تبوك - عبدالرحمن العطوي:
رعى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز حفل الخريجين التاسع لطلاب وطالبات جامعة تبوك، وذلك بحضور مدير الجامعة الدكتور عبدالعزيز بن سعود العنزي، وفور وصوله مقر الاحتفال في قاعة مركز الأمير سلطان الحضاري تجول سموه بمعرض «يوم المهنة» المصاحب، حيث أعجب سموه بالشركات والمؤسسات المشاركة في توظيف أبناء الوطن، وشجع الشركات على توطين وظائفها. توجَّه بعدها سموه إلى الصالة المعدة للاحتفال، حيث استقبله أبناؤه الطلبة بعاصفة من التصفيق، وما إن أخذ مكانه في الحفل حتى عُزف السلام الملكي، بعدها بدأ الحفل الخطابي بآيات من القرآن الحكيم ألقاها الطالب سلطان الحُمدي، ثم بدأت مسيرة الخريجين أمام سموه يتقدمهم عمداء الكليات والعمادات المساندة، بعدها ألقى الطالب محمد الشهري - من كلية الطب - كلمة زملائه الخريجين، وبيَّن أن هذا اليوم هو يوم بهيج وإحساس عظيم، ونحن نضع أول الخطوات على درب الوطن متسلحين بذكر الله محاطين بمحبة الوطن الذي يحلم فينا دائماً، لا سيما وأنه من حقق لنا الحلم وأشعل كذلك في مسيرتنا حب البناء والعطاء لنجد أنفسنا مدفوعين برغبة صادقة لأن نكون خدامه الأوائل ورجاله المخلصين، وأضاف الطالب سيدي: نال زملاؤنا في السنوات الماضية شرف الوقوف بين يديكم ونيل رعايتكم وعنايتكم واليوم أنتم تشاركون الطلاب والطالبات فرحة في هذا اليوم الحاسم في تاريخنا العلمي لتمنحونا الثقة وتمدونا بالقوة بمشاركتكم لنا، حيث نعتبره تتويجاً لمشوارنا وإثراء له بعد سنوات. وألقت الطالبة نورة العمراني من طالبات الدراسات العليا - قسم الإدارة والتخطيط التربوي - كلمة قالت فيها: «إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن أقف أمامكم في هذا اليوم نيابة عن زملائي وزميلاتي خريجي جامعة تبوك مرحلة الدراسات العليا في يوم من أجمل الأيام. ومنعطف مهم من منعطفات مسيرة الحياة ألا وهو يوم التخرج، نحييكم بتحية يفوح شذا أريجها وينتشر عبقها ليعم وتتباهى هذه الليلة برعاية سموّكم لحفل الخريجين التاسع الذي يجدد صور القطاف في لحظة من لحظات تبوكَ المميزة التي تسمو بقناديلها لتشرك الجميع في رؤية صورة من صور الجامعة التي يتعانق فيها الحلم بالواقع ويتباهى البعيد والقريب بجامعة عانقت طموحاتها الغيث فأزهرت وتجسّدت على أرضها أغصان العلم ورعايته على أرض تبوك التاريخ وتبوك الإنسان وتبوك التي وجدت نفسها تحت غيمة رعايتكم منطقةً مضيئة الأبعامتفتحة الورود مشرقة بكل معاني التقدم». فيما ألقى الدكتور عبدالعزيز العنزي مدير جامعة تبوك كلمة قال فيها «إن الجامعة الآن تدخل عامها العاشر مبتهجةً بذلك الدعم الكبير الذي أولته إياها حكومة خادم الحرمين الشريفين، حتى تمكنت من تحقيق أهدافها ومواصلة التوسّع في مجالاتها كافة، سعياً منها لجعل العمل الجامعي في هذه المنطقة أنموذجاً للعطاء والإنجاز، ليكون حلقة تنمية محورية يتزايد من خلالها البذل وتتألق المنجزات، فلقد أتيحت لجامعة تبوك الفرصة الكبيرة في استثمار تلك السنوات، محاولة تخطي حاجز الزمن التقليدي، لتسير عبر زمنها الخاص، الذي يؤمن بالعمل الجاد وبالحماس المتّقد، فكان لها تحقيق ما سعت إليه، سواء من خلال مشاريعها الإنشائية أو برامجها الأكاديمية أو خدمتها