أيها الذاهبون إلى ساحات المجد.. خذوني معكم.. وبي شوق لروائح البارود والوميض الخافت من شاشات الحواسيب في العتمة، وحنيني كبير لأصوات الرصاص والطلقات وكل ما يصنع المجد.
يوما ما كنت مثلكم.. جنديا صغيرا أحتزم مسدسي وأضع على الجانب الأيمن من صدري فصيلة دمي وفوق القلب تماما أضع اسمي.. لأن الأرض تستقبل العائدون إليها بأسمائهم وفصائل دمائهم وما تبقى منهم وتحتضنهم ككل الأمهات.
هذا الدم الذي نروي به الأرض إذا ما دعا الداعي ونموت يزهر مرة أخرى ونولد ونحن مستعدون لنموت مرة وأخرى وأخرى وأخرى وألف أخرى فداء لهذه الأرض وهذا الوطن وللوجوه السمراء الأصيلة التي تتبختر عليه كل يوم بكبرياء مستحق ومن لديه وطن كوطني فليقول.. ولن يقول أحد.
أيها الذاهبون لجنوب الوطن وسماء الوطن ومياه الوطن الأغلى كنت يوما مثلكم وجربت المشاعر التي تنهبكم اليوم وأعرف ألم ساعات الوداع ولحظة إطفاء أضواء المنزل والنظرة الأخيرة الموجعة قبل المغادرة لكل ما هو حميم غير أني أيضا لن أنسى روح الكبرياء التي كنا نحمل وتحملون الآن.. والأهداف الواضحة التي دائما كنا نسعى إليها والقضايا التي من أجلها يهون كل شيء.. كل شيء حتى الوجع.
ولطالما امتلكنا دائما أفضل قيادة، قيادة الإيمان والحزم.. والحرب قيادة في المقام الأول.. وامتلكنا أفضل سلاح يمكن اقتناؤه.. وبالطبع امتلكننا الإيمان بالله ثم بنا وأهدافنا ومن أجل عيون أطفالنا وغدنا وأمننا ومن أجل أجمل الأوطان.
ومشكلتنا التي يبدو أننا لن نتعافى منها دائما كانت هي الحلم.. لقد كنا حليمين دوما.. صبورين دائما متسامحين دوما ومفترضين حسن النيات وحسن الجوار والحُسن الحسِن من كل شيء وهكذا تربينا وكبرنا وهكذا لن نتغير.
وكان البعض عن غباء وجهل لا يرى في ذلك سوى سذاجة.. وربما يظن أننا نهاب الردى ونختبأ خلف الآخرين ولطالما ظنوا بنا ما هو أكثر.. وكنا نتألم لأننا نعرف صدق قول الشاعر:
وَما قَتَلَ الأحرارَ كالعَفوِ عَنهُمُ
وَمَنْ لكَ بالحُرّ الذي يحفَظُ اليَدَا
إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ
وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا
وَوَضْعُ النّدى في موْضعِ السّيفِ بالعلى
مضرٌّ كوضْع السيفِ في موضع النّدى
ولطالما وضعنا الندى حيث كان يجب أن يوضع السيف.. والحلم حيث يجب الحزم ولطالما افترضنا في الآخرين قيم المرؤة.
ويا سيدي يا سلمان شكرا أن اختصرت بنا الطريق نحو المجد وأعلنت بصوت الحق أولاً ثم بصوت النار والبارود من هم نحن.. وماذا نمتلك ومن هو الإنسان السعودي والجندي السعودي والسلاح السعودي.. الذي طالما قالوا عنه إنه اللا شيء والآن يعضون أصابعهم من الندم والألم وسيندمون طويلا.
وأنا لا أمجد الحرب.. ولا أي عاقل يمجد الحرب ونعرف ما هي الحرب وما هو الموت وخراب الأوطان. ولطالما دفعنا بسخاء ظنه البعض تبذيراً وبكرم ظنه آخرون شراء ذمم ولم يقولوا إننا كرماء وإننا نظن بالدم وندفع الشر بعيداً.. والآن ما عاد يجدي يا سلمان إلا البارود.. وأنت لها ونحن خلفك ومعك والويل ثم الويل لمن ظنوا بنا السوء.
ويا أيها الذاهبون للمجد خذوني معكم لا لشيء سوى أن أقول إني أحبك يا بلادي وبي حنين مفرط لأستظل راية بلادي ولأني كنت يوما مثلكم جنديا ركب الموج وأمتشق السلاح ويحن لظلال المداخن وللسهر لينام مطمئنا وطن.
ويا وطني أحبك.. وأحبك يا سيدي يا سلمان.
- عمرو العامري