الجزيرة - محمد السنيد:
تحدث الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عن سيرة والده الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه - في عدد من المناسبات الوطنية وعن جهوده في توحيد هذه البلاد المملكة العربية السعودية وبذله قصارى حهوده في سبيل خدمة الإسلام ونصرة المسلمين ودعم قضاياهم في كل مكان من العالم ونشر الدعوة الصحيحة ودعم القضايا العربية.
وتم رصد أقوال وخطب الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله في كتابي (المؤسس في عيون أبنائه وأحفاده) الذي صدر مؤخرا..
في كلمة الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بمناسبة احتفالات المملكة بالذكرى المئوية لتأسيسها يوم السبت 6 شوال 1419هـ الموافق 23 يناير 1999م قال - رحمه الله -:
الملك عبد العزيز - رحمه الله - من عباد الله الذين أسبغ عليهم فضله، فوفقه ليكون ناصراً لدينه وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. سلاحه التقوى والسمعة الحسنة التي غرسها آباؤه خلال سنوات حكمهم وأورثها لأبنائه من بعده.
وعندما بدأ الملك عبد العزيز في مشروع البناء الحضاري لدولة قوية الأركان، كان يضع نصب عينيه السير على منهج آبائه، فأسس دولة حديثة قوية، استطاعت أن تنشر الأمن في أرجائها المترامية الأطراف، وأن تحفظ حقوق الرعية، بفضل التمسك بكتاب الله - عز وجل - وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أعلن الملك عبد العزيز - رحمه الله - تأسيس دولته، فقال بصدق وجلاء: «إن فخرنا وعزنا بالإسلام، وكل همي موجه لإعلاء كلمة الدين، وإعزاز المسلمين، سنبقى مثابرين - أنا وأسرتي - على هذه الخطة إلى ما شاء الله، ولن نحيد عنها قيد شعرة، بحول الله وقوته، ومن الله نسأل التوفيق والهداية».
وأجاب الملك عبد العزيز - رحمه الله - عن المشككين، الذين وصفوا الدولة السعودية ودعوتها بالوهابية، بقصد الادعاء بأنها مذهب جديد في الإسلام، فقال: «يقولون: إننا وهابيون، والحقيقة أننا سلفيون محافظون على ديننا، نتبع كتاب الله، وسنة رسوله، وليس بيننا وبين المسلمين إلا كتاب الله وسنة رسوله».
استطاع الملك عبد العزيز - رحمه الله - في خضم الصراع الدولي، أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، أن يجنب بلاده وشعبه ويلاتهما، كما تميزت سياسة الملك عبد العزيز - رحمه الله - بنصرة قضايا استقلال الدول العربية والإسلامية والوقوف إلى جانبها بكافة الوسائل والإمكانات.
عبد العزيز أرسى منهج البلاد
تحدث الملك فهد - رحمه الله - عن الملك عبد العزيز في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الاثنين 18 شوال 1419هـ، فأعاد إلى الأذهان ذلك اليوم التاريخي المشهود حين استعاد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود في الخامس من شهر شوال قبل مائة عام مع نفر من رجاله المخلصين مدينة الرياض ليعيد رحمه الله صياغة التاريخ في شبه الجزيرة العربية منطلقاً إلى تأسيس المملكة العربية السعودية التي تعود جذورها إلى حوالي مائتين وستين عاماً منقذاً هذه البلاد من حالة التمزق والفرقة إلى الوحدة والتآلف والتآخي والتآزر والالتزام بالمنهج الإسلامي القويم.
وعرض الملك فهد جهود الملك عبد العزيز طيب الله ثراه في نشر الأمن والأمان في البلاد بعد أن وحّد أرجاءها وسعى بجهد المخلص الواثق رغم محدودية الإمكانات في بناء الدولة ورقيها في شتى الميادين وتحقيق الرخاء والرفاه لشعب المملكة.