المجتمعية، لتكون جامعةً متكاملةً في زمنٍ أقل من الزمن المتوقع وعبر أدواتٍ أقل، فمن (أربع كليات) في عام 1427هـ إلى (تسع عشرة كلية) في هذا العام. لقد كان لحكومتنا الرشيدة في هذا العهد الزاهر، رؤيتها في الاهتمام بالتنمية البشرية من خلال دعم الجامعات في كل مكان للتوسع في المجالات التعليمية خدمةً لأبناء هذا البلد ورعايةً لاحتياجات المجتمع وتنميةً لمسارات البحث العلمي فيه، الأمر الذي مكّن جامعة تبوك أن تسهم ضمن هذه المنظومة في أداء دورها، لتتمكن من رفد سوق العمل بالكفاءات الوطنية المناسبة مع الاهتمام بمعايير الجودة وتحقيق التطوير المناسب، حيث أسهم هذا التنامي الذي عاشته الجامعة بفضل الله عز وجل وتوفيقه، ثم بما لقيته من رعاية كريمة من سموّكم الكريم عبر هذه السنوات، حالةً من التقدم الذي لم تغفلُ فيه عن تطويرِ أي جانبٍ من الجوانب التي تدعم مسيرتها التعليمية، وتمكين طلابها وطالباتها من استثمار ما تعلموه لخدمة دينهم وبلادهم. ولعلّ الازدياد المستمر في أعداد الطلاب والطالبات والذي تم منذ إنشاء الجامعة وحتى الآن بحيث تطوّر من عدد (11423) طالباً وطالبة في العام 1427هـ إلى أن وصل إلى (31635) طالباً وطالبة في هذا العام سواءً في الكليات القائمة في مدينة تبوك أو في الكليات الجامعية في المحافظات مع تزايد نسب القبول في كل عام عن العام الذي يسبقه، كما تزايد أعضاء هيئة التدريس من (400) عضو وعضوة في العام 1427هـ إلى (1540) عضو وعضوة في هذا العام، بالإضافة إلى التنامي في أعداد الموظفين والفنيين، خيرُ دليلٍ على تحقيق أهدافها في تنمية كل هذه الجون. وهذه الطفرة الكبيرة التي عاشتها جامعة تبوك وضعتها أمام تحديات كبيرة جعلت من كافة القائمين عليها يتعهدون دوماً ببذلٍ المزيد وتعهد غرسها بالرعاية، لتستمر ينابيع المعرفة تتدفق عبر مرافقها المختلفة محققة الاستقرار لطلابها وناشرةً فيض علمها ثقافةً ووعياً في كل مكان، فلك الشكر موصولٌ دوماً على هذا الاهتمام الكبير والاعتناء الخاص بجامعة تبوك، الذي يتمثلُ اليوم في تتويجكَ لهذا المشهدْ، مشهد خلاصةً لجهودٍ مبذولة ليس فقط عبر هذا العام، وإنما عبر العقد كله، ذلك العقد الذي شهدتْ كل لحظةٍ من لحظاته متابعةً وتوجيهاً من سموّكم الكريم، فقد رعيتم -حفظكم الله- افتتاح العديد من المشاريع وتفقدها ووضعتم حجر الأساس لعددٍ من الكليات التي افتتحتم قبل عام كليتين منها في محافظتي الوجه وأملج، وحرصتم أثناء جولتكم في المدينة الجامعية على الاعتناء بكل مرفق ووجهتم بأن يتم العمل في أسرع وقت، حتى كان ثمرة ذلك إنجاز عدد من المشروعات، وكان لكل ذلك انعكاسه الإيجابي وأثره العميق على مستوى العمل في الجامعة إلى أن وصلت إلى احتضان ما هو أبعد من ذلك من كراسي البحث ومراكز التميز ورعاية مشروعات الاختراع والاعتناء بإبداعات الطلاب ومشروعاتهم العلمية والفكرية، وكذلك كان له انعكاس إيجابي على مستوى أساتذتها ومستوى خريجيها، الذين نحتفي اليوم بتخريج (6846) طالباً وطالبة منهم في المراحل كافة، مع الإشارة إلى تميّز هذا العام بتخريج الدفعة الأولى من طلبة برنامج التجسير في تخصص التمريض وبلغ عددهم (23) طالباً وطالبة، وكذلك الدفعة الأولى من طلبة برنامج التجسير في تخصص علوم الحاسب وبلغ عددهم (17) طالباً