخ الوجيه عبدالله أبابطين والأخ فوزان الماضي والأستاذ/ محمد السويح ومهندس الرحلة الأديب الأستاذ يوسف العتيق.
وكذلك أتقدم بالشكر والعرفان إلى صحيفة الجزيرة الغراء الداعمة لهذه الرحلة ممثلة بالأستاذ يوسف العتيق المشرف على صفحة وراق الجزيرة، ولـ(الجزيرة) أياد بيضاء في الحفاظ على الموروث الشعبي ورعايته وإبرازه وتشجيع مثل هذه الفعاليات.
وإنني أرى أن مثل هذه الرحلات السياحية يجب أن تكون ثقافة تعمم على جميع المناطق ليقوم بها أبناؤها لنشر تراث وتاريخ آبائهم وأجدادهم لتكون دروساً للأبناء والأحفاد عن معاناة الأجداد وأسلوب حياتهم ومعاناتهم مع الفقر والمرض والحروب، وليثمنوا ماهم فيه من رغد العيش المقرون بالأمن والأمان في ظل حكومتنا الرشيدة وفقهم الله وسدد خطاهم.
- كتبه/ محمد الصالح العبدالله العريني
Mo.aloraini@gmail.com