بين الاقتصاد والسياسة ترابُط وثيق وتأثير متبادل، والسياسة في جوهرها إدارة للحياة الاقتصادية والاجتماعية، من هنا يجري استخدام السلاح الاقتصادي في العلاقات الدولية؛ للتأثير على السياسة الخارجية والداخلية لدولة معينة.
السلاح الاقتصادي في العلاقات الدولية يعني استخدام دولة للعلاقات الاقتصادية ومبادلاتها التجارية والمالية مع دولة أخرى؛ للحصول على بعض التنازلات في مجال السياسة الداخلية أو الخارجية أو لأهداف معينة أخرى، ويعني ذلك إما معاقبة هذه الأخيرة بسبب عمل عدّ غير مقبول، فيحكى حينذاك عن العصا؛ أي: عقوبة اقتصادية، وإما مكافأتها لتطور يُعدُّ إيجابيًّا، فيحكى حينذاك عن الجزرة؛ أي: مكاسب تجارية أو مالية.
لقد استخدم السلاح الاقتصادي منذ أزمنة كوسيلة مرنة وسيطة بين الضغط بأسلوب الاحتجاجات الدبلوماسية، أو الضغط بأسلوب العمل العسكري المشحون بالمخاطر دائمًا.
إن السلاح الاقتصادي جزء مهم في صلب الدبلوماسية، لكنه يحمل سمعة سيئة كما لو أن اللجوء إليه يكون مرغمًا، وبسبب غياب وسيلة دبلوماسية أكثر فعالية.
ومن أهم أشكال السلاح الاقتصادي ما يلي:
1 - الحظر، ويعني منع التصدير نحو البلد المستهدف.
2 - المقاطعة، ويعني منع الاستيراد من البلد المستهدف.
3 - التمييز التعرفي، حيث تفرض على المستوردات الآتية من البلد المستهدف ضرائب أعلى مما على المستوردات من البلدان الأخرى.
4 - سحب مبدأ الدولة الأكثر رعاية حيث تتوقف معاملة المستوردات الآتية من البلد المستهدف بشكل تساهلي كما مستوردات البلدان الأخرى المستفيدة من هذا المبدأ.
5 - التسجيل على اللائحة السوداء، حيث يتم وقف التعامل التجاري مع المؤسسات التي تتعامل تجاريًّا مع البلد المستهدف.
6 - نظام الحصص، حيث يتم التقيد الكمي لبعض المستوردات أو الصادرات.
7 - رفض الرخصة، حيث يرفض السماح باستيراد أو تصدير بعض المنتجات.
8 - تجميد الممتلكات، حيث يتم وضع اليد على الممتلكات أو يمنع أي سحب للودائع المصرفية أو الممتلكات المالية الأخرى العائدة للبلد المستهدف.
9 - وقف المساعدات سواء بتخفيضها أو تعليقها بالنسبة للبلد المستهدف.
10 - المصادرة، حيث تتم مصادرة ممتلكات البلد المستهدف.
وتتمثل أهداف استخدام السلاح الاقتصادي ضد دولة ما فيما يلي:
أ - الحصول على تغيير محدود في سياسة البلد المستهدف.
ب - عدم استقرار حكومة البلد المستهدف.
ح - كسر مغامرة عسكرية ذات نطاق معيّن.
د - إضعاف الطاقة العسكرية للبلد المستهدف.
هـ - تحقيق تغييرات مهمة في سياسة البلد المستهدف.
أما شروط استخدام السلاح الاقتصادي فيمكن تحديدها في الآتي:
1 - التباين في الأرباح الاقتصادية للشركاء، ومثال ذلك العقوبات الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي السابق.
2 - إرادة ممارسة الربط، طالما أن البلد المعني يربط مبادلاته الاقتصادية مع بلد آخر في سياسة هذا الأخير.
3 - القدرة على التنفيذ.
بيد أن استخدام السلاح الاقتصادي قد يكتنفه بعض المخاطر من مثل: التقييمات الخاطئة المرتبطة باستخدام السلاح الاقتصادي، وكذا إعطاء الشأن السياسي الأولوية على الشأن التجاري.
جاء في كتاب «الصراع الاقتصادي في العلاقات الدولية»؛ لمؤلفه ماري هيلين لابّيه: هل السلاح الاقتصادي فعَّال؟ وكانت الإجابة بالسلب، وقد تذرع المؤلف بأن العقوبات نادرًا ما بلغت أهدافها، وكان لها في معظم الأحيان تأثيرات مضادة للإنتاج. ورغم ذلك فإنَّ السلاح الاقتصادي سيستخدم أكثر فأكثر؛ لمواجهة مخاطر الاضطراب العالمي الجديد؛ لأنه يبقى الخشبة الرئيسية غير القابلة للاستبدال في سلم الإقناع بين الجذب الدبلوماسي والفعل العسكري.
- المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية