التطور الذي تشهده المملكة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية وما أفرزه من سلوكيات ومستجدات تطلب تطورًا مماثلاً في إعداد القوى البشرية المختلفة ولا سيما رجل الأمن الذي أصبح عليه مواجهة تحديات متنامية في كافة المجالات. (الكبيسي).
كثير من المنظمات والمؤسسات تسير كالساعة في انضباطها ودقة أدائها وسرعة عملها فإذا فتشت في بواطن الأمور وجدت قيادة حكيمة وإدارة ناجحة تجلس على كرسي الإدارة فتحسن التعامل مع العاملين تختار الكفاءات التي تجمع بين كفاءة العمل وأمانة الضمير فهم يستخدمون خليط من لامركزية الإدارة وأحيانا يلجأون إلي مركزية القرار لتحقيق مصلحة ورفاهية الموطن السعودي فيتعاملون معه على أنه أمانة ألبسها الله أعناقهم. فيحسن التعامل مع عملاء المؤسسات الحكومية والمواطنين بكل احترام فلا تحتقرهم أو تعطل مصالحهم. وأيضا تحسن التعامل مع مستجدات الأمور في الحياة والتكنولوجيا فلا تجد سبيلاً من سبل الحياة الحديثة ييسر لها أداء مهامها ويوفر وقت المواطن إلا سلكته.
القيادة الناجحة تحسن التعامل مع الوقت فتضع جدولاً وبرنامجاً زمنياً يتوافق مع أهدافها وقدرات أفرادها. لو تأملنا واقعنا نجد كثيراً من النجاحات بفضل الله ثم القيادات الكفء التي تحسن إدارة الأمور التي من الله بها على وطننا الحبيب. كما نجد أن كثيرا من الإخفاقات من أسبابها الرئيسية مركزية القرار والتي لا تتبع منهج الشورى وحسن التخطيط والتنفيذ. وكمثال على القيادة الواعية الحكيمة المدركة لأبعاد المرحلة وآفاق المستقبل التي يتطلع إليها مجتمعنا السعودي. القيادة التي تتولى شؤون الحج فتعلن مسبقاً عن الإعداد التي ستستقبلها الأماكن المقدسة والمشاعر ولذلك دأب خادم الحرمين الشريفين على التوجيه بتوسعات للحرم وما يتناسب مع الأعداد المحتملة في موسم الحج والعناية بتوفير الرعاية الطبية الرائعة لحجاج بيت الله وقبل كل ذلك توفير الأمن والأمان لوفود حجاج بيت الله الحرام وكذلك تأهيل الطرق التي يسلكها الحاج وزيادة عدد الأنفاق وتنظيم السير ووضع إرشادات مكتوبة بلغات عديدة على الطرق والجدران ترشد الحائرين وتدل التائهين. فإذا قلبت نظرك يمنة ويسرة وجدت رجال الأمن وشباباً ينبض بالحياة يفيض بالأدب وحسن التعامل مع حجاج بيت الله الحرام وزواره ويوجهوا الحجيج إلى عدم افتراش الطرق والتضييق على المارة.
ثم ترى رجال المرور ودورياتهم المستمرة على طول الطريق تبعث في الناس الشعور بالأمن على أنفسهم وأرواحهم وتجد السيارات التي ترفع الأشغال من الطريق وتزيح السيارات المخالفة من غير تعد على الآخرين.
فالمدينة صغيرة المساحة مليئة بالملايين التي جاءت من كل فج عميق ومع ذلك تشعر أن الأمور تمر بسهولة ويسر.
القيادة الحكيمة والإدارة الناجحة هي التي يتسع صدرها للعاملين فلا تصدر قرارات إلا بعد مشاورة ومداولة فكما قال القائل:
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به
ورغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها
تتخذ القرار الذي يؤدي إلى صلاح العمل وراحة العاملين من غير مراعاة لمصلحة شخصية بل مصلحة العمل الجميع.
هناك مثل صيني يقول إن السمكة تتعفن من رأسها وأحسن من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)، فالقلب ملك والأعضاء جنود فإذا صلحت الرعية فمن صلاح الراعي والأعمال أياً كان نوعها أو طبيعتها تحتاج إلى من ينظمها ويديرها فإن كانت القيادة حكيمة سارت سفينة الحياة إلى بر الأمان بسلام، وكما ذكر الدكتور عامر بن خضير الكبيسي في كتابه القيادات الإدارية تحت المجهر (كلما تمتع القائد بخصائص وسمات متميزة كان أقدر على فهم الموقف وخصائص المجتمع والظروف المحيطة بما فيه أفراد الجماعة التي يحرص على توظيفها والاستجابة لاحتياجاتها).
ما أحوجنا إلى قيادات إدارية واعية تعلم الناس بسلوكها وسعة صدرها وسماحة نفسها ورجاحة عقلها تترجم إنجازاتها عن حالها وتدل أفعالها على جودة تخطيطها وتدل إنجازاتها على حنكة قيادتها فإدارة الوقت وحسن التخطيط ومراعاة العاملين وجعل المصلحة العامة محل النظر كل ذلك من صفات القادة.
- فهد بن عبدالله الجديع الحربي