أطلقْتَ حَزمَكَ ناصعاً يتلألأ
ورجوتَ من عند الإلهِ نَوَالا
وسلكْتَ دربَ النَّاسكينَ إلى التُّقى
وفتحْتَ للنصرِ المُبينِ مَجَالا
ومددْتَ للأمنِ الرَّخيِّ بِساطَهُ
فكسوْتَ شعبَكَ عِزَّةً ودَلالا
أمطرْتَ في كلِّ البقاعِ محبَّةً
فغمرْتَ سهلاً بالنَّدى وجِبَالا
مَلِكٌ إذا اشتدَّ الظَّلامُ بليلةٍ
هجرَ المنامَ وأكثرَ التَّجوَالا
صلبٌ رحيمٌ حازِمٌ متواضِعٌ
سيَّانِ إنْ قَصُرَ الوغى أو طالا
***
ما استنجدَ اليمنُ السَّعيدُ ولا شكا
- إلا إليكَ - شجونَه تتوالى
زرعَ البُغاةُ دسيسةً تحت الثَّرى
واستنبتُوا الطَّلعَ الوخيمَ فغَالا
واصلتَهُم بالصَّبرِ وصْلَ أحبَّةٍ
حتى تميَّزَ حقدُهُم وتعَالا
ومضيْتَ ترقُبُ نفثَهُم بين الورى
حتى تمخَّضَ ثعلباً مُحتالا
نادى الرِّجالُ: فمنْ ينوءُ بحملِها؟
فزرعْتَ (صعدةَ) همَّةً ورجَالا
أطلقْتَ في كَبِدِ السَّماءِ أعنَّةً
فأثارتِ البُركانَ والزِّلزالا
ما ارتَدَّ طرْفُ الماكرينَ إليهِمُ
حتى نزعْتَ عُروشَهم إذلالا
مجدُ (الجزيرةِ) قد تجلَّى باسماً
ولمحْتُ في صفَحاتِهِ الأبطالا
***
يا ابنَ الذينَ توارثُوا أمجادَهُم
حتى حسبْتَ رضيعَهم خيّالا
بالسَّيفِ نالَ الأوَّلونَ فخَارَهُم
فسَمَا الفَخَارُ وكلَّلَ الأنجالا
يا جامعَ المجدينِ: أصلَكَ والتُّقَى
كيف استعدْتَ ضياءَنا المُنثالا؟
فأعدْتَ للدِّينِ الحنيفِ صفاءَهُ
وشربْتَ من حوضِ الأمينِ زُلالا
يا خادمَ البيتينِ كيفَ جمعْتَهَا؟
أسعدْتَ سَعْداً في الورى وبِلالا
وبذرْتَ أرضَكَ عزَّةً وكرامةً
وحصدْتَ في مَحْلِ السِّنينَ خِلالا
يا خادمَ الحرمينِ كيف أدرْتَهَا
للهِ درُّكَ فاضِلاً مِفْضالا
يا وارثاً عبدَ العزيزِ مروءةً
وشهامةً ومهابةً وجَلالا
سلمانُ يا نسلَ الملوكِ وفخرَهم
نلْتَ الرِّضا والحُبَّ والإجلالا
***
ندعو الإلهَ ونبتغي من فضلِهِ
أنْ يوسِعَ الفعلَ الجميلَ جَمَالا
وتجوسَ أرضَ الشَّامِ خيلُ مُحرِّرٍ
تُهدي (ديارَ الفاتحينَ) ظِلالا
وتنالَ من حِلْفِ الطُّغاةِ مُرادَهَا
وتحطِّمَ الأوثانَ والأغلالا
فقلوبُهُم نحو الرِّياضِ وليثِها
ترجُو حِمَاكَ الوارفَ الهطَّالا
تهفُو وتدعو في عظيمِ مُصابِها
هلَّا عَزَمْتَ لِتُنعِشَ الآمَالا
د. حسين بن محمد الحسن