.. في حديث لجريدة الحياة نشر بتاريخ 29 مايو 2014.. اعترف وزير خارجية السودان السيد علي كرتي.. بأن إيران اقترحت على بلاده -أو طلبت- منها الموافقة على بناء ((منصات صواريخ)) على الجزء الغربي من البحر الأحمر في مواجهة الأراضي السعودية.. وأن بلاده رفضت هذا الطلب حرصاً على العلاقات الأخوية القائمة بين الخرطوم والرياض.
جاء هذا بعد نحو أربع سنوات من استخدام السعودية للقوة لإجبار جماعة الحوثي الموالية لإيران.. على الانسحاب من أراضيها التي حاولت الاستيلاء عليها لتهديد أمنها القومي.
كانت الحرب الخاطفة كافية لردع جماعة الحوثي ومنعها من التفكير في تكرار المحاولة.. لكنها قررت الاتجاة للعمق اليمني.. مدعومة هذه المرة بسلاح إيران وأموال علي عبدالله صالح التي نهبها خلال فترة حكمة والتي تقدر بـ(60 مليارا) حسب التقرير الدولي.. وبغطاء حزبه وقوات الجيش الموالية له بعد أن حسم الموقف مع عائلة ((الأحمر)) التي كانت تمثل أقوى قوى اليمن الرادعة له ولنفوذه.
غير أن الذهاب للعمق اليمني بالانقلاب على الشرعية.. يمثل الخطر الأكبر على المملكة العربية السعودية ودول الخليج فهو ليس مجرد نزاع حدودي ولهذا كانت عاصفة الحزم بانتظار إفشال هذا المخطط اللئيم.
ومن المعروف أن علي عبدالله صالح وحزبه وكل الموالين له.. سوف يكونون أول ضحاياه.. لأن الأمر ليس ثأراً شخصياً لصالح كما يظن.. وليس فتح الموانئ والمطارات لتلقي الدعم الإيراني.. بأمر محدود يهدف لإكمال الانقلاب على الشرعية.. لكنه محاولة لوضع الرؤيا الإيرانية الاستراتيجية على أرض الواقع من خلال السعي لإنشاء دولة ((مذهبية)) جديدة.. ذات حدود مباشرة مع السعودية يبلغ طولها نحو ألفي كيلومتر.
من هنا سيكون السؤال هو:
- ماذا تريد إيران من السعودية والخليج.
فبعد سنوات طويلة على احتلال الجزر الإماراتية ومحاولة إشعال نار الفتنة في البحرين.. وإزاحة الغطاء الأيدلوجي ((حزب البعث)) عن تيار الأسد العلوي.. ونفوذ حزب الله في لبنان.. والسعي الحثيث للاستيلاء على كل العراق.
وفي ظل وجود كل هذا العدد من ((المرتزقة)) الذين وجدوا من يدفع لهم بسخاء لقيادة ((داعش)) وتدريب كوادرها.. والقيام بأبشع الجرائم ضد الانسانية بإسم الانتماء للمذهب ((السني)).
وسعي ممولي مرتزقة داعش لنشر كل هذا العدد من المرتزقة في أماكن ومناطق مختلفة.. نجد أن هناك من يريد للعبة الحرب أن تكون إسلامية - إسلامية.. تتسع رقعتها وتلتهب دوائرها لتكون بمثابة اقتتال بين سنة المسلمين وشيعتهم.
دون أن نغفل عن حقيقة أن مثل هذه الحرب لا يمكن لها الاستمرار أو النجاح ما لم يتم الاستيلاء على الأراضي والمنافذ والثروات.
إن ثروات السعودية والخليج.. هي التي تمثل الأطماع الأساسية لإيران وممولي داعش على السواء.. فلا أحد منهما يريد أن تكون هذه الدول الإسلامية المركزية آمنة ومستقرة.. وذات مستوى اقتصادي وحضاري متقدم.
لذا نجد أن كل ما يدور ويتم بين تيار إسلامي معتدل.. يحمل أبعادًا إنسانية وحضارية متناغمة مع مختلف آفاق الحضارة الانسانية.. وبين تيارات إسلامية - سنية - وشيعية - متخلفة.. تريد لفتنتها الاشتعال.. وتريد لفكرها المتخلف الوجود القوي.. تمهيداً لوضع العالم الإسلامي الكبير في حالة من الفوضى والضياع.. بعد أن تغيرت أوضاع هذا العالم.. وتغيرت خارطة التفكير فيه فبعد أن كانت السعودية والخليج - منذ خمسينيات القرن الماضي- توصف بالتخلف والرجعية.
أصبحت مصدر الإشعاع والنور.
أصبحت شريكاً أساسياً للعالم المتطور الذي يبني السلم والعدالة.
أصبحت مركز الأمة ونبضها وقلبها الحي.. وليست مجرد أطراف بدوية لا أهمية لها.
أصبحت مركز إشراق ونور ونهضة وإصلاح.
وهذا -طبعاً- لا يليق بالفكر المتخلف الذي تريد أن تقوده إيران.
ولا يليق بأحلام وطموحات ممولي مرتزقة داعش.
أي أنه لا يليق بأحلام ((داعش الحوثي)) لا يليق بمن يريد أن يعقد صفقات تحقق أطماعه على حساب الشعوب التي تسعى لنشر التسامح والسلم.. وتريد أن تحقق لأجيالها الجديدة.. حياة كريمة.. وتنتصر على مؤامرات المتآمرين وحلفائهم.
- عبدالله باخشوين