قرأت مقال د. عبدالواحد الحميد (الحذار.. الحذار.. أيها المتقاعدون) في عدد يوم الاثنين 17 جمادى الآخر 1436هـ العدد (15530) وإني إذ أشكر الدكتور على مقالته أود أن تتاح الفرصة بنشر هذا التعقيب فهناك شريحة من المجتمع لاتزال منسية وتحتاج إلى وقفة ومراجعة.. ماذا قدمنا لهم سابقا ونقدم لهم حاليا وما المطلوب تقديمه لهم مستقبلا.. هذه الفئة هم المتقاعدون.. وقد تكون كتابتي قريبة من تلمس احتياجات ومتطلبات وملاحظات هذه الفئة باعتباري واحدا منهم وقد تفوتني أمور أعمق من ذلك لأنني تقاعدت اختياريا من الوظيفة منذ عدة سنوات، وقد يتيح مقالي هذا مقالات وتعليقات من المتقاعدين بما واجهوه من مصاعب على أرض الواقع بعد تقاعدهم.. هذه الفئة التي أفنت زهرة شبابها ولكن للأسف الشديد لا مجيب لمطالبهم المشروعة وآمل من المتضررين المشاركة والتعليق فقد لا أعطي هذا الطرح حقه ويهمني في هذا الموضوع أكثر المتقاعدين على سلم الرواتب القديم ونحن وهذه الفئة نشترك في خاصية عدم استحقاقنا لأي زيادة مطلقا على الرغم من أن مستوى المعيشة في ارتفاع من سنة إلى أخرى وهذا يرجع إلى نظام التقاعد المبتور.
انضم لنا في عشنا عشرون ألف متقاعد منذ أول رجب الجاري سيواجهون مصاعب المتقاعدين السابقين وهي برأيي تنقسم إلى:
1- مصاعب شخصية.. تعتمد على تهيئة المتقاعد النفسية لمواجهة مرحلة ما بعد التقاعد وبعضهم لم يكن قويا فتبدأ معه الأمراض العضوية خصوصا فئة الذين كانت أعمالهم تتطلب حركة وجهدا ويعلم الله وحده إلى أين ستؤدي بهم هذه الأمراض وهذا ناتج عن قلة الوارد وثباته وإلى زيادة الاستهلاك وحتى ثباته وتجعل المتقاعد في عملية مواءمة لضبط فالميزانية بين الوارد والمنصرف قد لا تنجح وسيؤثر ذلك تأثيرا سلبيا على اقرب الناس لديه أما الميزانية المنزلية الجديدة التي يحاول ترشيدها بالتأكيد لن تتناسب مع مستوى المعيشة والدخل قبل الإحالة للتقاعد فمحاولة إلغاء وشطب بعض الأمور الحياتية والمصروفات قد تمس الحاجات الضرورية متجاوزة الكمالية والرفاهية وستؤثر على نفسية المتقاعد وأفراد أسرته الذين يعولهم وسينشأ جو مفعم بالمساءلة والمحاسبة والتدقيق والشحن النفسي وتصيد الأخطاء والزلات.
2- مصاعب أخرى (عامة) عن مدى تقبل المجتمع لهذا المتقاعد بعد التغيير.. فالذي حصل أنه كان شخصا مسئولا ذا وظيفة ومنصب وجاه فقد ذلك بعد التقاعد.. إذن هل هيأ نفسه لهذه اللحظة وكسب محبة الآخرين أم أنه كان متعاليا متغطرسا يظن أن الأرض قلما أنجبت أمثاله، هنا سيصبح ضحية نفسه هل كان كريم النفس ودودا حريصا على صلة الرحم يسأل عن القريب والبعيد له أصحاب حقيقيون يسألون عنه وليسوا من أصحاب المصالح الشخصية، هنا سيظهر الفرق بين الاثنين وعندما نذكر ما سيواجهه المتقاعد من نقص في المال والصحة مقابل ازدياد المتطلبات الحياتية خصوصا مع كبر الأبناء فانه يجب النظر في التالي:
1- تعديل رواتب المتقاعدين القدامى الذين يخضعون لنظام التقاعد القديم ومساواتهم بزملائهم الذين يخضعون لنظام التقاعد الأحدث وكذلك وضع حد أدنى للراتب.
2- عمل زيادة لجميع المتقاعدين إما سنوية أو كل سنتين حتى لو كانت رمزية لأن تجميد الراتب التقاعدي حتى وفاة الشخص فيه تأثير على الروح المعنوية للمتقاعد.
