حوار - فيصل العواضي / تصوير - عبد المعين زهير:
أكَّد معالي الأستاذ ياسين عمر مكاوي مستشار الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية أن «عاصفة الحزم» ستحقق لأمتنا العربية التوازن الإستراتيجي المطلوب في مواجهة الأعداء والأطماع المتربصة بها، التي لم تعد خافية على أحد، مثمنًا تثمينًا عاليًا استجابة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون ومن تحالف معهم من الأشقاء لنجدة الشرعية في اليمن، بناء على طلب الرئيس هادي.
وقال في حوار لـ(الجزيرة): إن المشروع الإيراني الذي يراد له أن يفرض على اليمن غريبًا على ثقافة اليمنيين وعقيدتهم الدينية وأن التآمر بدأ مبكرًا منذ أيام حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي يتبنى الحوثيون اليوم تنفيذ هذا المشروع، الذي نشهد مزيدًا من الرفض الشعبي له عبر المسيرات السلمية التي تواجه من قبل قوات صالح والحوثيين بأشد أنواع القمع، فإلى نص الحوار:
* نبدأ بالسؤال من حيث انتهت الأحداث، ما تقييمك لعملية «عاصفة الحزم» وأين سيصل مداها؟
- أولاً أتوجه بالشكر لصحيفة «الجزيرة» على اهتمامها بالشأن اليمني وإتاحة هذه الفرصة لتوضيح كثير من القضايا، التي تهم أمتنا العربية والإسلامية وأبناء اليمن في الداخل والخارج وبالنسبة للإجابة على السؤال ففي البداية نثمن تثمينًا عاليًا استجابة المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ونخص بالذكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي باعتقادي أنه صنع توازنًا إستراتيجيًا في الإطار القومي وهو أمر كنا دائمًا نسعى إليه ولا نستطيع تحقيقه أو حتى ملامسته. وفي اعتقادي أن اليوم يتحقق لأمتنا العربية خلق آليات التوازن الإستراتيجي على المسارين العسكري والسياسي وهو من نتاج «عاصفة الحزم» واعتقد أن «عاصفة الحزم» اليوم هي مهام، هناك مهام عسكرية سيتم تنفيذها خلال مراحل عدة ولن تنتهي إلا بانتهاء الحالة العدوانية التي مثلتها أدوات إيران في المنطقة.
وهذه الخطوة التي نعتبرها مهمة في حياة شعبنا العربي هي بداية الطريق لإنتاج القوة العربية الرادعة لكل المطامع والتدخلات الإقليمية وفي اعتقادي أن « عاصفة الحزم» بدأت ولن تنتهي إلا بانتهاء القوة العسكرية التي يتمنطق بها أعداء الأمة في اليمن.
* هل تتوقعون أن تتطور العملية إلى تدخل بري؟
- حاليًا أنا لا اعتقد، نحن نطالب بمزيد من الدعم لتمكين القوى المدافعة عن عدن بالذات من وضع حزام أمني، لأن الغزو هو غزو بأدوات إيرانية تستهدف إسقاط عدن لاستكمال مشروعهم بإسقاط اليمن ثم ينتقلون إلى المسار الأوسع للأمة وهي دول مجلس التعاون الخليجي وما يجري في اليمن إلا فتح معبر أو مرتكز للانطلاق إلى تشكيل حالة من القلق لشعبنا العربي في مجلس التعاون الخليجي.
