الشاعرة: بنت الشبرمي:
كانت شاعرة وذكية وعاقلة ومؤدبة وكان والدها مشهوراً بالكرم والرجولة وهو من سكان (سميراء) في حائل وقد حصل لهذه البنت رأي سديد في قصة وقعت في زمن حجيلان بن حمد آل أبي عليان أمير بريدة بعد سنة 1220هـ.
ذلك أنه مرّ قطّاع طرق (حنشل) على غنم لأهل بريدة وكأنها ضائعة وأخذوها فمروا على سميراء من حدود حائل وتضيفوا الشبرمي المذكور والد الفتاة وكأن الغنم لهم وصاروا ضيوفاً عنده فعلم أصحاب الغنم بسرقة أغنامهم فذهبوا إلى حجيلان أمير بريدة وشكوا عليه فأرسل معهم رجال الإمارة الذين يسمون (الخدام) أي خدم الحكومة تتبع (الخدام) أثر الغنم حتى وقفوا على بيت الشبرمي في سميراء وقد أناخوا جمالهم عنده وقد ذبح لأولئك الحنشل وهو لا يعلم بأنهم حنشل فسأله خدام الحكومة عن أضيافه فقال هؤلاء ضيوف عندي فقال له الخدام هؤلاء ليسوا ضيوفاً ولكنهم حنشل وأنت مزين ومدخل حنشل عندك فقال الشبرمي أنا لم أدخل سرقان وبابي مفتوح لهم ولغيرهم ولا أعلم أنهم حنشل ومن أتى ضيفته على باب الله أكد وأجمع ومن جاء ضيفته دون وجهي وجماعتي.
فقال الخدام أجل هؤلاء سرقان وقد أخذوا هذه الأغنام ولا بد أن تحملهم لنا مع الأغنام وقد صعب الأمر على الشبرمي وحار فيه فقال لهم تعشوا وبعد ذلك يكون خيراً بإذن الله هذا وبنت الشبرمي تسمع ذلك فدقت الجدار على أبيها فذهب إليها فقالت له ماذا حصل فأخبرها بذلك وأن الخدام يقولون سلمهم لنا سوف نذهب بهم إلى الإمارة فقالت ابنته: وأنت ماذا ستفعل فقال سوف أقول لهم هؤلاء هم عندكم خذوهم خذوهم فقالت له ابنته إذا أخذوهم وأخذوا الغنم فبعد مائة سنة أو مائتي سنة سوف يقال إن الشبرمي سلَّم ضيوفه قال: ماذا أفعل إذا لم أسلمهم لهم فسوف يأتون غداً ويضعون الحديد بيدي ويسجنوني عند الأمير حجيلان (وكان الأمير حجيلان له سلطة وقوة نافذة وقد توفي في المدينة المنورة سنة 1234هـ وله من العمر ثمانون سنة) فقالت ابنته لا تسلّمهم الرجال ولكن قل لهم سوف أسلمكم الغنم ولكن الرجال أنا مسؤول عنهم وسوف أسلمهم بعد غد إلى الإمارة وأنا مسؤول عنهم فإن ضاعوا فسوف أسلم نفسي للإمارة وضعوني في السجن.