أكد رحمه الله أن احتفاء المملكة العربية السعودية بمرور مائة عام على تأسيسها هو رمز وفاء وعرفان لجلالة المؤسس الملك عبد العزيز وتذكير بما قام به من عمل بطولي كان نواة لواقعنا المعاش الآن وفرصة لقراءة التاريخ مراراً لاستخلاص الدروس المستفادة وكذا التعريف بما كانت عليه المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية، وما صارت إليه الآن من تقدم وازدهار لم يكن ليتأتى لولا فضل الله وتوفيقه ثم لعبد العزيز ورجاله الأوفياء.
قال الملك فهد - رحمه الله-: إن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله أرسى لهذه البلاد منهجاً واضحاً قويماً منطلقه الالتزام بالشرع الحنيف في كل شؤون البلاد وأقام الهجر لتوطين البادية واهتم رحمه الله بالتعليم والزراعة وإدارة شؤون البلاد بطريقة علمية حديثة وجعل رحمه الله نصب عينيه أمن وطمأنينة الحجيج والعمل على تيسير سبل الحج وهو ما وفقه الله إليه عبر الأعمال العظيمة في خدمة الحرمين الشريفين وتوفير الأمن والأمان والطمأنينة لقاصديهما.
وأوضح الملك فهد بن عبد العزيز أن الملك المؤسس رحمه الله بذل قصارى جهوده في سبيل خدمة الإسلام ونصرة المسلمين ودعم قضاياهم في كل مكان من العالم ونشر الدعوة الإسلامية الصحيحة ودعم القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وانتهج سياسة خارجية معتدلة بالتضامن مع الأشقاء واحترام الأصدقاء وتكثيف التعاون البناء.
خياره شريعة الإسلام
وفي كلمة للملك فهد - رحمه الله - خلال افتتاحه الدورة الثالثة لمجلس الشورى يوم الاثنين 12 ربيع الأول 1422هـ في قصر السلام بمحافظة جدة قال فيها:
(فليس عبثاً أن اختار مؤسس هذا الكيان الشامخ جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله الشورى الإسلامية أسلوبا للإسهام في إدارة شؤون البلاد والعباد في وقت كانت فيه المذاهب الفكرية والأنظمة الوضعية تقترح البشرية صيغاً مختلفة لتنظيم العلاقات بين طبقات المجتمع وفئاته.
لم يكن خياره رحمه الله سوى شريعة الإسلام وكان ذلك تأكيداً لإيمانه واعتزازا بخدمته للمقدسات الشريفة واعتدادا بولايته على الأرض التي نزل الوحي فيها على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وانطلقت منها الرسالة المحمدية وقدمت للبشرية حضارة الإسلام التي احترمت الإنسان المكلف بعمارة الأرض والحفاظ عليها ومن هذا المبدأ انطلق جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله في منهجه في الحكم فكان هدفه منذ أن بدأ مشروعه التاريخي في وحدة البلاد ومنذ أن شرع تحقيق طموحه الحضاري في البناء أن يضمن لشعبه الأمن والاستقرار اللذين بدونهما لا تتحقق التنمية وبغيرهما لا مستقبل مشرقاً للأجيال.
ومن هنا كانت مواقفه النيرة من أجل دعم الجهود المبذولة لتحقيق السلام العالمي في كل مكان ولقد ظلت بلادنا ولله الحمد وفية لمنهج الملك عبد العزيز في حكمه في الداخل وفي علاقاته بالخارج وهو منهج مستمد من تعاليم الدين الحنيف والعقيدة التي جاهد وناضل من أجل تثبيتها..).
السيرة الذاتية
ولد الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله) في الرياض عام 1340هـ ونشأ تحت رعاية والده الملك عبد العزيز وقد بدت عليه علامات النجابة منذ نعومة أظفاره ولذلك عينه والده عضواً في وفد المملكة برئاسة أخيه فيصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما زال في ريعان الشباب.
تلقى تعليمه الأولي في مدرسة الأمراء بمدينة الرياض ثم واصل دراسته في المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة.
من أهم مفاخر الملك فهد (رحمه الله) الدور الذي لعبه في النهضة التعليمية في المملكة وذلك من خلال توليه وزارة المعارف عام 1373هـ وكان عمره يومئذ 33 عاماً، وكان أن بدأ التخطيط العلمي السليم من خلال ثلاث ركائز:
1 - بناء الركيزة التعليمية الأساسية من حيث المنهج والهدف.