* نعود الآن إلى الشأن اليمني العام وباعتبار معاليكم تمسكتم بالحوار باسم الحراك الجنوبي في ظل رفض آخرين لكن ألا ترون اليوم أن الأحداث تجاوزت مشكلة جنوبية إلى مشكلة يمنية؟
- الإطار العام هو القضية اليمنية، لكن هناك خصوصيات موجودة في شمال اليمن وجنوبه واليوم عندما نتحدث عن الدولة الاتحادية نحن نتحدث عن هذه الخصوصيات وهذا الاتجاه وعلينا أن نتمسك بهذا الجانب ووجودنا في الحوار أثبت لنا ومنذ وقت مبكر أن هناك قوى لن تسمح بإنجاز مهام المرحلة الانتقالية والمهمات التي وضعها مؤتمر الحوار، فمؤتمر الحوار وضع مهمات في إطار مخرجاته ووضع آليات ووضعنا أمام الدولة الاتحادية اليمنية وهو الأمر الذي رفضه «مؤتمر علي صالح» مؤتمر علي صالح الشعبي حاول أن ينقل اليمن إلى أن تكون أداة من أدوات المشروع الإيراني ولجأ لذلك بمحاولة تدمير المشروع الوطني الذي أنتجته مخرجات الحوار الوطني ولهذا وقفنا في مواجهته، علي صالح ومؤتمره الشعبي صنع أداة جديدة هم الحوثيون وقد سميتهم ذات يوم أبناء صالح بالتبني وهو أمر حقيقي يثبت اليوم على الأرض، فالقوة التي تسيح هنا وهناك وتحاول تدمير كل مقومات الدولة أو ما تبقى منها هي قوة وأدوات علي صالح التي لم تكن وطنية في يوم من الأيام، هناك بعض من الناس يسمون هذه القوة جيشًا وطنيًا لكني أقول إنه لم يكن في يوم من الأيام جيشًا وطنيًا، فالجيش الوطني لا تكون ولاءاته إلا لله ثم للوطن. وليس للفرد وقد ناضلنا خلال المراحل الماضية في مواجهة هذا الطيف الذي يرمي نفسه في ولاية الفرد.
* هل يمكننا القول: إن ما بعد « عاصفة الحزم» لن يكون هناك حوار وإنما تنفيذ لمخرجات الحوار الوطني واستكمال مهام المرحلة الانتقالية وفق المبادرة الخليجية؟ وثمة سؤال نطرحه عليكم باعتبار أنكم عايشتم ما كان يسمى بحوار موفمبيك حتى لحظاته الأخيرة، فما كنتم وفيم كنتم تتحاورون؟
- في حوار موفمبيك كنا نتحاور على تثبيت الشرعية وآخرون يحاورون أنفسهم من أجل التسلط وللأسف الشديد أن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر لعب دورًا سيئًا وخاذلاً، كان سيؤدي في اليمن إلى الكارثة ولا ندري حتى الآن أسباب ذلك وقد رفضنا حوار الموفمبيك من واقع أن هناك هيمنة من قبل قوى معينة تستقوي بالسلاح ونحن لا نمتلك إلا كلمتنا كلمة الحق في مواجهة الباطل وكان من الصعب أن يستوعب ما نتحاور فيه أو عليه وهم يرفضون عودة الشرعية ومتمسكون بشرعنة الإعلان الدستوري ونحن نرفض ذلك ومن سيتحدث أننا اليوم في الرياض نمتلك الشجاعة لنتحدث برفضنا بصوت عال نقول: له نحن تحدثنا بصوت عالٍ أمام الغزاة في الموفمبيك وغير الموفمبيك وفي الإعلام الداخلي والخارجي وقلنا: لن نكون مطية لتدمير شعبنا في اليمن شمالاً وجنوبًا لن نكون مطية لهذا واليوم تجمعت القوى حتى التي كانت بعيدة عن الحوار، اليوم تتماسك في الجنوب في مواجهة قوى الطغيان، وباعتقادي أيضًا أن قوى الشمال تجمعت أيضًا في مواجهة هذا الطغيان، اليوم القوى السياسية اليمنية الخيرة التي مازالت متمسكة بالشرعية وأنا حقيقة وأقولها بصراحة وليس مجاملة إن اخوتنا وزملاءنا في التنظيم الوحدوي الناصري كان لهم موقف جبار وأشكرهم على هذه المواقف وليس لمجرد الشكر وأنا أقيم مواقفهم الثابتة لخدمة قضايانا الوطنية والعربية وهو ما يسير في السياق الذي تؤكده اليوم « عاصفة الحزم» وهو مسمى، وبالرغم من أننا لم نكن نريد الوصول إليه ولكن أجبرنا على اتخاذ مثل هذه التدابير وأجبرت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون والدول العربية التي استطاعت أن تستعيد مجدها كأمة واحدة وسننتصر بعون الله كعرب مجتمعين.