أخذ والد البنت رأيها بالقبول وصدق كلام ابنته على أن هذه هي الطريقة المثلى.. دخل الشبرمي مرة أخرى عليهم وعشاهم فلما أصبحوا قالوا له الآن نذهب بهم فقال الشبرمي لهم من طرف الضيوف فيهم ضيوف وحتى لو كانوا سرقان أنا آتي بهم وأسلمهم لأنه عيب علي أن تأخذوا ضيوفي من عندي أما الغنم فخذوها أما السرقان فلن أسلمهم ولكني سوف آتي بهم وإذا لم آتِ بهم فأتوا واضربوا الحديد بيدي وخذوني إلى الإمارة. اقتنع رجال الإمارة الذين يسمون (الخدام) وأخذوا الغنم فلما ذهبوا قالت ابنة الشبرمي لأبيها: الآن خذ عهداً من ضيوفك السرقان أنك إذا أحتجت لهم يأتون إليك وخذ أسماءهم وخذ وسومهم وعلومهم ثم اسمح لهم بالذهاب فدخل الشبرمي على ضيوفه الحنشل وأخبرهم بذلك فقال له ضيوفه لك علينا العهد والميثاق إن أتاك شيء فسوف نأتي إليك وندخل السجن بدلك فقال لهم اذهبوا الآن فذهبوا فرجع الشبرمي إلى ابنته فقالت له: الآن اركب على هذا الذلول ولا تأتي بريدة اجعلها على يمينك واقصد (الدرعية) للإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود (وهو في ذلك الزمن أمير الدرعية) وادخل عليه وأخبره بالقصة من أولها إلى آخرها ولا تخفي عليه شيئاً منها فقال والدها: إذا أخبرته بهذه القصة فسوف يدخلني السجن حتى أموت فيه وسوف يقول أنت ملفي السرقان وأنت فكيتهم فقالت إذا أراد سجنك فقل هذه أسباب ابنتي وهي التي أشارت علي بذلك وبنتي تقول:
عذر السحاب ولو ترزم ولاهل
وبعذر والي البيت لو ما سقانا
اخذ الدخيل وراعي البيت ما حل
لولاه يوم ما جالنا ما نصانا
للمرة الأخرى يجنب إذا ذل
يلقى الدروب مفتحات بلانا
تحزموا بالغوش ما عاد به ذل
لو مرشد حي بسيفه حمانا
خذ هذه الأبيات وإن رأيت أنه سوف يسجنك فقل له بنتي هذه التي قالت هذه الأبيات وحمستني وأرسلتني لك وتوكل على الله، فركب الشبرمي على جمله ونهار خامس وإذا هو في الدرعية ولما جلس الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود في مجلسه وجلس عنده طلبة العلم والرجال الذين يقولون كلمة الحق والذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وفيهم الخير فدخل عليه الشبرمي وسلم فقال: أنا فلان الشبرمي حصل كذا وكذا وأنا زبنتهم وعشيتهم ولا عندي خبر عنهم فتبين أنهم قد أخذوا غنماً والغنم رجعناها وأنا الآن قد جئت لأعلمك بذلك حتى لا يسجني حجيلان فقال الإمام: (أنت صاير ولاية للسرقان من سرق صار تعشى عندك وهججته وتكلم عليه، فلما وصلت الأمور إلى هذا الحد قال الشبرمي: والله إنني ممتنع وأني سوف اسلمهم وغنمهم إلى حجيلان ولكن هذه أفعال ابنتي فقال له الإمام سعود: وما دخل ابنتك في ذلك فقال: هي التي حمستني وقال له الأبيات السابقة التي قالتها له ابنته فتكلم الرجال الذين كانوا يجالسون الإمام في مجلسه فقال أحدهم: يا الإمام هذه البنت رجالية هذه تسوى من يقدّرها ويحترمها.
وكل واحد منهم قال كلمة طيّبة فقال الإمام: وبنتك هذه هل هي متزوجة أم لا؟ فقال الشبرمي: لا إنها لم تتزوج فقال الإمام: ارجع إلى بلدك وشاورها إن كانت تريدني فأنا أريدها فرجع الشبرمي إلى بلدته وأخبر ابنته بذلك فتزوجها الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود رحمهم الله جميعاً.
الشاعرة: نورة الهوشان:
من سكان عين الصوينع في السر بمنطقة الدوادمي وكانت وفاتها في سنة 1355هـ رحمها الله.
وقد تزوجت برجل من أهل بلدتها عين الصوينع ولم تطل العشرة بينهما كما يحدث ذلك بين بعض الأزواج فطلقها وأسفت على ذلك شديد الأسف ثم خطبها الكثير من الرجال بعد طلاقها من زوجها الأول ولكنها رفضتهم ولم تتزوج بعد زوجها الأول ابن دويرج.
