طوكيو - واس:
قدر المشاركون في مؤتمر الحوار بين المسلمين وأتباع الأديان في اليابان ونظمته رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع جمعية مسلمي اليابان والمؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام في اليابان، جهد المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- واهتمامها الكبير بالحوار الحضاري، وحرصها على السلم العالمي والاستقرار والأمن لكافة الدول والشعوب. وعبروا عن شكرهم للمملكة على حرصها على أمن اليمن واستقراره، واجتماع كلمة شعبه، مؤيدين الإجراءات التي اتخذتها دول التحالف في التصدي للمليشيات الحوثية في اليمن، سعياً للوصول إلى حل سياسي يتفق عليه اليمنيون.
وعبروا في البيان الصادر أمس عقب اختتام أعمال المؤتمر عن شكرهم لرابطة العالم الإسلامي, والمؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام في اليابان والجمعية الإسلامية في اليابان لجهدهم المتميز في عقد هذا المؤتمر، ولحكومة اليابان ووزارة خارجيتها لتسهيل إقامة هذا المؤتمر.
وناقش المشاركون في المؤتمر تطوير سبل التعايش الإنساني، والعمل المشترك لتحقيق السلام, والعدالة في العالم، والتعاون في ترسيخ القيم الإنسانية النبيلة، مؤكدين رفضهم إشاعة ثقافة العداء والنزاع بين مختلف أتباع الحضارات والأديان والثقافات والمذاهب. وأكدوا أن المؤتمر عقد لتعميق الفهم المتبادل لرسالة السلام بعد انتشار ظاهرة الإرهاب واهتمام العالم بها، وأن الاختلاف ظاهرة كونية لا تستلزم الصراع والشقاق، وتعدد الحضارات وتنوع الأعراق والثقافات مدعاة لإثراء الفكر والحياة الإنسانية، والحوار بينها كفيل بالانتقال بها من الصراع إلى التعارف والتعاون والتكامل، والشراكة في بناء حضارة إنسانية ثرية بالنفع، والسعي في تحقيق العدالة، والحفاظ على السلام المتبادل. وأدان المؤتمر أعمال العنف والقتل التي تقترفها المنظمات المتطرفة، بما فيها (داعش) و(القاعدة) والحوثيون في اليمن، وغيرها، مؤكدين أنها تتنافى مع تعاليم الإسلام الذي يدعو للرحمة والسلام، ويرعى الكرامة الإنسانية، ويصون حرمة النفوس والأعراض والأموال والممتلكات، قال الله تعالى في القرآن الكريم:
مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} وقال: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .
وأكد البيان الختامي للمؤتمر أن محاربة الإرهاب لا تكون بالصراع مع الإسلام، والترويج للإسلاموفوبيا، بل بالتعاون مع الدول الإسلامية وعلمائها ومؤسساتها، وإزالة ما يتعرض له بعض المسلمين من تحيز في التعامل مع قضاياهم، وعدم السكوت على سياسات التجويع والحصار والتدمير والقتل التي تنال بعض شعوبهم، وعدم التواني في تحقيق العدالة ورفع الظلم عن الشعوب المستضعفة. ودعوا إلى وجوب دراسة ظاهرة الإرهاب والتطرف، والتعرف العميق على أسباب السلوك الهمجي للإرهابيين، والمبادرة إلى علاجه بأفضل الصور، مع إدراك أن مشكلة الإرهاب تخصنا قبل غيرنا، مؤيدين البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الإسلامي العالمي «الإسلام ومحاربة الإرهاب» الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في الفترة من 3-6-5-1436هـ الموافق 22-25-2-2015م.
