الشريط الحدودي - جازان - جولة وتصوير - عبدالله الهاجري:
لا ترسم الشمس خيوطها الأولى كل يوم إلا ويكون رجال من منسوبي حرس الحدود قد أنهوا مهمة عملهم الليلي، لتبدأ الخطوة القادمة وهي العمل الميداني النهاري ،ينتشر حماة الوطن في خطوطهم الأمامية مشيا على الأقدام يصطادون كل من يحاول المساس بأمن وأمان هذا الوطن، ينصبون الكمين في كيلومترات متجاورة ويواجهون الموت في كل لحظة ويدافعون ببطولة وجسارة، وهمهم الأوحد عدم المساس بالوطن. رجال لا تهمهم وحشة الظلام ولا يخشون الموت ولا يهابون الوحوش القاتلة ولا يلتفتون للزواحف المميتة.. لا يخشون سكون الليل بين جبال راسيات مهيبات. راحتهم القبض على الجناة. موسيقاهم الليلية المفضلة (سماع أي صوت حتى لو كان دبيب النمل) نظرهم في كل اتجاه.. لا تسمع لهم همساً ولا نفساً. موزعون بين الصخور وتحتها. هامتهم مرفوعة. حماسهم متقد ،وحبهم للوطن لا حدود له، رجال درسوا كل تحركات المهربين والمتسللين.. طرقهم وعاداتهم، أوقاتهم وأساليبهم.. عددهم وعدتهم.. إنهم رجال يعملون بكل جد وتفان، رجال يحبون الوطن، شعارهم السعودية.. عيونهم نارية.. نبضات قلوبهم حماية الوطن.. يودعون في كل يوم أسرهم لأن عملهم قد لا يضمن لهم رؤيتهم مجددا..
هؤلاء رجال الملك سلمان بن عبدالعزيز رجال حرس الحدود. والذين يعملون على الشريط الحدودي بين السعودية واليمن، ويعتبر هذا الشريط الأكثر تعقيداً في العالم بسبب طبيعتها الجغرافية ، وبالرغم من هذا التعقيد فإن السعودية قامت ببناء حدودها وفق الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وذلك على امتداد ما يقارب 1800 كيلومتر لحماية أراضيها من التسلل وعمليات التهريب بالذات الأسلحة والمخدرات بهدف المحافظة على أمنها وأمان مواطنيها .
«الجزيرة» وقفت يوم أمس على مركز جبل المشرق التابع لقطاع حرس الحدود بمحافظة العارضة التابعة لمنطقة جيزان ، وعلى ارتفاع حوالي 1200 متر من سطح البحر ، لم تكن الطبيعة الجغرافية - المنهكة - إلا دافعا لمتابعة وتغطية عمل هؤلاء الرجال في مثل هذه الظروف الآنية التي تعيشها المنطقة بسبب عاصفة الحزم ، كانت الجزيرة ضمن وفد إعلامي ضخم تواجد في هذا الموقع من وكالات أنباء عالمية إلى جانب عدد من الصحف المحلية ، من ضمنها cnn ووكالة رويتز ومجلة دير شبيجل وقناة بلومبيرغ.
بدأت الجولة في التاسعة صباحا، حيث جبل مشرق ، وهي واحدة من أقرب النقاط الحدودية المواجهة لقرى دولة اليمن الشقيقة وهي قرى البقعة وجبل خيران.
وعلى طول طريقنا شاهدنا رجالا مسلحين بأحدث الأسلحة والتقنيات الحديثة من كاميرات حرارية وعدسات ليلية ، كان هناك اندماج بين رجال حرس الحدود وأفراد القوات المسلحة ، لكل منهم هدفه وخطته للتعامل مع أي ظرف ، لم نجد في وجوه هؤلاء الأبطال إلا الإقدام والشجاعة ، لم يفارقوا أسلحتهم رغم تسليط الكاميرات عليهم وأسئلة الزملاء الصحافيين ، ولم يزدهم استشهاد زملائهم في مركز الحصن بمنطقة عسير إلا بحثاً عن شهادة ، «نحن مشروع شهادة ، وتضحية في سبيل الدين والوطن» بهذا وصف الوضع مساعد قائد قطاع حرس الحدود بمنطقة جيزان اللواء ناصر المطيري ، ليؤكد في إجابته أثناء اعطائنا موجزاً عن عملهم ، صحيح بأننا لاحظنا الأيام الماضية تحركات على الحدود لبعض السيارات المسلحة والأشخاص المسلحين، ولكننا استطعنا تفريقهم وردعهم ليبتعدوا عن حدودنا. ويضيف اللواء المطيري : لسنا قلقين ، جهزتنا دولتنا بكل حديث ، ومستعدون لأي ردة فعل ، مبينا بأن رجال حرس الحدود ينتشرون على طول الخطوط البرية والبحرية والساحلية بمنطقة جازان ، لردع أعدائنا من - الحوثيين -، ممتدحاً تعاون بعض القبائل من دولة اليمن، الواقعين بالقرب من الشريط والذين نزحوا من قراهم لداخل دولتهم.
الجولة تواصلت، كان معنا قائد قطاع العارضة المقدم عبدالله سعيد الشهراني والمقدم حامد عبدالله الأحمري والذي عكس الصورة الإيجابية في التعامل مع الزملاء الإعلاميين ولم يكتف فقط بتوفير ا لمعلومات لنا ، بل ايضا يقوم بدور المترجم بين وكالات الانباء والقنوات العالمية ومع قيادات حرس الحدود ، كما قام الرائد حسن القصيبي الناطق الاعلامي لحرس الحدود بالمنطقة بدور إيجابي هو الاخر ..
عكست الجولة في أنفس الزملاء طمأنينة وراحة وحتى للزملاء الأجانب الذين أشادوا بمثل هذه التجهيزات في مثل هذه المناطق المعقدة.