لم يأت أمر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- ببدء عملية عاصفة الحزم من فراغ، بل جاء هذا الأمر استشعاراً لخطورة الوضع في اليمن الشقيق، وما يشكله من خطر بالغ على أمن واستقرار بلاد الحرمين ودول الخليج العربية والدول العربية والمنطقة، والسلم الدولي بوجه عام، هذا الأمر الذي استند على استنجاد الجار بجاره، فقام -أيده الله بنصره وتوفيقه- بواجبه الشرعي، وبما تمليه عليه نخوته العربية الأصيلة، واضطلاعه بمسؤولياته الإسلامية والتاريخية.
واليوم وقد بدأت القوات العسكرية المكونة من تحالف دولي، لدك معاقل ميليشيات التمرد الحوثي في اليمن، لردع الحوثيين الذين لم يردعهم الحوار السلمي، ولا التعقل ولا الهدوء ولا الفرص الممنوحة لهم للعودة للحق، لأنهم شرذمة باعوا عقولهم وفكرهم وولاءهم وانتماءهم لقوة خارجية معادية للعرب وأهل السنة والجماعة، فصاروا (الدومى) يتلاعب بهم أسيادهم -هناك- لتحقيق مخططهم الطائفي والمذهبي الإقصائي.
فإننا مطالبون أن نكون عوناً وسنداً لهم في الداخل ببدء عمليات حزم موازية للعمليات العسكرية لا تقل عنها أهمية على الجبهة الداخلية.
ولعل مؤسساتنا الوطنية (الحكومية والخاصة) تطلق برامج ومشروعات حزم متنوعة لتحقيق ذلك، وتكون بمبادراتها وبرامجها مؤسسات الحزم الحقيقي الذي ينشده المجتمع على مختلف الأصعدة، ومن ذلك:
- برنامج الحزم الإيماني لتعزيز الصلة بالله وتقوية الوازع الديني ورفع المعلومات بالتوكل على الله واللجوء إليه في الرخاء والشدة.
- برنامج الحزم التوعوي، لتوعية وتوجيه الطلاب والطالبات وعموم منسوبي قطاعات التعليم العام والعالي الحكومي والأهلي خاصة، وعموم أبناء وبنات المجتمع من مخاطر الطائفية والمذهبية الإقصائية.
- برنامج الحزم الإعلامي، للتحذير من مخاطر الإشاعات والأخبار المكذوبة ونشر أي معلومات تسيء للوطن، أو للقوات العسكرية المشاركة في عاصفة الحزم، ووجوب بترها وعدم تداولها، والتأكيد على أخذ المعلومات من مصادرها الموثوقة.
- برنامج الحزم الوطني لتأكيد اللحمة الوطنية، وعلى أهمية الالتفاف حول القيادة في كل وقت وحين، والتأكيد عليها في وقت المحن والشدائد والحروب، وتقوية جانب الولاء للوطن وتعزيز الوطنية في قلوب الجميع.
- برنامج الحزم الحواري: لتأصيل لغة الحوار، والتأكيد على أهميته وزرع مبادئها وآدابها وواجباتها، وما ينتج عنها من إيجابيات.
- برنامج الحزم الإداري، بالاستفادة من عملية عاصف الحزم من الجوانب الإدارية التي حظيت بها، وتكون مساندة في التنظيم والهيكلة الإدارية في علم الإدارة والتخطيط.
وغير ذلك من البرامج التي تفتح للمؤسسات الوطنية قنوات لأداء رسالتها، وتعزز من مكانتها لدى أبناء المجتمع، وتكون من خلالها حاضرة في كل المناسبات والأحداث التي يحتاجها فيها المجتمع، لتكون -بإذن الله- صمام أمن وأمان للمجتمع، ولترسيخ مبادئ عظيمة يحتاجها النشء، من خلال برامج هادفة تقوم على أسس متينة وتحت نظر المسؤولين والمختصين والمهتمين.
عاصفة الحزم أثلجت صدور المواطنين والمسلمين والعرب وشرفاء العالم، لما تقوم عليه من مبدأ عظيم، وهو نصرة الحق والدفاع عن الشرعية، وحماية أبناء اليمن من عبث زمرة إرهابية فاسدة باعة دينها ووطنها لأخطبوط يطمح للسيطرة على المنطقة.
فمن من أوجب الواجبات علينا في مثل هذه الظروف التي نمر بها أن نقف صفاً واحداً، وأن يبادر كل منا من موقعه وحسب إمكاناته بالمساهمة في كل أمر يعود على الأمة بالنفع والخير، ويساند ويعزز عاصفة الحزم.
وإنني على ثقة ويقين أن مثل هذه البرامج وغيرها الكثير لا تغيب عن عين المسؤول في كافة القطاعات، ولكن هي شذرات قلم للتذكير والمساهمة في الطرح بجهد مقل.
وفي الختام أسأل المولى -عز وجل- أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله جميعاً- للخير والسداد والرشاد، وأن ينصر قوات عاصفة الحزم، ويسدد رميهم وأن يعيدهم سالمين غانمين، إنه سميع مجيب.