الوقفة الأولى:
عاصفة الحزم هي عاصفة الخطوط الحمراء في المنطقة، وهي تحمل على الأقل ثلاث رسائل: فالأولى هي أن مسؤولية المملكة تجاه نصرة أشقائها بدأت تأخذ المنحى السياسي المتوقع منها كبلد استراتيجي أول في منطقة الشرق الأوسط، وهذا المنحى يقوده العمل الدبلوماسي المكثف إلى جانب كافة الحلول الممكنة ومنها التدخل العسكري دون مساس بسيادة الدول. أما الرسالة الثانية فهي أن أمن وسيادة المملكة العربية السعودية لا يعني أن يتوقف على عدم المساس بأرضها فحسب، بل أصبح أمن وسيادة المملكة العربية السعودية مرتبط بما يشهده محيطها من ظروف دقيقة وحرجة أوجبت على القيادة في هذه الظروف أن يصبح اليمن جزءا من استقرار وسيادة الدولة على الرغم من طلب السلطة الشرعية فيه التدخل. أما الرسالة الثالثة فهي أن مصالح المملكة الاستراتيجية في المنطقة هي كل لا يتجزأ من مصالح شعوب العالم جميعا المستهلكة للغاز والبترول عبر مضيقين بحريين سيكونان شرارة الجحيم لكل من يحاول بسط سيطرته عليها خلافا للمواثيق الدولية.
الوقفة الثانية:
عاصفة الحزم هي بداية إعادة هيكلة للسياسة السعودية الخارجية بعد أن مكثت في عهد الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله داعية السلام الأولى في العالم، إلا أن المشروع الصفوي في المنطقة كان يستغل رغبة المملكة آنذاك في تجاوز الأزمات الإقليمية عبر العملية السياسية البحتة والتسوية والحوار. لكن العهد الجديد للدولة السعودية ارتأى أن المشروع الصفوي لا ولن يمكن السيطرة عليه بتبادل الورود ورسائل التهنئة!
الوقفة الثالثة:
من عادة السياسات الاستراتيجية لكل دولة ذات سيادة مستقلة أن تضع كل السيناريوهات المحتملة من قضية ما، إلا أنه لم يكن في حسبان أي أحد أن يبدأ الملك السعودي الجديد عهده القريب في السلطة بتدخل عسكري ضمن تحالف كبير ومتسارع أربك ما كان يدار تحت الطاولات من مؤامرات ضد الأمة، والتي يقصد منها في نهاية المطاف مس أمن المملكة (المعقل الحقيقي لسيادة الأمة السنية ذات المليار مسلم).
الوقفة الرابعة:
عاصفة الحزم تحاول ألا يُصنع من اليمن سوريا ثانية يتداولها كافة مافيات العالم المظلم بالسلاح والميليشيات والتنظيمات والفتن الأهلية! إذ لا يمكن تحقيق السلم الأهلي في اليمن بينما يستشري خطر التدخلات الإقليمية فيه كالسرطان في الجسد! لذلك فعاصفة الحزم والتي سبقها هدوء الدعوة للحوار لابد وأن تقطع اليوم شرايين هذه الأفعى المجلجلة التي اعتاد العرب سماع جلجلتها الخاوية.
الوقفة الخامسة:
إن على كل فرد من أبناء الوطن السعودي التفكير للحظة عما يجري داخل المنطقة من أحداث سياسية متسارعة، لذا فعلى المعلم والكاتب والخطيب والمثقف أن يبدأ مشروعه الخاص في دعم استقرار الدولة بالفكر والقلم، فلسنا جميعاً بمنأى عما يقوم به الجندي الباسل على حدود المملكة من حماية أجسادنا، إذ هو ينشد منا حماية وصيانة فكره ومجتمعه وعقيدته!
الوقفة السادسة:
عاصفة الحزم لا يمكن أن تكون عاصفة الموت ما لم يشارك بدفع ريحها كل مواطن تجاه أعداء وطنه، فالحزم الحزم تجاه كل من يحاول النيل أو التقصد أو العبث بتراب هذا الوطن عبر إبلاغ الجهات المختصة بذلك.
الوقفة السابعة:
على عاصفة الحزم أن تقود جزءاً سلمياً من غيومها السوداء على الإعلام الذي يمضي إلينا في عكس اتجاهينا الديني والقومي، وأن يلحق به شيء من عذابها، وأن يعاتبَ بعض الحلفاء الذين يقود بعض إعلامها التابع لأنظمتها مساراً ضد عملية العاصفة خلافا لما يبديه هؤلاء الحلفاء من دعم، فشعار عاصفة الحزم الواجب اليوم هو: كن معي فيها قلباً وقالباً، أو لا تكون!
وأخيراً؛ فلعله يجدر بنا القول هو أن العاصفة قد زرعت مبدأ احترامنا في كل الدول الحليفة، ومبدأ الخوف من كافة الأعداء المبتسمين والمكشرين، وهي بحق قد ألهبت الشعور بالفخر أننا قادرون بتمكين الله على إعادة بسط الشرعية لمن يدعونا إلى إعادتها، وعلى إيقاف التجاوزات الجائرة ممن يستفزنا إلى قبولها.
كاتب وأكاديمي سعودي - الولايات المتحدة الأمريكية