قرأت ما نشرته (الجزيرة) يوم 17-5-1436هـ عن التسجيل العيني للعقار، وفي سياق الخبر المنشور: (أنهت وزارة الشؤون البلدية والقروية الدراسة الاستشارية لتطبيق نظام التسجيل العيني للعقار في مناطق المملكة.. وأعدت الوزارة بالتنسيق مع وزارة العدل خطة مستقبلية لتنفيذ النظام.. إلخ.. وقبل عامين قرأت في (الجزيرة) يوم 4-6-1434هـ خبر القرار الذي أصدره معالي وزير العدل السابق الدكتور محمد العيسى، القاضي بتسريع تطبيق التسجيل العيني للعقار في منطقة شمال الرياض وفي ربيع الأول من عام 1404هـ قبل ثلاثين عاماً قرأت في (الجزيرة) يوم 29-3-1404هـ خبر انعقاد (ندوة) رجال الأعمال السعوديين بالرياض، وكان موضوع (الندوة) هو: (السجل العقاري وكتَّاب العدل) وكان معالي وزير التخطيط الأسبق هشام ناظر من المدعوين المشاركين في (الندوة)، وقد وجَّه رجال الأعمال عدداً من الأسئلة إلى معاليه عن بعض القضايا الاقتصادية التي تهم رجال الأعمال نشرتها (الجزيرة) في (ص12 - 13) فكان من بين الأسئلة السؤال التالي:
ماذا عن تطبيق السجل العقاري..؟
فأجاب معاليه: (أعتقد أنه ليس من العدل أن يوجه لي سؤال تفصيلي يجب أن يوجه إلى الجهة المسؤولة عن المرفق ولكن فيما يتعلّق بتطبيق السجل العقاري، أذكر أننا كنا ننادي بإنشائه..)ا.هـ
وفي جمادى الأولى من عام 1404هـ وبعد انعقاد (ندوة) رجال الأعمال السعوديين بثلاثة أشهر، انعقد في الدمام (المؤتمر) الأول والكبير لأمناء ورؤساء الأمانات والبلديات وكبار المسؤولين في وزارة الشؤون البلدية والقروية برئاسة معالي وزير الشؤون البلدية والقروية إبراهيم العنقري.. وكان موضوع تطبيق السجل العقاري في طليعة المناقشات والمحاضرات المطروحة في جلسات (المؤتمر) ولكن نظام السجل العقاري والتسجيل العيني للعقار، غاب عن الأراضي وعن المخططات العقارية، ونجم عن غيابه حضور قضايا التداخلات داخل المحدودات في بعض الأراضي وقضايا أكثر من صك على أرض واحدة، وما يطلق عليه ازدواجيات الصكوك. يقول أحد أمناء المدن عن ازدواجيات الصكوك في حديثه لصحيفة عكاظ المنشور يوم 19-6-1430هـ حين سُئل عن السبب الذي جعل الأمانة تتأخر عن إيجاد أراض للمنح: (عندما تأتي لتعمل مخطط منح، يطلع خمسة ملاك أو أكثر بصكوك شرعية على الأرض.. مشكلات لا تنتهي، ما دام أن للأرض الواحدة خمسة صكوك أو أكثر).
ومن القضايا التي حضرت في ظل غياب التسجيل العيني للعقار قضايا بعض المخططات العقارية ومنها: أن أحد المخططات العقارية تم إيقافه طوال 25 عاماً، وذلك لوجود ازدواجيات في صكوك الملكية تسببت في إيجاد خلاف بين ملاّك المخطط وبين المواطنين المشترين، ووجدت اللجنة المشكلة لهذا الغرض أن هناك أكثر من مالك بصك شرعي للأرض الواحدة، وانتهى قرار اللجنة إلى تعويض المالك الأخير مادياً، أو تعويض بقطعة أرض أخرى بالمخطط، حلاً لازدواجية الصكوك على الأرض الواحدة، وتم تكليف صاحب المخطط بقرار للجنة، لأنه المتسبب في وقوع هذه الازدواجيات والتي تأثر منها حوالي ألف مواطن (المدينة 5-7-1425هـ).
هذه صورة أو حالة من حالات ازدواجيات الصكوك أو الصكوك المزدوجة، التي غاب عنها نظام التسجيل العيني للعقار، ما كان لها أن تجد مدخلاً إلى بعض الأراضي والمخططات العقارية، لو تم تطبيق السجل العقاري أو التسجيل العيني للعقار في حينه أو منذ المطالبة بإنشائه إن الذي أود أن أشير إليه تعليقاً على ما سلف هو أن الجهاز الإداري في كل من الأمانات والبلديات من جانب.. والجهاز الإداري في المحاكم وكتابات العدل من جانب آخر، ربما لا يتيسر له التعاون والتنسيق في تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار تطبيقاً يحقق الغرض المطلوب، ما لم يتوافر للجهاز الإداري الاعتماد المالي المطلوب، الذي يمكنه ويعينه على تحقيق كفايته من الموظفين المؤهلين.
ومرحباً بنظام التسجيل العيني للعقار النظام الجديد، الذي سينضم بعد إصداره وتطبيقه، إلى منظومة الأوامر والتعاليم السامية الكريمة، القاضية بالوقوف في وجه التحديات، التي تمارسها التعديات على الأراضي الحكومية والأراضي المملوكة.
فاضل أحمد الحارثي - مكة