3- إيجاد وظائف للمتقاعدين أصحاب الخبرات المميزة والذين يرغبون في مواصلة العمل وقد أحسنت الغرفة التجارية والصناعية بالمنطقة الشرقية وأخذت الريادة وشكلت لجنة للمتقاعدين تشرف عليها الغرفة إلا أن المأخذ عليها أنها ركزت على توظيف المتقاعدين من الشركات الكبرى المعروفة ولم تركز على المؤسسات الأخرى حسبما سمعت ولقلة معلوماتي عنها فلا يحق لي الخوض فيما أجهل ولكن ما ينبغي أن أقول إننا نحن المتقاعدين أصحاب الخبرات لا ينبغي أن نكون منافسين لأبنائنا حديثي التخرج لأسباب يعلمها الجميع إلا في بعض التخصصات لعدم وجود خبرة تطلبها بعض الشركات منهم.
وأحب أن أذكر تجربة مررت بها شخصيا لأوضح أحد هذه الأسباب، فقد قامت إحدى الإدارات الحكومية بالإعلان بالصحف عن وظائف مشغولة بمتعاقدين أجانب وكانت المؤهلات المطلوبة دكتوراه أو ماجستير أو بكالريوس مع وجود خبرة لا تقل عن عشر سنوات في أعمال بحرية ولأنها تلائم تخصصي فقد قدمت على إحدى هذه الوظائف متسلحا بمؤهلاتي وخبراتي السابقة وقد رحب بي مدير هذه الإدارة وزملاؤه وبالرغم من أن هذه الوظائف على بند التشغيل والصيانة إلا أنه لم يتم توظيفي فيها بسبب أنني أتقاضى راتبا تقاعديا حسب إفادة ديوان الخدمة المدنية لهم وعليه فلم أتوظف منذ عدة سنوات وأنا أقرأ في صحفنا المحلية نفس الإعلان يتكرر ومازال المتعاقدون يشغلون هذه الوظائف.
4- يتمنى المتقاعدون لو يتم تعديل عدد سنوات الخدمة وتقليصها من 40 سنة إلى 35 سنة للرجال لاستحقاق الراتب كاملا وأن يكون للنساء حتى 25 سنة لاستحقاق الراتب ففي ذلك فوائد عظيمة جدا، يعلمها الجميع ولا داعي لذكرها وتكرارها.
5- يطلب المتقاعدون عمل نواد متكاملة تتوفر فيهل أنواع الرياضات والألعاب والسباحة والملاعب والمطاعم قد تكون باشتراك سنوي كما هو حاصل في أكثر الدول بحيث يستطيع المتقاعد أن يقضي يومه بأعمال مفيدة ولو كلفت رعاية الشباب بهذه المسئولية أو مصلحة التقاعد أو التأمينات الاجتماعية فهو مشروع تجاري بحيث يتوقع أن يعطي مردودا جيدا، فنادي ضباط القوات المسلحة بالرياض يعتبر أنموذجا حيا خدم ويخدم شريحة من المجتمع الذين على رأس العمل والمتقاعدون يقومون بالاستفادة منه فأسعاره رمزية ونشاطاته متعددة.
والمطلوب بشكل عام، نواد ثقافية واجتماعية ورياضية وترفيهية يقضون فيها أوقاتا مفيدة بما يعود عليهم بالنفع، ومن لديه رغبة واستعداد يشارك في إدارة هذه النوادي والعمل في مرافقها برسوم رمزية وتصدر بطاقات عضوية لكل منتسبي هذه النوادي وتدعى اليها شخصيات خاصة وعامة لإلقاء المحاضرات والندوات وتقام الحفلات من مناسبات وزواجات وأفراح كما هو معمول به في دول العالم.. ونحن لا نقول إن ذلك من باب رد الجميل لهذه الفئة فقد علمنا ديننا ذلك ولكن فيه فوائد منها تقليص مصروفات الحفلات والزواجات وإيجاد صالات جديدة تنافس الموجود الحالي المبالغ في أسعاره وقد يكون إنشاء هذه النوادي عن طرق إيجاد أراض من قبل البلديات أو استغلال الحدائق الكبيرة لإنشاء هذه النوادي وقد يجد إخواننا العقاريون فرصة ربحية في قيامهم بعمل مساهمة وطرحها لإنشاء هذه النوادي على أن تكون أولوية امتلاك هذه الأسهم للمتقاعدين ومصلحة التقاعد والتأمينات الاجتماعية.
6- إعطاء المتقاعدين خصما -ولا نقول مجانا- في الخطوط السعودية والسكة الحديد - النقل الجماعي.. الخ.
أخيرا ألا تشاركونني الرأي في أن المتقاعدين والمتقاعدات في وطننا الحبيب يحتاجون إلى وقفة والنظر في رفع مستوى معيشتهم وتطوير نظامهم التقاعدي.
- زكي اسماعيل