لست هنا في صدد الحديث عن فضل الوقف الخيري والعمل التطوعي فقد تواترت النصوص في فضل ذلك ولا أظن أحدا يجهل مثل هذه النصوص بدليل تسابق المجتمع لبعض أعمال وفرص الوقف والعمل الخيري والتطوعي كبناء المساجد وحفر الآبار ودعم حلقات تحفيظ كتاب الله والتبرع للجمعيات الخيرية ونحو ذلك.
حصر الوقف الخيري والعمل التطوعي في مثل هذه المجالات والفرص من أعمال البر والخير فقط في نظري لا يقوم على دليل شرعي فالنصوص وردت مجملة في النفقة في سبيل الله ووجوه الخير ولم تقتصر وتنحصر في مجال دون الآخر.
لدينا الكثير من مشاريع الوقف والعمل الخيري المغفول عنها والمهجورة لأي سبب من الأسباب من ذلك على سبيل المثال لا الحصر المساهمة في وقف خيري يخدم ابن السبيل في طرقنا السريعة وطرقنا السريعة كلها تؤدي إلى مكة المكرمة والمدينة النبوية والوقف الخيري هنا يستفيد منه كل من يقدم لهذه المقدسات برا أو جوا أو بحرا لأداء الحج أو العمرة من الأقطار الإسلامية ومن ذلك تهيئة استراحات وفنادق للمسافرين وتكون بأجر رمزي وكذلك وضع برادات مياه كذلك على الطرق السريعة.
ومن الوقف الخيري المفقود انعدام مساهمة الموسرين ومن بارك الله لهم في أموالهم في العمل الخيري والتطوع ببناء مستشفيات ومراكز صحية لخدمة المواطن والمقيم والمسافر ومن ثم تسليمها للجهات المختصة لتشرف عليها وتتابع نشاطها وصيانتها ومن الوقف الخيري المفقود كذلك انعدام المساهمة الخيرية في تعبيد الطرق للمسافرين والمقيمين وبناء مجمعات مدارس بجميع مراحلها وتسليمها كذلك لجهات الاختصاص.
لدينا فرص كثيرة للعمل الخيري والوقف الخيري ولكن الكثيرين إما يجهلون مثل هذه الفرص وهنا يأتي اللوم على مؤسسات الإعلام والتوعية وإما يتجاهلون هذه الفرص بحجج ودعاوى نختصرها في جملة تردد « الدولة قوية « نعم الدولة قوية لله الحمد وبفضل الله ولم ولن تستجدي أحدا ليدعمها في مؤسساتها أيا كانت لكن الوقف الخيري ليس مقصور على جهة معينة والدولة سددها الله لم ولن تمنع من يرغب المساهمة لله تعالى في تنمية الوطن وخدمة المواطن وغاية كل من يوقف مشروعا خيريا ابتغاء ثواب الله تعالى وأجره من الله تعالى.
فما الذي يمنع كبار تجارنا وأثرياءنا وبعضهم لديه مؤسسات خيرية بمليارات الريالات، ما الذي يمنع أحدهم من التبرع لمثل هذه الفرص رغبة فيما عند الله من عظيم الثواب والأجر ومساهمة فاعلة ومشكورة في خدمة هذا الوطن المعطاء وسداد دينه علينا جميعا وخدمة مواطنيه وقيادته الكريمة التي ذللت كل السبل والصعاب لهؤلاء في تنمية رؤوس أموالهم وزيادة ممتلكاتهم؟
لدينا مطارات داخلية تحتاج إلى وقف خيري يساهم بتطوير بعضها وتحسين أدائها وخدماتها وإعادة بناء بعضها، فلم لا نجد من يبادر من موسرينا لذلك ابتغاء وجه الله تعالى ويمكن وضع رسوم رمزية ولدينا مدارس تحتاج صيانة وترميما ولدينا قرى وهجر في الشرق والغرب والشمال والجنوب تحتاج خدمات صحية وتعليمية، ولدينا طرق وعرة ومتهالكة تحتاج صيانة وإصلاحا، فلماذا لا يتسابق أهل الخير والنفقة والبر في أعمال البر والوقف الخيري بجميع مجالاته وفرصه دون استثناء أو انتقاء؟ فالأجر من الله تعالى والأعمال بالنيات، ولا يضيع الله أجر من أحسن عملا، ومن يعمل خيرا يجزى به، وما تفعلوا من خير يعلمه الله، وبدلا من أن نحمّل الجهات المختصة كل المسؤولية ونتحيّن الفرص للتأجيج والتحريض تجاه الدولة بدعوى مشاريع متعثرة أو نقص في الخدمات أو تقصير في خدمة المواطن أو نحو ذلك، فالحق والشهادة لله أن الدولة -وفقها الله- بذلت وتبذل قصارى جهدها ولم ولن تألو جهدا في البذل والعطاء خدمة لمواطنيها ورعيتها لكنها أيضا ليست شمسا شارقة ونعمة الأمن فقط التي ننعم بها بفضل الله ثم بفضل هذه القيادة الكريمة -حفظها الله- تستدعي أن نشكر هذه النعم ونساهم في خدمة الوطن والمواطن.
والله من وراء القصد،،،