رسالتي إليك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي رئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية، بمضمون يخرج عن الإطار التقليدي واجتهاد يسعى في الحلول الإبداعية دون تجاوز القدرة والإمكانية لمعالجة قضية الإسكان المتفاقمة.
إن تقديم المنح والقروض وحتى السكن المتكامل ليس حلاً علمياً لقضية الإسكان بل قد يكون في رفع قدرة المواطن لتوفير ذلك بنفسه من خلال توفير الوظائف وتحسين الدخل المالي مع استبدال منح الأراضي الحكومية إلى أعمار الأراضي الحكومية عن طريق بيعها للمستثمرين العقاريين بحيث تكون القيمة في التخطيط وتوفير البني التحتية لكافة الخدمات وإنشاء المدارس والمساجد والمشافي ومراكز الدوائر الحكومية كالبلدية والشرطة والدفاع المدني وغيرها وسفلتة الشوارع والطرق وأرصفتها وزراعة الحدائق والمركز التجاري لتكون في النهاية ضاحية متكاملة جاذبة، لكن ربط الصعاب ببعضها كتوفير الوظائف وتحسين الدخل وإنشاء الضواحي أمر قد يبدوا خياليا صعب التنفيذ، إلا أن الحاجة للخروج من الحلول التقليدية والمألوفة والتي لم تحل قضية إلى الحلول الإبداعية مطلوبة هنا لكسر رتم العجز، فلقد أنشئ صندوق التنمية العقارية وتضخمت أرصدته وأنشئت وزارة للإسكان وخصصت لها المبالغ الضخمة إلا إن القضية لا زالت تتفاقم يوماً بعد يوم، بل وأصبحت أسعار الأراضي السكنية خيالية لحد الإعجاز وبأي شكل من الأشكال لا يبدو في الأفق أي إمكانية لمواطن الدخل حتى المتوسط في تملك أرض ناهيك عن السكن إلى أن أصبح السكن عبئا على الحكومة وخطرا يهدد رفاهية المجتمع.
إن الأمر يحتاج إلى رؤية أكثر سعة وعمق وبجرأة وإبداع غير مألوف أو معتاد للتخلص من هذه القضية بشكل يخلق قفزة حضارية رائعة تستحث إنعتاق نحو أفق أوسع أكثر وأكثر لنصل إلى مزاج اجتماعي مختلف ينقل الفهم والوعي الاجتماعي من حالة التقليد والتقوقع داخل الدائرة المألوفة إلى الرؤية بمنظار ابعد وأوسع وباعث للإبداع والابتكار، وبما أننا اليوم نشهد تنفيذ مشروع الـ (مترو) في مدينتين كبيرتين من مدننا فلنتوقف قليلا ونبحث في مدى إمكانية الاستفادة من هذا المشروع الحضاري ولنرسم صورة ذهنية لعلاج مشاكل نعاني منها اليوم وهي كالتالي:
ماذا لو تم ربط (المترو) بالضواحي والقرى والهجر القريبة من المدن وصار التنقل بينها وبين مقار العمل والمدارس والجامعات والأسواق في هذه المدن لا يستغرق أكثر من دقائق ألا يمكننا تخيل هجرة معاكسة من المدن لهذه الضواحي والقرى والهجر؟ بلى هذا أمر متوقع جدا... حسناً ماذا لو قامت وزارة الإسكان بتعديل سياستها والانتقال إلى إنشاء الضواحي السكنية المتصلة مع المدن من خلال (المترو) مع توفير كافة الخدمات والبني التحتية ويستبدل منح المساكن بأرض وقرض؟ الصورة الذهنية لنتائج هذا العمل ستكون مذهله للغاية، أسعار العقار ستنخفض بشكل ملموس جدا والتوسع الأفقي في المدن سيتوقف ويتحول إلى عمودي مما يقلل تكلفة البني التحتية كما أن زحام المركبات سينخفض بشكل ملموس وواضح أيضا وأمور كثيرة أخرى، بل إن إعادة إحياء وتفعيل هذه الضواحي والقرى وإنشاء ضواحي أخرى محيطة بالمدينة له أبعاده الإستراتيجية اجتماعيا واقتصاديا وحتى أمنياً وعسكرياً، والأمر كما ترون ليس إعجازياً ولا مستحيلاً بقدر ما هو سباق للواقع في الرؤية بعيداً عن الحلول التقليدية التي لم تحقق الطموحات.
لقد تأخرت بلادنا كثيراً جداً في الاستفادة من وسائل المواصلات الحديثة واليوم وقد بدأ ربط المدن بشبكة الخطوط الحديدية وإدخال القطارات في المدن وصارت تحت التنفيذ فعلينا أن نتقدم خطوة أخرى بربط المدن بالقرى والضواحي منذ الآن بل وإنشاء الضواحي النموذجية المرتبطة بالمدينة بوسائل المواصلات السريعة والاتجاه فورا نحو هذا المسار دون تأخر أو تردد، لنكون بعد أقل من خمس سنوات في صورة زاهية نتذكر فيها قضايا كثيرة كشح السكن والزحام وهجرة القرى للمدن وغيرها الكثير بابتسامة الرضا والطمأنينة وليسجلها التاريخ في صحيفة عهد الملك سلمان.