وفي ذات يوم مرت بنخل زوجها السابق فتذكّرته وتذكرت عيشتها معه فجسدت لوعتها بهذه الأبيات قالت فيها:
يا عين هلي صافي العين هليه
وإلا انتهى صافيه هاتي سريبه
يا عين شوفي زرع خلك وراعيه
هذي معاويده وهذا قليبه
إن مرني بالدرب ما أقدر أحاكيه
مصيبة ياوي والله مصيبة
اللي يبينا عيت النفس تبغيه
واللي نبيه عي البخت لا يجيبه
الشاعرة: مويضي بنت ابو حنايا البرازيه
عرفت بسرعة البديهة والذكاء المفرط وتعتبر المذكورة من أشهر شاعرات الجزيرة العربية واشتهرت بشعرها الحماسي الذي كانت تستلهب به همم الرجال ولها في ذلك الكثير من القصائد ومن شعرها هذه المحاورة التي دارت بينها وبين اختها (بنأ) وزوج أختها (بنأ) رجل معروف وشجاع وكانت تفتخر على أختها مويضي المذكورة فقالت (بنأ).
شوقي غلب شوقك على هبة الريح
ومحصل درب الكرم والشجاعة
ركاب شوقي كل يوم مشاويح
وإلى لفا صكوا عليه الجماعة
فردت عليها أختها (مويضي) تذكر فيه بأنها تريد الزوج قليل الأسفار ودائماً عندها ولا يخالف لها رأياً فقالت في الرد:
ما هوب خافيني رجال الشجاعة
وبي بهم مير المناعين ضلفين
أريد من دس من وسط الجماعة
يرعى غنمهم والبلهم والبعارين
وفي ذات يوم كانت تتغنى بأبيات لها وكان صوتها مميزاً وقد سمعها رجل من المتدينين فأرسل لها رجلاً اسمه (سلامة) فتكلم عليها أو أنه ضربها وعندما سمعت حمامة تغني برأس نخلة قالت هذه الأبيات وتذكر فيها سعادة تلك الحمامة التي لا يستطيع أن يصل إليها سلامة فيضربها كما ضرب مويضي المذكورة تقول فيها:
يا سعد عينك بالطرب يا الحمامه
ياللي على خضر الجرايد تغنين
عزى لحالك وأن درى بك سلامة
خلاك مثلي يا الحمامة تونين
كسر عظامي كسر الله عظامه
شوفي مضارب شوحظه بالحجاجين
جاني يقول مرو حينه عمامه
الله يخرب ديرة لا صفر العين
الشاعرة: وضحى بنت عبدالله الدوسري
طلقها زوجها فرفضت الزواج إلا من رجل تجتمع فيه الخصال الكريمة والسيرة الجميلة حتى ولو كان كبيراً في السن تقول في قصيدة لها:
أنا من يعاونيِّ على حب راع الطيب
أحب الشلي لو كان والله ما يبغين
أحب الشلي لو كان نصف العوارض شيب
ولا أريد ولد اللاّش حتّيش لو به زين
الشاعرة: شيهانة قطر
تطرقت في شعرها إلى ذم بعض التصرفات التي تصدر من بعض النساء المسلمات التي لا تليق بأن تصدر منهن، حيث ينحدرن من مجتمع محافظ فوجهت لهن هذه القصيدة المتميزة تقول فيها:
من راقب الناس زاد الهم في ضلوعه
يموت مغتاظ لا سمع ولا طاعة
كم صورة شفتها بالذهن مطبوعة
تكشف كثير البشر وتبين طباعه
بنت القبايل بزيف الغرب مخدوعه
مثل الفراشة بهرها النور بشعاعه
ما تدري أنها لدرب إبليس مدفوعه
تمشي على نغمة الشيطان وايقاعه
وتصبح كما سلعة ما هيب مطموعه
لو خفضوا سعرها ما هيب منباعه
واللي حدا به نصيبه تطفي شموعه
تبيه يخضع وهي مهيب خضاعه
لو اخسارة حليب امه ومنفوعه
وراه ما يبعد والنفس جزاعة
وترى العفيفة عن الزلات مرفوعة
اللي لدرب الشرف والعز سباعة