2 - توسيع قاعدة التعليم بحيث تشمل أبناء المملكة كافة تطبيقًا لمبدأ الفرص المتساوية في التعليم.
3 - حفز المواطنين على الإقبال على التعليم، وهو حفز كان في صميم التخطيط للنهضة الشاملة.
وفي عام 1389هـ رأس الأمير فهد وفد المملكة إلى اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية في الدار البيضاء، كما رأس عام 1380هـ وفد المملكة إلى اجتماعات مجلس الجامعة في شتورا بلبنان.
وتولى الأمير فهد منصب وزير الداخلية عام 1382هـ حيث أدرك أن توطيد الأمن من أهم ركائز الدولة وعصب الحياة في تأمين مصالح الناس. وصيّر هذا الإدراك خططاً وبرامج وسياسات أمنية مدروسة.
وفي عام 1387هـ تولى منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وبموجب هذا المنصب وبتفويض من الملك فيصل كان يرأس الكثير من جلسات مجلس الوزراء إضافة إلى منصبه كوزير للداخلية وفي هذه الفترة تعددت مجالات نشاطه.
ففي المحيط الخليجي: رأس وفد المملكة إلى إنجلترا لمناقشة مستقبل الخليج وكان ذلك عام 1390هـ.
وفي المحيط العربي: مثل المملكة في الدورة الثانية لمؤتمر الحكومات العربية الذي عقد بالقاهرة عام 1386هـ.
وفي المجال النفطي: رأس وفد المملكة إلى مؤتمر القمة للدول المصدرة للنفط في الجزائر سنة 1395هـ نيابة عن الملك فيصل.
وعلى المستوى الدولي: رأس وفد المملكة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لعقد اتفاقية التعاون الثقافي والتجاري عام 1394هـ، وفي 13 ربيع الأول 1395هـ بويع ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء. وعهد إليه الملك خالد بحضور عدد من المؤتمرات العربية والعالمية كما تولى رئاسة المجلس الأعلى للبترول والمعادن والمجلس الأعلى للجامعات والمجلس الأعلى لرعاية الشباب واللجنة العليا للحج.
كما أنابه الملك خالد في إدارة جلسات مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الذي عقد في مكة المكرمة سنة 1401هـ كما رأس وفد المملكة - نيابة عن الملك خالد - إلى مؤتمر القمة بين الشمال والجنوب الذي انعقد في المكسيك.
وفي يوم الأحد 21 شعبان 1402هـ وعلى أثر وفاة الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله- بويع ملكاً على المملكة العربية السعودية.
وترتكز سياسة خادم الحرمين الشريفين على:
1 - سيادة عقيدة التوحيد وحماية جنابها من الشرك والإلحاد والتخبط والتمسك بالدعوة السلفية في فهم الإسلام وتطبيقه.
2 - إنفاذ الشريعة باعتمادها أساساً للحكم والشورى وأصلاً للأنظمة ومناهج التعليم والإعلام والثقافة والعلاقات الاجتماعية وإقامة الحدود صيانة للدماء والأعراض والأموال.
3 - بناء الإنسان بناءً سليماً قوياً في خلقه وعقله وجسمه مع إيلاء الشباب عناية خاصة.
4 - تحقيق التنمية الشاملة في مختلف المجالات.
5 - تحقيق التوازن بين الثوابت والمتغيرات وبين التميز والانفتاح وبين القيم والرفاه المادي.
6 - تعميق مفهوم الوحدة الذي أرساه الملك عبد العزيز، وتوطيد الأمن باعتباره أهم مطلب بشري للحياة الكريمة.
في عام 1402هـ حصل خادم الحرمين الشريفين على الدكتوراه الفخرية في الدراسات الإسلامية والعربية من جامعة الإمـام محمد بن سعود الإسلامية. وفي عام 1404هـ حصل على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وتبرع بالجائزة لجماعات تحفيظ القرآن الكريم في المملكة.
وفي عام 1407هـ قرر تعديل لقب جلالة الملك فهد بن عبد العزيز إلى لقب خادم الحرمين الشريفين. لتكون خدمة الحرمين شرفاً ومفخرة لملوك هذه البلاد.