محمد آل الشيخ
طالما أن الوطن في صراع مع أعدائنا الفرس وأذنابهم في اليمن فسأظل أكتب عن هذه المعركة الفاصلة بلا كلل ولا ملل، ولسان حالي ووجداني يقول: (لا صوت يعلو على صوت المعركة)، خاصة أن انتصارات هذه المعركة التاريخية تتوالى ساعة بعد ساعة، وتتراكم يوماً بعد الآخر؛ لتُشكل ملحمة تاريخية، سنتحدث عنها، وسيتحدث عنها أبناؤنا وأحفادنا كثيراً، مثلما نتحدث اليوم عن معارك وانتصارات الآباء والأجداد ممن أسسوا هذا الوطن، وحموا حدوده بالسيف والقلم؛ فهذه قلاع أذناب الفرس تتداعى وتنهار الواحدة تلو الأخرى، وليس في أيديهم - ولله الحمد والمنة - لا حول ولا قوة، اللهم إلا الصراخ والعويل والاستنجاد بالفرس، عسى ولعل أن يمدوا لهم يد العون.
الفرس حتى لو أرادوا نجدتهم - وأشك في ذلك - فلن يستطيعوا، بعد أن أحكم صقورنا وصقور حلفائنا البواسل عليهم الحصار من الجو منذ الليلة الأولى لبدء العاصفة، وأحكمت بحريتنا وبحرية حلفائنا عليهم الحصار من البحر، كما أغلق ساستنا ودبلوماسيونا أية ثغرة سياسية محتملة، من شأنها أن تجعل للفرس ثقباً يلجون منه إلى اليمن، أو تجعل للحوثيين وحلفائهم مهرباً أو ملاذاً يُنجيهم من تلك الحمم الملتهبة التي تتساقط فوق رؤوسهم من السماء، وتنطلق إليهم من البحر، فتجعل جَمعهم شذر مذر، وأرتالهم كأعجاز نخل خاوية، ومخازن أسلحتهم وعتادهم وما يدخرون فيها أثراً بعد عين، وقوتهم المزعومة وبأسهم وبطشهم أوهى من بيت العنكبوت.
حُقّ للخليجيين بعد هذه العاصفة المزلزلة المزمجرة، مُتقنة التخطيط والتنفيذ، أن يفخروا بقادتهم الذين خططوا بكل هذا الإحكام والدقة، وجنودهم الذين نفذوا بكل هذا الإتقان والتميز، وعرفوا كيف يواجهون الأزمات، وكيف يُديرونها، حتى أصبحت هذه العاصفة المفاجأة، التي أخذتهم على حين غرة، تحكي (قصة تفوقنا)، وكيف نحمي أمننا، ونقطع يد كل من تربص بنا، وأرادنا بسوء.
كان يساريو العرب يصفون أهل الخليج (بعرب الأطراف)، أما هم وبلدانهم (فعرب المركز). ولأن العبرة بما يجري على الأرض، لا ما يُكتب في الكتب والصحف والمجلات من مقولات وادعاءات وتنظيرات، فقد اتضح الآن جلياً من هم القادة المركزيون والمؤثرون، ومن هم الأتباع الطرفيون الهامشيون. ولـم تتأت كل هذه الإنجازات لو لم يكن ثمة عقول تفكر وتخطط، وهمم تطمح، ثم تعمل وتنفذ، حتى تحقق هذا التفوق.
يُبررون: إن سبب تفوقنا هو فقط الثراء النفطي. لا شك أن الثراء النفطي كان عاملاً من العوامل، غير أن السؤال: وماذا عن العراق الثري - مثلاً - وهو أثرى وأغنى وأكثر موارد اقتصادية متنوعة من كل دول الخليج، ورغم ذلك ها هو العراق لم يكد يتخلص من صدام الذي زرع ثراه بالمقابر الجماعية حتى استلم الحكم فيه قادة طائفيون، مذهبيون، لا هَمَّ لهم ولا قضية إلا نصرة المذهب، حتى ولو تشظى الوطن وتشتت شمله وأهله بين مكونات فسيفسائية، لا علاقة لها بالوطن ولا الوطنية؛ فجاءت عصابات (داعش) الإرهابية لتفضحهم وتفضح هشاشة مجتمعاتهم، وكذلك قياداتهم السلف والخلف، على رؤوس الأشهاد.
وليس انتصاراتنا على الحوثيين وفلول جيش صالح المخلوع وزمرتهم في اليمن انتصارات على عرب، يأبون أن يكونوا عملاءً وأذناباً للأجنبي مثلما كان العرب الأقحاح الأوائل، وكما كان إباؤهم وكانت أَنفتهم، وإنما هي هزيمة منكرة للفرس أولاً ولحُثالاتهم من العرب المرتزقة اليمنيين ثانياً. وأكاد أجزم بأن هذه الانتصارات لن تتوقف تداعياتها على اليمن فحسب، إنما ستمتد إلى كل أرض من أراضي العرب، دنسها الفرس وأذنابهم، واحتلوها، واستباحوا كرامتها وكبريائها وسيادتها، وعاث فيها جنرالاتهم فساداً؛ فها هم يتجولون كالطواويس بين عواصمهم بين بغداد ودمشق وبيروت، يأمرون وينهون، ويتدخلون في تفاصيل تفاصيل قراراتهم، وليس ثمة من يجرؤ على أن يقول لهم: لا!
عاصفة الحزم بعد أن تضع الحرب أوزارها ستعيد تشكيل المنطقة العربية، وسينتفض المحتلون على الفرس المحتلين، بعد أن أثبت الخليجيون لهم أن محتليهم ليسوا سوى نمور ورقية، لا تهش ولا تنش إذا بلغت الأمور منتهاها.
إلى اللقاء.