وأوضح البيان أن الأديان تسعى إلى تهذيب روح الإنسان وسلوكه، وترشيد الحياة الإنسانية, وصيانة القيم وترسيخها, وتشجيع الممارسات الاجتماعية السامية، لذا يعتقد المشاركون أنه يمكن للأديان أن تسهم في تحقيق السلام في المجتمع والعالم، ويؤكدون على بذل الجهود للوصول إلى ذلك. وأكدوا أن الدين ليس سبباً في الصراعات والأعمال الإرهابية التي تغذيها المطامع السياسية والمصالح الذاتية، وأن القادة الدينيين يؤكدون على ضرورة إقامة العدل العالمي دون محاباة وتمييز، وإيقاف سباق التسلح، وتخليص العالم من الترسانات النووية والجرثومية التي تمثل خطراً بالغاً على البشرية، وأن يكون ذلك ضمن معايير عالمية موحدة. ودعا المؤتمر المؤسسات الدينية إلى دعم حقوق الإنسان, وتعزيز احترام حق الشعوب في الأمن والحرية والعدل والرفاه، وبذل الجهود في حماية الأقليات الدينية والعرقية، وشمولها ببرامج التنمية والتطوير في بلدانها, وتمكينهم من المحافظة على هويتهم الدينية والثقافية والاجتماعية. وشدد البيان على أن البشر متساوون في الكرامة والحقوق الإنسانية؛ بصرف النظر عن العرق والأصل والثقافة، ولذلك يرفض المشاركون أشكال التمييز العنصري ودعوات الاستعلاء الحضاري، مؤكدين أن الأديان تهدف إلى تحقيق السلام والرحمة لجميع الناس، وتدعو الإنسانية للتعاون في بناء الحضارة وتطوير منجزاتها، والحفاظ على البيئة والطبيعة، وحماية الأرض من التلوث والأخطار، وصرف مواردها بعدالة تحفظ حقوق الأجيال القادمة. ورأى المشاركون في المؤتمر أن حرية التعبير حق إنساني أساسي، إلا أنه لا يسوغ الإساءة إلى الأديان والرموز الدينية، فالتعبير عن الرأي باستخدام العنف باسم حرية التعبير على المستويين المحلي والدولي أمر غير مقبول، ويدين المؤتمر هذه الممارسات، ويعتبرها نوعاً من الحض على العنف والكراهية، وتهديداً للسلم، لما تسببه من تصاعد موجات العداء، والانتقام، والتوتر بين مختلف المكونات الدينية. وطالب البيان بتشجيع الحوار بين المكونات المختلفة على المستويين العالمي والمحلي، باعتباره ضرورة إنسانية ومجتمعية، لإشاعة التعايش بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات في الأوساط الثقافية والإعلامية والتربوية. ودعا إلى الاهتمام بالتعليم الديني في المدرسة والأسرة والمجتمع، والتأكيد على أثره في تهذيب الإنسان، وتعزيز القيم النبيلة، وتشجيع الحوار البناء بين الشعوب وأن تهتم وسائل العلام بنشر ثقافة السلام والتفاهم، وأن تتحرى الدقة والموضوعية والتوثيق في التعامل مع الموضوعات ذات الأثر الكبير في المجتمعات البشرية، وأن تتجنب إلصاق تهمة الإرهاب بأديان مرتكبيه. كما دعا إلى تعزيز العلاقات بين المجتمعات الإنسانية، والاستفادة من الخبرات التاريخية لاستثمارها في تعزيز السلم العالمي، وإرساء الأخلاق الفاضلة في المجتمع ودعوة العالم إلى التضامن في مواجهة الكوارث، وعلاج آثارها السلبية، وتقديم العون للشعوب الفقيرة، بما يعينها على التخفيف من الفقر والأمراض والأوبئة، والاهتمام بالمشردين واللاجئين، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الخيرية، والتأكيد على ضرورة إيجاد حل عادل للمشكلات التي أدت إلى ذلك. وطالب المشاركون في المؤتمر رابطة العالم الإسلامي والمؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام في اليابان التعاون في إقامة المؤتمرات التي توضح حقائق الرسالات الإلهية، وما تهتم به الثقافات والحضارات الإنسانية من رعاية لكرامة الإنسان، وحرص على الأمن والاستقرار في المجتمعات، وإبعادها عن التطرف والإرهاب كما دعوا رابطة العالم الإسلامي إلى إقامة مؤتمر عالمي لمواجهة الطائفية وبيان أثرها على السلم العالمي.