بيروت - منير الحافي:
حملة حزب الله على المملكة العربية السعودية لاقت ردة فعل عنيفة من قِبل رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وإعلام تيار المستقبل على الحزب. هذا الأمر يراه منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد بأنه مطلوب أن يُعمم على كل الأطراف اللبنانية وعلى الحكومة اللبنانية بالذات؛ حتى يُعلم أن موقف الحزب لا يعبِّر عن رأي اللبنانيين بل يعبِّر عن موقفه فحسب. سعيد يقول في حوار مع «الجزيرة»: «إن العلاقة التي تربطنا بالمملكة أكبر وثابتة أكثر بكثير من أي مغامرات أي طرف لبناني. وإذا كان حزب الله يريد أن يسدد فواتير لإيران من خلال الشتائم التي يوجهها إلى المملكة ورموزها فنحن اللبنانيين نرفض رفضاً باتاً هذا السلوك».
سعيد أكد أن المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز أعادت عبر «عاصفة الحزم» التوازن العربي الفارسي في المنطقة. وفيما يأتي نص الحديث:
* دكتور سعيد.. سنبدأ بالتطورات المحلية. هل تعتقد أنه بعد الاتفاق الإيراني الأمريكي يمكن للبنان أن يحظى برئيس جمهورية؟ يقول الرئيس نبيه بري إن هذا الاتفاق سيفتح آفاقاً عديدة، ومنها الباب اللبناني.
- بداية، لا بد أن نؤكد أن لبنان هو البلد الوحيد؛ إذ يوجد اتصال وتواصل سياسي سني شيعي على قاعدة الحوار الحاصلة الآن بين حزب الله وتيار المستقبل فيما كانت الكوارث قائمة في اليمن والعراق ولبنان وسوريا.
لبنان يتميز بفضل نضج الفرقاء الداخليين بإبقاء «شعرة معاوية» بينهم، بهدف تبريد الأجواء؛ وبالتالي لبنان هو البلد الذي ربما سيشهد أول التداعيات الإيجابية للاتفاق النووي. إنما ما تشهده الساحة اللبنانية اليوم يأتي مناقضاً لما قلتُه، عبر الحملة التي يقوم بها حزب الله ضد المملكة العربية السعودية. وهذه الحملة أولاً لا تمثل اللبنانيين الذين يكنّون كل الاحترام للمملكة العربية السعودية، ويعترفون باحتضانها آلاف العائلات اللبنانية، الذين يساهمون مع إخوانهم السعوديين بتطويرها. وبالتالي هذا السجال الإعلامي نتمنى أن لا يؤدي إلى توتر العلاقات بين البلدين؛ لأن حزب الله لا يمثل رأي كل اللبنانيين ولا يمثل إلا رأيه؛ وبالتالي أعتقد أن هذا التوتر يعيشه الحزب بعد عاصفة الحزم. وهذه النتائج يُقدر بأنها كارثية عليه أيضاً من خلال التوافق الإيراني الأمريكي؛ لأنه في النهاية إذا كان هناك عودة لإيران إلى الشرعية الدولية فلا يمكن أن تكون هذه العودة فقط على قاعدة الملف النووي الإيراني. يجب أن تكون أيضاً عودة إيران إلى كل مفاصل الشرعية الدولية. لا يمكن أن يكونوا مع الشرعية الدولية في الملف النووي وضد الشرعية الدولية في القرار الدولي 1701. لا يمكن أن يكونوا مع الشرعية الدولية في الملف النووي وضده في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري)؛ وبالتالي يعيش حزب الله حالة من التوتر والقلق من جراء ما يحدث في اليمن من قِبل المملكة العربية السعودية وعاصفة الحزم التي أعادت التوازن العربي الفارسي في المنطقة. ويعيشها أيضاً من خلال هذه العلاقة المستجدة بين إيران والغرب؛ حتى لا يدفع ثمن هذا التوافق بين إيران والغرب.
