قرأت مقال الكاتب الرائع عبد العزيز السماري في عدد يوم الخميس 13 جمادى الأولى 1436هـ والذي كان بعنوان: (عن الفحل الإداري)، وعليه أود التعليق بأن التخطيط الإستراتيجي هو إحدى المهارات الأساسية للقيادة، وهو عبارة عن خارطة تُرشدك إلى الطريق الصحيح بين نقطتين: أولاها أين أنت الآن؟.. والأخرى أين ترغب أن تكون في المستقبل.. وكيف يمكنك أن تحقق ذلك؟.. وأما التفكير بمعناه العام هو نشاط ذهني أو عقلي يختلف عن الإحساس والإدراك ويتجاوز الاثنين معاً إلى الأفكار المجرّدة، أو هو سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يستقبله عن طريق الحواس الخمس، وإن التفكير مفهوم معقّد ينطوي على أبعاد ومكونات متشابكة تعكس الطبيعة المعقّدة للدماغ البشري، ويبدأ الفرد بالتفكير عادة عندما لا يعرف ما الذي يجب عمله بالتحديد.
التنظير، هو صياغة قواعد لمجموعة من الأفكار أو الأعمال أو العلوم غير التجريبية، ويشمل مثلاً الكثير من العلوم الإنسانية والاجتماعية، كما تُعتبر معظم مواد التنمية البشرية والإدارية من قبيل العلوم التنظيرية، والمُنظر ما يطرحه من مثالية بعيد عن إمكانات وقدرات المطروح، والقدرة على صياغة النظرية، وكلمة تنظير تعاكس معنى الواقعية والموضوعية، وأما التطبيق فهو عبارة عن القيام بالفعل النظري وتطبيقه فعلاً، حتى يكون واقعاً محسوساً بعد العلم به نظرياًّ، والترتيب الصحيح هو أن يكون التنظير قبل التطبيق، فإن العلم يسبق العمل، كما قال الإمام البخاري: باب العلم قبل القول والعمل.. ومن هنا تتبادر للذهن تساؤلات عدة وأهمها هو: هل التطبيق أهم من التنظير؟.. أم هل التنظير أهم من التطبيق؟.. وهل نبدأ بالتنظير أولاً.. أم بالتطبيق؟
يُعتبر التنظير والتطبيق بمرتبة واحدة من الأهمية، فلا تنظير من دون تطبيق، ولا تطبيق من دون تنظير، فالأولى يأتي وضعها بسبب ما أتت لمعالجة خلل واقع فعلياً، والأخرى تأتي تبعاً للأولى، فالأهم هو بذل الجهد بالمزج بين الأمرين، فالتطبيق يحتاج إلى جهد أكثر مما يستغرقه الشخص في وضع النظريات، تجد أشخاصاً يبذلون 90% من جهدهم في التنظير، و10% للتطبيق، وأُناساً آخرين يعكسون المسألة فيبذلون جهداً أكبر بكثير في التطبيق من دون تنظير مبني على رؤيةٍ واضحة وأطر ومعالم مفهومة وقابلة للتطبيق.. ويمكن للشخص أن يكون مطبقاً لعلم أو نظرية عملياًّ وهو لا يعلمها من الناحية النظرية، فمثلاً من يُطبق أحكام التجويد عند تلاوته للقرآن الكريم، وهو لا يعرف قواعد التجويد فهذا هو التطبيق، وكذلك من يستطيع بناء عمارة محكمة البناء، وهو لا يعرف قواعد الهندسة، وهكذا بالنسبة لبعض القادة تراهم يتخذون قراراتهم ويطبقون النظريات وهم لا يشعرون، لأن النظريات في التخطيط الإستراتيجي تُعتبر كأداة يسترشد بها القائد، ويستخدمها لمعالجة مشكلة ما أو تفادي وقوع المشكلات التي من الممكن حدوثها في المستقبل.
نجوى الأحمد - الرياض - جامعة الأميرة نورا