الشيطان الأكبر، واحدٌ من الشعارات الكاذبة التي أطلقها ملالي إيران، تزامناً مع ثورتهم قبل ثلاثة عقود ونيف، ذراً للرماد في العيون، وليوهموا الدهماء والبسطاء بأن عداوتهم لأمريكا وإسرائيل منطلقها ديني وعقدي! استكمالاً لهذا المخطط الخبيث أوهمت الجميع بأنها تدعم القضية الفلسطينية إيمانا بعدالتها وحق الفلسطينيين في وطنهم المغتصب، لا لأجل مصالح أطماعية توسعية براغماتية، كانت تعمل على إنفاذها سراً ضمن مشروع الإمبراطورية «الحلم»!!
(سقط القناع) كما عنون الشاعر الفذْ حمد العسعوس قصيدته الجزلة والمعبرة عن تلكم النوايا الشريرة والأفعال الآثمة لحكومة ولاية الفقيه، فظهر للجميع المكر الكُبّار، وما تخفيه العمائم تحتها أشد وأفظع!
بدأ إضمار الشر -عملياً- بـ»تصدير - الثورة وذلك بتبديد الثروة، التي كان الإيرانيون في الداخل أولى بها، عوضا عن هذا الطيش، ثم تبين أن هذا التصدير إنما هو في واقعه ضخ لأموال وأسلحة ومخدرات وأفكار عفنة لمحاربة التوحيد أينما كان. يحدث كل هذا وهي تعيش فوق صفيح يغلي من قوميات واثنيات وأقليات لم تنل قط حقوقها في العيش الكريم؛ ناهيك عن أراضٍ محتلةٍ هي الأحواز، يلقى سكانها العرب -شيعة وسنة- أسوأ معاملة لكونهم عربا! وبعنصرية ودونية هي الأسوأ على الإطلاق!
ها نحن -والعالم أجمع- نرقب تمدد هذه الأفعى -الكوبرا- بتواطؤٍ وخيانات اشتريت بها ذمم وضمائر منفصلة عن أوطانها، متصلة بأطماعها، رضيت أن تباع أراضيها ومقدراتها وساكنيها بأبخس الأثمان، على أمل أن تجد هذه الضالة الشريرة الملتوية الطريق عبر (اليمن) إلى المسجد الأقصى شمالا لتحريره من براثن الصهاينة والمتصهينين ولو طال الطريق!!!
استخفاف بالعقول أيما استخفاف، وسذاجة تعتمد الشعارات والنعرات القبلية والمذهبية «طعماً» لتمرير أجنداتها الموبوأة لتفتيت المجتمعات وتفكيكها تمهيدا للانقضاض عليها.
الهدف الذي كان مخفياً وأصبح معلناً، هو نشر التشيع الإثني عشري بقوة السلاح تمهيدا -كما أسلفنا- لاستعادة أمجاد الإمبراطورية الساسانية الفارسية المجوسية، وطمس كل ما له علاقة بالإسلام الصحيح الخالص من الشرك، والذي أُوحي إلى خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه.
يقول المؤلف عبدالله محمد الغريب في كتابه (وجاء دور المجوس): ومن المؤسف أن يعلق معظم المسلمين الآمال العريضة على ما يسمى بالجمهورية الإسلامية الإيرانية لا لشيء إلا لأنها ترفع الشعار الإسلامي، ومن قبل رفعت حركة القرامطة الشعار الإسلامي، وتظاهرت الدولة العبيدية في مصر بانتمائها للإسلام، وعندما ملك العبيديون والقرامطة أمر المسلمين أفسدوا الحرث والنسل، ونشروا الكفر والإباحية، واستباحوا دماء المسلمين في حج 317هـ.
وعلى الصفحة 14 من الكتاب ذاته يدون الغريب هاتين الملاحظتين لأهميتهما قبل الاستطراد في إيضاح تاريخ المجوسية المعادي في إيران قائلاً:
- هناك فرق واسع وبون شاسع بين شيعة علي رضي الله عنه الذين كانوا يرون أنه أحق بالخلافة من معاوية رضي الله عنه، وأن الأخير قد بغى على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ولهذا وقفوا إلى جانبه وحاربوا تحت رايته.. وبين شيعة اليوم الذين يقولون بعصمة الأئمة، ويشتمون الصحابة، وينكرون السنة، ويعتقدون بالرجعة والتقيّة.
- لا بد من التفريق بين الفرس المجوس الذين كادوا للإسلام وتآمروا عليه، والفرس الذين دخلوا في دين الله، وحسُن إسلامهم، وذادوا عن الإسلام بسيوفهم وعلمهم ومالهم، فكان على رأسهم الصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه وغيره من أعلام السلف الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ .
قال، قلت: من هم يا رسول الله ؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا وفينا سلمان الفارسي رضي الله عنه، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء) رواه البخاري.
لكن الذي يحدث الآن من إشعال لنار الفتن الطائفية، ومن مؤامرات يشترك الأعداء في تحديد بوصلتها تبعا لمصالحهم التوسعية على حساب أمة الإسلام المستضعفة، يجعل طرح هذا السؤال لازماً.. هل التاريخ حقاً يعيد نفسه ؟ وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من العودة للوراء.
