لقد كان تعيين الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود أميراً لمنطقة القصيم بشرى البشارات والذي تعود أهالي القصيم على بشاراته المفرحة حين كان نائباً لسمو الأمير فيصل بن بندر.. لقد جاء تعيين سموه أميراً لهذه المنطقة الخضراء كسحابة ربيعية مدرارة تهطل على رياض القصيم وكثبانها المزهوة بزهور الربيع وأقحوانه وربله وخزاماه، فتورق اخضراراً وتزداد وعبقاً وتزداد بساتين نخلها ألقاً وشموخاً.. لقد فرحت القصيم كلها بتعيين مثل هذا الأمير أميراً لها وطافت بي جهوده التي قام بها لنهضة المنطقة والمارين بها، فهو مهندس نهضة المنطقة ومن أبرزها متابعته الجادة لتنفيذ طريق (مكة - القصيم) منذ أن كان فكرة حتى تنفيذه بجهد لا يمل ولا يكل، منه يقطع مئات الكيلومترات ليرى المعدات وهي تبدأ التنفيذ والمهندسين وهم يتابعون، فلله در هذا الأمير.
ومن آخر البشارات التي زفها باعتماد كامل تكاليف تنفيذ طريق (القصيم - مكة) والبالغة 4.5 مليار ريال بشارة البشارات ليس لأهل القصيم الذين يقصدون مكة عبر طرق متعرجة مفردة أزهقت الأرواح والممتلكات، وإنما لكافة قاصدي بيت الله الحرام من شمال شرق المملكة ودول شمال الخليج العربي فالقصيم قدر لها أن تكون في مسار طريق الحاج البصري والكوفي منذ مئات السنين، وليس الطريق خدمة لها هي فقط حيث إن منطقة القصيم وجدت عرضاً بمسار الطريق وسينفذ بدون وجودها بل هو خدمة لجميع قاصدي بيت الله الحرام من شمال شرق المملكة وبعض دول الخليج العربي الذين كانوا يعبرون مساره منذ مئات السنين.
ولقد بادرت وزارة النقل ممثلة بمعالي الوزير المهندس الماهر الذي عرفته دهاليز الوزارة وعرفته كل طرق المملكة بسبب متابعته الدقيقة لها عرفته هذه الطرق منذ أن كان وكيلاً للوزارة أنه معالي الوزير المهندس عبد الله بن عبد الرحمن المقبل بادرت الوزارة بالإعلان عن منافسة تنفيذ هذا المشروع العملاق ليصبح إضافة للخريطة الذهبية لطرق المملكة، ومما يثلج الصدر هو طرح البنية التحتية له من محطات واستراحات ضمن المشروع فهو مشروع غير تقليدي وهو طريق للحجاج وواجهة للمملكة كلها.
سمو الأمير فيصل بن مشعل سبقت له جهود جبارة حيث تبنى فكرة الطريق وبذل جهوداً متوالية لتحقيق حلم القصيم وشمال شرق المملكة، وقام بزيارات متتابعة لبدء الأعمال في الطريق يقطع في كل زيارة ما يزيد على 300 كم ذهاباً وإياباً وينزل بكل تواضع وإصرار ليتابع العمل بنفسه وحينما لاحظ سموه بطء التنفيذ بسبب (تقسيط) الاعتمادات بادر إلى طلب الاعتمادات لكامل الطريق حتى الوصول لمكة خارج منطقة القصيم.. ولي عدة ملاحظات حول هذا الطريق.
أولاً: من المعروف أن هذا الطريق لا يخدم القصيم فقط وإنما القادمين من شمال شرق المملكة ومن الكويت والعراق ومساره هو نفس مسار (طريق الحج البصري) الإسلامي الذي يخترق صحارى الجزيرة العربية ماراً بالقصيم وعالية نجد حتى يصل إلى مكة المكرمة عبر ميقات (ذات عرق) شرق مكة المكرمة ومشروعه الحالي يقف بطريق (القصيم - المدينة) السريع وفائدته ستكتمل حين يتم إكمال امتداده من نقطة تقاطعه مع طريق (القصيم - المدينة)، ليمتد إلى شمال شرق المملكة متقاطعاً مع طريق (القصيم - حائل) شمال عيون الجواء ماراً بحفر الباطن حتى يصل حدود المملكة الشمالية الشرقية، وعند ذلك يصبح مشروعاً دولياً يخدم حجاج بيت الله الحرام واقترح أن يسمى بإسم خادم الحرمين الشريفين الذي بدأ تنفيذ هذا المشروع العملاق في عهده وأن يطلق مسمى (درب خادم الحرمين الشريفين) عليه وذلك لأنه طريق ودرب للحجاج والمعتمرين القاصدين لبيت الله الحرام الذين تضع المملكة خدمتهم في سلم أولوياتها، وتجند لهم في كل حج طاقاتها كاملة، لكن تتقطع السبل بكثير من الحجاج القادمين عبر طرق مفردة من شمال شرق المملكة وحصلت لهم حوادث مروعة وبشكل يكاد يكون سنوياً وبباصات تقل عدداً كبيراً منهم، وهذا الدرب سيكون خدمة جليلة لهم.
ثانياً: بما أن هذا الطريق واجهة لبلاد الحرمين وبوابة رئيسية للمملكة يسلكه الحجاج والعمار بأعداد كبيرة، فأرى أن يَتمَّ معاملة الخدمات عليه بشكل مغاير وأن يَتمَّ تنفيذها ضمن المشروع نفسه أي أن يَتمَّ إنشاء الخدمات (محطات الوقود - الفنادق - دورات المياه - المساجد) مع تنفيذ الطريق من قبل وزارة النقل وبطراز إسلامي مناسب لتكون واجهة مشرفة ومن ثم استثمارها من قبل مشغلين أكفاء واستثمار ريعها لصيانة الطريق وخدماته ومن غير المناسب أن تترك خدمات تقدم لحجاج تركوا ديارهم لاجتهادات وخدمات متخلفة ومزرية من قبل أشخاص يسعون إلى الربح المادي ويجعلون من ذلك وسيلة لكسب المال فقط لا إعطاء صورة مشرفة عن بلد الحرمين.
ثالثاً: أن تبادر وزارة النقل بوضع برنامج زمني لا يتجاوز 3 سنوات لإنهاء تنفيذ الطريق بكامل خدماته، وأن يَتمَّ طرحه في منافسة عامة واحدة على شركات المقاولات المؤهلة وذات القدرة الفنية والمالية العالية حتى وإن كانت شركات عالمية فهذا الطريق لا يمكن تجزئته وتركه لمقاولين مبتدئين لأنه مشروع يمثل واجهة مهمة للمملكة.
وأخيراً..
ساءلت في مكة كل زاوية
من يقرب نحو القصيم مآذنها
من يصنع الفرق من يحقق للقصيم أحلاما
وظل الحلم حلما سنينا وأعواما
فحول فيصل الحلم مشاريعا وأرقاما
ولاحت لنا عن قرب مآذن مكة وكعبتها والبيت الحراما
شكراً لأمير القصيم جهده.. شكراً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان اختياره لهذا الأمير فقد أحسن الاختيار.