الواضح بعد الابتداء المباغت لـ«عاصفة الحسم» أن هناك معادلات انقلبت رأساً على عقب، ومؤامرات تم التخطيط لها منذ عشرات السنين تبعثرت، وأوراق سياسية احترقت، وارتبكت سياسة طهران وتلعثمت، وهذا يثبت فعلا أن الحزم في إطلاق
«عاصفة الحزم» كان أمراً ملحاً وضرورة لا غنى عنها لسببين: أولهما لاستدراك اليمن وشعبه من تلك الهاوية التي كان على وشك الانزلاق بها.. كما حدث سابقاً بالعراق ولبنان والآن سوريا للأسف، وثانيهما حماية لمنظومة دول الخليج من المؤامرات وتبعات ذلك التي ستنعكس على كل الدول العربية المحيطة، فنحن كمواطنين لا نستشعر ذلك الخطر بحذافيره كما هي القيادات العربية الأقرب من العدو ومعرفة دسائسه ومؤامراته التي تُسرب إليها من خلال أجهزة الاستخبارات وتقدم كتقارير وتحاليل لها.
لكن ما يهمنا كشعوب عربية أننا استشعرنا وأيقنا فعلا حجم الخطر الفارسي بشكله الحقيقي كما هو دون عمليات مكياج برع بأدائها عملاؤه في المنطقة.. أحسها المواطن البسيط الخليجي والمصري والسوري والأردني والسوداني... والقائمة تطول وتطول ولن أبالغ عندما أقول أحسها المواطن الآسيوي والأفريقي والغربي الذي بدأ يتابع مسار تلك الأحداث ويقرأ تحاليل فضائياتهم الإخبارية، ويعي غايات سياسات طهران بالمنطقة، التي انتابها الجنون والغطرسة السنوات الخمس الأخيرة.
فأهداف طهران في المنطقة كانت حذرة وتنتهج مسار التخفي بعد نهاية الحرب العراقية- الإيرانية ثم ابتدأت من جديد وقررت أن تصنع طوقاً على دول مجلس التعاون، فبدأت بالسيطرة على العراق ولبنان، وبدأت تداعب سوريا واليمن معاً، وكانت الثورة السورية وقمعها من ميليشيات الأسد أعظم فرصة لتدخل بكامل قوتها جهاراً نهاراً عن طريق عميليها الأسد وحسن نصر الله، أو عن طريق مباشر بإرسال خبراء عسكريين بدءوا يتساقطون واحداً تلو الآخر، فيما كان علي عبدالله صالح يلاعبها هو الآخر مستغلا لها تارة، ومستغلة هي إياه تارة أخرى إلى أن أودت به في مقتل بسبب تتبعه الكامل لسياساتها الفاشلة التي عرته أمام العرب والعجم معاً، وبدلاً من أن يحفظ جميل السعودية ودول الخليج له أدار لهم ظهره وحمل خنجره الصدئ.
ومما لا شك فيه أن اليمني الحقيقي يعلم تمام العلم أن انضواءهم تحت العلم الفارسي أو مجرد التفكير بذلك يعني إبادة جماعية للسنة اليمنيين وهتك كل ما يمت بصلة للعرب هناك.. لكن كيف أن يتأتى ذلك للفرس واليمن أصل العرب كما قيل..؟
عاصفة الحزم بمنظوري الشخصي لا تريد القضاء تماما على كل ما هو حوثي، لكن تريد إعادة الحوثيين إلى الساحة السياسية كحزب سياسي له ثقله كبقية الأحزاب السلمية، منزوع للسلاح وغير قادر على الإتيان بانقلابات عسكرية كما حدث سابقاً وأن يظل تحت العباءة العربية لا الوصاية الإيرانية.
وأما الأطماع الفارسية في المنطقة الخليجية فيجب إكمال التصدي لها أولاً بضم اليمن لمنظومة مجلس التعاون الخليجي عندما تستقر الأمور به، وثانياً بإنشاء وتمويل قنوات فضائية متمرسة وقوية ناطقة باللغة الفارسية على غرار قنواتهم المضادة، وهدفها توعية الشعب الإيراني، وكشف زيف سياسات قادته واستبدادهم، ودعم عرب الأحواز الذين هم نواة إعادة الأمور إلى نصابها بإيران، ولا يمنع هذا من إنشاء قناتين ناطقتين بالروسية والصينية لإيصال صوت العرب لتلك الشعوب التي لا تعلم عنا إلا ما يصل إليها من إعلامهم.
- خالد الحقيل