من غالي الدر والياقوت مصنوعة
ولا هي تذكر مع الشارين والباعة
في حكم أبوها وتمشي دوم في طوعه
واللي تجي من نصيبه طايل باعة
وكم واحد منه بنت الناس مفجوعه
يفرض عليها الشقاء والذل بأنواعه
من كثر هذره ونزره دوم مفزوعه
تمسي وتصبح على المر وتجراعه
واشوف منهو فريد الطبع في نوعه
شهم ومعنى الرجولة بان باسناعه
ما هو من يندمج في وسط مجموعه
تمشي بكاسيتها وتحط سماعة
من صوتها دفوف الحرب مقروعه
الكل فيهم تزايد تهزاعه
وترى النصيحة بعرف الدين مشروعه
زادت علامات يوم الحشر والساعه
الشاعرة: منيرة الفايز:
هي الشاعرة منيرة بنت عبدالرحمن بن محمد فايز الواصل، ولدت في الجبيل في المنطقة الشرقية والتي كانت تسمى قديماً (عينين) سنة 1348هـ بعد أن نزح أهلها من جلاجل بسبب القحط والجدب الذي عمّ نجداً آنذاك، فرحل أهلها في حالة فقر وعوز وذلك لطلب الرزق، وبعد تحسّن الحالة الاقتصادية في نجد عادوا إلى بلدتهم جلاجل وكان عمرها آنذاك سنة واحدة.
فقدت جزءاً من بصرها وهي صغيرة وعند بلوغها العشرين عاماً من عمرها فقدت بصرها كلياً فلم يثنها ذلك فلقد كانت مكافحة مصلية صابرة، كانت تحب العمل مثابرة تحب فعل الخير للمسلمين فكانت تجيد الطبخ حيث كانت تطبخ عشاء الصوام في رمضان لمساجد جلاجل كل اثنين وكل خميس، فكانت نظيفة حريصة على النظافة رغم أنها كفيفة.
أجادت الشعر العامي ونبغت فيه منذ صغرها وليس ذلك بغريب عليها فوالدتها حصة المعيوف كانت شاعرة وكذلك شقيقتها سارة كانت شاعرة، توفيت الشاعرة يوم الاثنين 22-2-1428هـ رحمها الله تعالى.
قصيدة سقوط مدرسة جلاجل والتي توفي فيها سبع عشرة طالبة رحمهن الله للشاعرة منيرة بنت عبدالرحمن بن محمد الفايز وسقوط المدرسة في يوم الاثنين 13-1-1397هـ.
ظهرية الاثنين قلبي على نار
كني على جمر الغضى يصطليني
سمعت صوت مكبرين بالأخطار
يستنجدون بشرطة المنقذيني
جانا الدفاع بصنعة شغل بيطار
ومجندين للأمر زاهبيني
يا عظم هذا اليوم من شاف يحتار
ما تسمعون إلا البكاء والأنيني
واعدي من الأعماق لصغار وكبار
أخوان وأخوات لنا محزنيني
الله يصبرهم على كل ما صار
والله يحرس قلوبهم بالسكيني
جتنا التعازمي من طويلين الأعمار
سطام جعله عايش له سنيني
وقف على الحادث ودمعه تنثر
يقول يا خالف على التاعبيني
يقول هذي قسمة الله والأقدار
مكتوب هذا في علو الجبيني
ومن الملك جتنا التعازي في الأخبار
يعيش أبو بندر مسلي الحزيني
غيث على شعبه هماليل وأمطار
وإذا عطا وغلاه مد دزيلي
واختامها مني صلاة بالأسحار
على محمد سيد المرسلين
وهذه قصيدة بمناسبة سفر أخيها محمد الفايز
راكب إلى من حفيزة نادرينه
واراد الستين والسايق استادي
قربه نبي نسافر للمدينة
نبي نسافر لم خالك يا شفاتي
مرايته فرد يشله عن يمينه
وإن جهلت فيه فأفطن للوصاتي
لبسه الحبة مع الواد المتينه
ما يلبس إلا من رفيعات الجواتي
جعل ولي العرش يوريني جنينه
قبل وقت الموت وحدود الوفاتي
عبدالعزيز بن محمد بن سليمان الفايز - جلاجل - سدير