* هل تعتقد أن صفحة الحوار طويت الآن ولم يتبق غير تنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟
- اليوم لا حوار إلا بعد استكمال المهمة العسكرية المناطة بـ» عاصفة الحزم» وعندما تنتهي « عاصفة الحزم» سيكون اليمن جاهزًا للحوار ولكن ليس حوارًا تفصيليًّا يعيدنا إلى نقطة الصفر لكنه حوار حول آليات التنفيذ تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وحتى اتفاق السلم والشراكة الذي كان ثوباً قشيبًا يرتديه الانتهازيون والانقلابيون الذين حاولوا من خلال التلبس به أن يظهروا للشعب أنهم مع كل خطوة لصالحه هم من انقلب عليه بعد التوقيع مباشرة يوم 21 سبتمبر انقلب الانقلابيون على مشروع أتوا به من صعدة؟
* هل تعتقدون معاليكم أن الأحداث الجارية قد تسبب تصدعًا في بنيان المجتمع اليمني وتماسكه أم أنها ستنحصر آثارها في القوى التي حاولت زرع جسم غريب في الجسد اليمني؟
- ما قلته في سؤالك صحيح أن هناك محاولة زرع جسم غريب في اليمن وترجمة الرفض هذه التظاهرات التي تخرج في مواجهة القمع، في مواجهة السلاح والنيران التي يشعلها علي صالح وأبناؤه بالتبني، وهذا الذي يجري اليوم في تعز وفي مارب والبيضاء وفي عدن ما هو إلا رد حقيقي لرفض المشروع الغريب الذي يراد إدخاله على الجسم اليمني والجسم العربي. ولهذا سيرفض ولن يكون هناك أي بيئة اجتماعية تتقبل مثل هذا المشروع الطائفي الذي لم نعرفه في تاريخنا كيمنيين .
* أشرتم إلى أن فخامة رئيس الجمهورية اليمنية سيوجه ثلاث رسائل في القمة العربية، هل يمكن اطلاعنا ولو من باب الإشارة على محتوى تلك الرسائل؟
- هناك ثلاث رسائل تحدث عنها وزير الخارجية وقد لا أكون مخولاٌ بالحديث عنها ولكن الرسالة الأولى ستكون متعلقة بتوجيه الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي على الاستجابة لطلب فخامة الرئيس بالتدخل العسكري لدعم الشرعية وهناك رسالتان ستكونان متعلقتين بالترتيبات اللاحقة عربيًا وأوسع من ذلك.
* كلمة أخيرة في هذه الحوار لمن توجهونها؟
- أوجه كلمتي لأبناء الشعب اليمني شماله وجنوبه أن يرصوا الصفوف ويعيدوا انتشارهم مجددًا ويندفعوا باتجاه عملية التنسيق الشاملة بين القوى التي تحمي مناطقها وأخص الآن الحراك الجنوبي والشخصيات الاجتماعية والسياسية والشباب أن يدركوا أهمية التراص لصد هذه الهجمة التي قد لا نخلص منها ولا بعد ثلاثمائة عام وأكثر أوجه رسالة إلى أبناء عدن أن يتجنبوا ثقافة النهب والقيد ويحموا ممتلكات الدولة وأبارك كل الخطوات التي اتخذوها في هذا الجانب فالقيد ليس من قيمهم ولا من أخلاقهم وأوجه رسالتي إلى كل القوى الخيرة في اليمن أن يشدوا العزم لمساندة الشرعية وأن يكونوا مع « عاصفة الحزم» التي ستحقق لهم بإذن الله مشروعهم الوطني.