يكفي هذا الحدث المأساوي الكبير، المتمثل في الميليشيات الحوثية وانقلابها على السلطة الشرعية في جمهورية اليمن الشقيقة، واحتلال العاصمة صنعاء، وتعطيل استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية التي تهدف للحفاظ على أمن اليمن ووحدته واستقراره. وذلك بدعم من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على اليمن وجعلها قاعدة لنفوذها في المنطقة.
يكفي هذا الحدث.. بل وزاد عليها التصعيد الخطير في إقامة جماعة أنصار الله الحوثية مناوراتها العسكرية في الحدود اليمنية السعودية بمحافظة صعدة شمال اليمن.. وما ترتب عليه من استنفار للمشاعر.. وترقب حذر للاحتمالات..
ويكفي هذا التصعيد الخطير للعدوان ونتائجه وتوقعاته الإيجابية والسلبية.. لدعوة إعلان شرم الشيخ في ختام اجتماعات الدورة السادسة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية بمستوى القمة نحو تنسيق الجهود والخطط لإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة أمام الأمة العربية ولصيانة الأمن القومي العربي والدفاع عن أمنها ومستقبلها المشترك وطموحات شعوبها، وفقاً لميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع المشترك والشرعية الدولية.
والعالم من حولنا فعل ذلك.. ونحن هنا لنا معادلة خاصة.. تتجاوز الاعتبارات الخاصة.. والظروف الخاصة.. إلى اعتبارات وظروف هي في رأي المسؤول الأول أكثر خصوصية.. وأكثر عمقاً.. وتنطلق بقوة كخط واضح يصل بين نقطتين.. لا ينحني.. ولا ينثني.. لأنه يسدد بيد واثقة نحو هدف كبير نحو المنعة والقوة والكِبر والهيبة.
نحن في منطقة الحدث.. أكثر رؤية من غيرنا في ظل الصراعات الدولية بإفرازاتها المختلفة التي ترمي إلى تصدع الصف العربي في أرجائه لأسباب لا تخدم المصلحة العربية العليا، بل وتصدِّر الحقوق وتجرح الكبرياء وتطمس الهوية بأكثر من وسيلة ولأكثر من غاية.
ومن هذا المنطلق جاءت «عاصفة الحزم» التي أطلقها عاهلنا الحازم الخبير ملك وطننا العظيم (المملكة العربية السعودية) خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله بنصره - نواة لتلك القوة المرادة اتجاه عربدة الطغمة الحوثية الإيرانية ورفضها لتحذيرات الشرعية اليمنية ومجلس التعاون ومجلس الأمن ولكافة المبادرات السلمية، والتي مضت قدماً في عدوانها على الشعب اليمني وسلطته الشرعية وتهديد أمن المنطقة؛ فجاءت استجابة الدول المشاركة في «عاصفة الحزم» لطلب فخامة رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي للوقوف إلى جانب اليمن الشقيق وشعبه العزيز وسلطته الشرعية وردع العدوان الحوثي الذي يشكل تهديداً كبيراً لأمن المنطقة واستقرارها وتهديداً للسلم والأمن الدولي ومواجهة التنظيمات الإرهابية.
هذا هو الفرق الذي يزن المسؤولية ويقدر الأمور ويعكس النبض الحقيقي لقيمة الإنسان ويحرر القرار العربي ويؤكد صموده في وجه كل ما يحاك ضده من مناورات، أياً كان مصدرها أو وسائلها. يستحق من النظرة الأولى - التحية.. تحية بعد تحية.. وإكباراً بعد إكبار - أن يكون درساً للقيادات التي لم تشغلها يوماً وقفة مع الحق ونصرة للشرعية.
هذا هو شأننا العربي.. أسرة تلتف.. وتتوحد.. تدافع بيد.. وتبني بيد.. فقد اختارت طريق العزة والكرامة.. لا تخضع إلا لبارئها..
هذا هو شأننا.. لنثبت لأنفسنا أولاً، وللعالم أخيراً أننا غير عرب الأمس، ولنثبت لأبنائنا وبناتنا في كل مكان أن لنا غداً يستحق الانتظار.
هذا هو شأننا.. وإنه لشأن سيعرفه البعيد قبل القريب.. والعدو قبل الصديق.
اللهم وفّق قادتنا العرب لما فيه خير أمتهم، وجعلهم أشدة على أعدائهم، رحماء بينهم، إنه سميع الدعاء مجيب.