كثيراً حيث ينقلنا -خاصة المستبعدين نظرية المؤامرة- مؤلف كتاب (الشيعة والسنة) إحسان إلهي ظهير في تأكيده مسألة ترويج العقيدة اليهودية بين المسلمين قائلاً: كان على رأس هؤلاء المكرة المنافقين المتظاهرين بالإسلام والمبطنين للكفر.. أشد الكفر والنفاق عبدالله بن سبأ اليهودي الخبيث الذي أراد مزاحمة الإسلام ومخالفته والحيلولة دونه وقطع الطريق عليه بعد دخول الجزيرة العربية بأكملها في حوزة الإسلام وقت النبي، وبعدما انتشر الإسلام في آفاق الأرض وأطرافها، واكتسح مملكة الروم من جانب، وسلطنة الفرس من جهة أخرى، فنادى بعقيدة الولاية والوصاية التي لم يأتِ بها القرآن ولا السنة الصحيحة الثابتة، بل اختلقها اليهود من وصاية يوشع بن نون لموسى عليه السلام ونشروها بين المسلمين باسم وصاية علي رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كذبا وزورا، كي يتمكنوا من زرع بذور الفساد فيهم، وشب نيران الحروب والفتنة فيما بينهم، وحتى تنقلب مساعيهم عن الجهاد في سبيل الله ضد الكفرة والمشركين من اليهود والمجوس إلى القتال بينهم أنفسهم.
وعلى صفحتي 56 و57 من الكتاب ذاته يقول رحمه الله: فها هو المستشرق الإنكليزي الذي سكن إيران مدة طويلة، ودرس تاريخها دراسة وافية، ضافية، واسمه الدكتور براون صاحب كتاب (تاريخ أدبيات إيران)، يقول صراحة: من أهم أسباب عداوة أهل إيران للخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هو أنه فتح العجم -فارس- وكسر شوكته، غير أنهم (أي أهل إيران) أعطوا لعدائهم صبغة دينية مذهبية، وليس هذا من الحقيقة بشيء».
ويضيف قائلاً: إن أهل إيران وجدوا في أولاد علي بن الحسين تسلية وطمأنينة بما كانوا يعرفون أن أم علي بن الحسين هي إبنة ملكهم «يزدجرد» فرأوا في أولادها حقوق الملك قد اجتمعت مع حقوق الدين، فمن هنا نشأ بينهم علاقة سياسية، ولأجل أنهم (أهل إيران) كانوا يقدّسون ملوكهم لاعتقادهم أنهم ما وجدوا الملك إلا من السماء ومن الله، فازدادوا في التمسك بهم».
إذا كان الدين هو صمّام الأمان -والحديث هنا موجه لكل عربي، مسلم، غيور على دينه، سنياً كان أو شيعياً- فهل يعقل أن تكون لغة الدم والسفك والبطش هي السائدة؟!
أين من يدعون أنهم النخبة والمثقفون وأصحاب التحصيل المعرفي؟ أليس في دروس الماضي الكثير من العبر التي حرّيٌ بالعاقل أن يتأملها ويستفيد من مآلاتها؟ «الحق أبلج والباطل لجلج» أين الدعوات التي لبست لبوس الإسلام وهي أبعد ما تكون نأيا عنه.. الدولة البويهية, والدولة الصفوية؟! ألم يوهم «نابليون» الناس باعتناقه الإسلام؟!
وكذلك فعل «أتاتورك» مع الجماهير، ثم انقض عليهم!! وقديماً.. أراد بن سبأ إسلاماً مشوبا بالدسائس والعقائد النجسة المنحرفة لمآرب خبيثة فهل يسوغ بعث هذه الضلالات، وباسم الإسلام نفسه، نسأل الله السلامة والعافية، أما نسمع قول الباري جل جلاله بلسان عربي مبين يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102 سورة آل عمران)، وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 103 سورة آل عمران ، وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 104 سورة آل عمران ، وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ 105 سورة آل عمران ، لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن هذه الممارسات العدوانية المضللة تتبنى فعليا مناهج «تحليل سياسي عقدي» لحرمة دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وديارهم بتسويغ ممن إدّعوا ويدعون بأنهم علماء, كرّسوا هذه الأحقاد الطائفية -ضد الأمة المسلمة- عبر قرون وقرون. هذه الجهالات والضلالات التي تنضح بها الكتب وتتناقلها الأفواه جيلا بعد جيل، وجد فيها أعداء الأمة «الفتيل» الذي يجعل من إحراق الأخضر واليابس بأيدي العملاء والسفهاء والمرتزقة أمراً ممكناً. كل ما يتطلبه الأمر هو «النفخ» فيه ليظل الصراع مشتعلاً ! السؤال القائم هو: هل من عقلاء حقيقيين لواجب التصدي لإحباط مساعي الإفساد في الأرض هذه، قبل أن يزداد عدد الكوارث الإنسانية كما يسميها أرباب حقوق...
الإنسان المتآمر عليه!! ومع ذلك يظلون.. متفرجين!