* دكتور سعيد.. تقول إن الملفات العالقة في المنطقة لن تقتصر فقط على الملف النووي الإيراني. في هذا الحوار الأمريكي الإيراني الأوروبي الإيراني امتداداً هل تعتقد أنت أنه سيتم تناول بقية الملفات، مثل الملف الرئاسي اللبناني وأيضاً ملف حزب الله؟
- أنا أستبعد أن تكون الولايات المتحدة أو أن يكون الغرب قد تكلم مع الإيرانيين بمستقبل سوريا أو بمستقبل رئاسة الجمهورية اللبنانية أو بمستقبل حزب الله في لبنان. الكلام حصل فقط بالملف النووي. إنما هذا الكلام وهذا الانحسار بالملف النووي إذا وصل إلى خواتيمه في حزيران 2015 يعني أنه لا بد أن يُفتح تلقائياً ملفات المنطقة، وعلى رأسها ملف سوريا والملف اللبناني والملف الفلسطيني وملف سلاح حزب الله. ولا يمكن إلا أن يكون في هذا الاتفاق حول النووي انعكاسات أكيدة وصريحة على تدخل إيران في المنطقة، الذي أصبح اليوم تدخلاً غير مقبول. نحن نعيش في منطقة، وندرك ونعلم أنه مَنْ يُرِد أن يلعب أدواراً فيها فيجب أن تكون أدواره إيجابية. أتى في الماضي الانتداب الفرنسي والبريطاني إلى المنطقة حاملاً معه مستشفى وجامعة ومدرسة، وقاومه الناس، وطالبوا بهويتهم العربية وبهويتهم الوطنية. فكيف إذا أتت قوى إقليمية غير عربية تحمل في يدها فتنة سنية شيعية، تحمل في يدها سلاحاً، وتحمل في يدها صواريخ، تستعلي على العرب، وتعطي الدروس، وكأنها هي التي حافظت على كرامة العرب في فلسطين بينما العرب تخلوا عنها؟
* نريد أن نتحدث عن عاصفة الحزم وحملة حزب الله على المملكة العربية السعودية. كيف رأيت مقاومة اللبنانيين لهذه الحملة على السعودية؟
- بداية، نحن نطالب حكومة لبنان التي حزب الله عضو فيها بأن تضع فصلاً واضحاً وحدوداً واضحة بين موقف لبنان الرسمي وموقف حزب الله؛ حتى تفهم المملكة العربية السعودية وكل الإخوة العرب أن ما يعبّر عنه حزب الله هو موقفه الشخصي والخاص، وليس موقف لبنان الرسمي أو موقف اللبنانيين مجتمعين. أيضاً، الصحافة اللبنانية التي تعمل في فضاء حزب الله هي صحافة فلتت من عقابها، وتتهجم على رموز وعلى شخصيات في المملكة. لم نرَ هجمة مقابلة على حملة حزب الله إلا من تيار المستقبل والأجهزة الإعلامية التابعة له. إنما هذا الموضوع يجب أن نأخذه كمسؤولية وطنية مشتركة، وليس فقط من إعلام المستقبل في مواجهة إعلام حزب الله. إن أمن اللبنانيين الاجتماعي وإن العلاقة التي تربطنا بالمملكة هي أكبر وثابتة أكثر بكثير من أي مغامرات أي طرف لبناني. وإذا كان حزب الله يريد أن يسدد فواتير لإيران من خلال الشتائم التي يوجهها إلى المملكة ورموزها فنحن اللبنانيين نرفض رفضاً باتاً هذا السلوك، ونعتبره أنه لا يمثل إلا نفسه.
* كان لك كلام بعد لقائك مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بأن عاصفة الحزم مفترق طريق، وأنها ستعيد للعرب وضعهم كأمة ومكانتهم كقومية عربية في مواجهة الفرس. علام بنيت هذا الاستنتاج؟
- منذ زمن يتكلم كل المحللين والقارئين في أمور المنطقة بأن إيران وربما إسرائيل وتركيا تتعامل مع العالم العربي وكأنه الرجل المريض، وكأنهم يتقاسمون نفوذهم على جسد هذا الرجل المريض. وكأن العالم العربي سيتحول إلى ضواحٍ لطهران وتل أبيب وتركيا. تربطنا علاقات جيدة مع تركيا، ولا نريد العداء لإيران. أما إسرائيل فوضعها مختلف عن الآخرين. إنما لا نريد أن نغيّب هويتنا الثقافية العربية. وأنا أرى أن ما قامت به المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان من خلال عاصفة الحزم أعادت لنا جميعنا نحن العرب واللبنانيين كرامتنا. وأنا أتكلم كماروني. أقول إننا حسمنا خيارنا منذ قرون بأننا عرب، ونتصالح مع لبنانيتنا ومع عروبتنا، ولا نضع عروبتنا في مواجهة لبنانيتنا، ولا نضع لبنانيتنا في مواجهة عروبتنا.