تونس - فرح التومي:
يبدو أن الحديث الدائر حول توفق قوات الجيش والأمن من قطع الإمدادات على الجماعات المسلحة المتحصنة بالجبال والمرتفعات في الشمال والجنوب قد صح، خاصة بعد العملية التي استهدفت من خلالها عشرات العناصر الإرهابية منازل متاخمة للجبال بالشمال الغربي للبلاد، حيث استولت على المؤونة الغذائية لبعض العائلات وروعت الصغار والكبار فيما قال أحد المتضررين إن «زوار منتصف الليل أكلوا وشربوا ما كان متوفراً بالبيت لأنهم كانوا جياعاً...».
وقال أفراد العائلات المستهدفة إن الإرهابيين لم يمسوهم بسوء إلا أنهم هددوهم ببئس المصير في حال بلغوا رجال الأمن بزيارتهم، على أن إشاعات راجت حول اختطافهم لرجل وابنه رفضاً تهديد المسلحين، بل توعدوهم بإبلاغ الأمن...إلا أنه تم تكذيب الخبر فيما بعد.. وكالعادة لم تسفر عمليات التمشيط التي قامت بها قوات الأمن والجيش حال إعلامها عن أية نتيجة نظراً لفرار المجموعة الإرهابية إلى وجهة غير معلومة وجعلتها الحاجة للمؤونة الغذائية تخرج من جحورها.
وكانت أجهزة الأمن الجزائرية قد حذَّرت نظيرتها التونسية عبر غرفة العمليات المشتركة للتعاون الاستخباراتي من «ردّة فعل انتقامية» لبقايا عناصر كتيبة عقبة بن نافع الإرهابية التي تتخذ من مرتفعات جبل الشعانبي الحدودية معقلاً لها وطلبت القيادة الأمنية في تونس حسب ما أكدته جريدة البلاد الجزائرية تزويدها بتفاصيل ومعلومات وافية حول الإرهابي أبو سفيان الصوفي باعتباره أخطر مدبري هجوم باردو الذي لا يزال في حالة فرار، حيث تحوم حوله شكوك بدخول التراب الجزائري عبر حدودها مع تونس من الشمال.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني قوله أن قيادة الجيش الجزائري رفعت بعد الإنذار الذي وصل إليها من تونس أقصى درجات الحيطة على مستوى الشريط الحدودي وأمرت بإطلاق النار على أي اختراق للحدود بالقرب من المناطق المصنفة «عسكرية» ويحظر التحرك فيها إلا بإذن أمني.
وأضافت الصحيفة أن النشاط المكثف للجيش الجزائري، هدفه رصد تحركات الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية المعروفة بتجارة الأسلحة والمخدرات وغيرها في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة التي تعرفها الجبهة الشرقية الجزائرية عموماً. وفي ذات السياق، أكدت الصحيفة أن الأجهزة الأمنية التونسية طلبت من نظيرتها في الجزائر مدها بمعلومات وافية حول عنصر إرهابي خطير يسمى أبي سفيان الصوفي المنحدر من الجزائر، وتعتقد السلطات الأمنية بناءً على تقارير استخباراتية أن الإرهابي المفتش عنه يحضر للتخطيط إلى عمليات تخريبية بمواقع إستراتيجية في تونس.
وقال مصدر مطلع إن الجزائر وفي إطار تنسيقها مع تونس لمكافحة الإرهاب، أرسلت وفداً من المحققين محملين بالحمض النووي لأفراد من عائلات الإرهابيين الثلاثة لمقارنتها مع الأحماض النووية للمسلحين الذين قالت تونس إن قواتها الأمنية قضت عليهم مؤخراً في كمين محكم أعدته لهم وعلى رأسهم لقمان أبو صقر القائد العملياتي لكتيبة عقبة ابن نافع، وذلك بهدف التأكد من مقتلهم.
وفي أول رد فعل على العملية الأمنية الأخيرة الناحجة للقوات المتخصصة في مكافحة الإرهاب، أصدر إرهابيو كتيبة عقبة ابن نافع على صفحتها على الإنترنت «إفريقية للإعلام» سيلاً من التهديدات ومن بينها تهديد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي بقطع رأسه على يد «داعشي» سيأتي الى تونس من أراضي الدولة الإسلامية، إلى جانب القيام بعمليات ارهابية أخرى، معتبرين أن عملية متحف باردو الإرهابية لا تعدو أن تكون سوى جسّ للنّبض فقط.
وأكدت كتيبة عقبة ابن نافع عبر حسابها أيضاً أن بحوزتها مجموعة الخطط الأمنية والعسكرية التي استعدت لها تونس في حال حصول هجوم لداعش على البلاد. كما أعلنت أن عناصرها المسلحة تعرف العدد الجملي للعتاد العسكري والأمني وحتّى عدد الأمنيين والعسكريين المتمركزين بكل النقاط الأمنية وأيضاً هواتفهم الجوالة وأماكن سكناهم.