وطالبة، الذين تم تأهيلهم عبر برامج التجسير ليحصلوا على درجة البكالوريوس في تخصصاتهم. واسمحوا لي وفي هذا اليوم البهيج العابق بأريج الفرح واعتزاز أبنائنا بإنهائهم لمرحلة الدراسة في هذه الجامعة سواء البكالوريوس أو الماجستير أن أتوجه لهم بكلمة لأقول لهم: إنكم جزءٌ من هذا المجتمع الذي ينظر إليه الوطن بعين الاهتمام، ويتوق إلى مشاهدته يمارس دوره الفعلي وواجبه الوطني بكل إخلاص وتفان، وأنتم أيضاً جزءٌ من هذه الملحمة السعودية التي ظهر بعدٌ من أبعادها قبل أيام وأثناء عاصفة الحزم، وكانت مثار إعجاب كل بلدان العالم، سواء فيما قدمته من إبهار على مستوى التنمية والإنجاز السياسي والعسكري، أو ما قدمته على مستوى التلاحم العميق بين أبناء هذالعب وقادته الأوفياء، فها أنتم اليوم مسلحون بالعلمِ، مشبعةٌ أرواحكم بحبِ هذا الوطن، تبدؤون في خوض معركة النماء والدخول إلى فلك البناء تحملون في أذهانكم صورةَ الرخاء والازدهار الذي يعيشه وطنكم وواجبكم نحو هذا الازدهار، كما تحملون في أذهانكم مشاهدَ مما أنجز من الأجيال التي سبقتكم، لتكونوا الجيل المكمل لها بكل جدارة والمعين لها بكل إدراك، فالله أسأل أن يوفقكم ويسدد على طريق العمل وحب الوطن.
بعد ذلك ارتجل صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان كلمة جاء فيها..
«أيها الحفل الكريم.. أبنائي الطلبة والطالبات مبروك.. مبروك لكم في هذا اليوم نسعد فيه بحضور تخرجكم ومشاركتكم، ومن حظ هذه الدفعة أن يتخرجوا في أيام من أيام العز والفخر من أيام سلمان بن عبدالعزيز، ومن أبناء عاصفة الحزم، وبينما إخوانكم يقاتلون ويدافعون عن دينهم وأرضهم وينجدون شعباً شقيقاً أنتم اليوم تتخرجون لتشاركوهم لكي نرسل رسالة وهي رسالة مهمة بأن هذه البلاد فيها أيدي تحارب وفيها أيدي تبني وتعمل، وهي رسالة نوجهها كلنا إلى قائدنا الأعلى الملك سلمان لنبرر بأن أبناءه وبناته في هذه المنطقة ومن خلال هذه الجامعة هم مستعدون للاثنتين البناء والقتال، ونحن محسودين في هذه البلاد على هذه النعم ومن يتحدث على هذه البلاد عليه أن يأتي لها ويشاهد كل مدينة ومحافظة وما يحدث فيها عندئذ يدرك بأن هذه البلاد هي بلاد عظيمة بالله سبحانه، آمنة مطمئنة بشعب عظيم، وفي وبرجال مخلصين ونساء مخلصات وقيادة حكيمة يقودها ملك البلاد وولي عهده وولي ولي عهده. وأكرر المباركة لكم ولآبائكم وأمهاتكم الذين لهم الدور الكبير في وصولكم لهذا اليوم، واليوم بدأ العمل والبناء -وإن شاء الله- هذه البلاد ستنتج أمثالكم كل شهر وليس كل عام. وآخر هذه الكلمة لابد لنا وخصوصاً في هذه المنطقة منطقة تبوك أن نتوجه بالدعاء لله أن يحفظ هذه البلاد ويحفظ أبناءنا على خطوط الجبهة وأن ينصرهم -إن شاء الله- وأن يعزهم تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وتحت قيادة خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز».
بعدها أعلن الدكتور عبد الله البلوي وكيل الجامعة للشؤون الأكاديمية النتيجة العامة للعام الجامعي 35 - 1436هـ حيث بلغ عدد إجمالي الخريجين (6846) منهم 2456 طالباً و4390 طالبة. وفي ختام الحفل قام راعي الحفل بتسليم الأوائل على الكليات شهادات التفوق، كما قدم معالي مدير الجامعة هدية تذكارية لسموه الكريم بهذه المناسبة.