المخدرات لا يعرف أثرها وتأثيرها سوى من جربها أو عانى من تبعاتها النفسية والاجتماعية، فإما الشخص نفسه المبتلى أو ذويه ومجتمعه الذي يعيش فيه، وكم من القصص والمآسي والآلام التي جرتها تلك السموم في حياة الناس، ويكفي أن متعاطيها أشد وأكثر من يتألم ويتلوى من آثارها في جوانب حياته الدينية والاجتماعية والنفسية والمادية والأخلاقية، فالتعاطي بطبيعته يقطع صلة الإنسان بربه عز وجل، والتعاطي من آثاره عزل الإنسان عن مجتمعه فيصبح معول هدم بدلاً أن يكون أداة بناء، والتعاطي من نتائجه إتلاف الجهاز العصبي الذي ينتج عنه الاكتئاب ومعه يصبح يفكر في الانتحار، والتعاطي من خصائصه الإنفاق والصرف على المواد حيث لا يمكن أن يحصل عليها بالمجان إلا إذا كان في بداياته، وكذلك من آثاره المشاهدة الكوارث الأخلاقية التي يسفر عنها تعاطي المخدرات.
استهلاله بدأتها لتوضيح الإطار العام لسلبيات ومخلفات ونتائج تعاطي المخدرات التي لا تعترف بالفروق الاجتماعية سواء الطبقية أو الجنسية أو الطائفية وهذه الآثار تحتاج منا إلى حسن الاستعداد والإعداد للتعامل مع مدمنيها والواقعين في براثنها، فلم يكن في السابق علاج لهم سواء الحبس والجلد ومضاعفة المدة كلما قبض على الشخص، لكن المشكلة لم تعالج لهذا شرعت الدولة منذ زمن في إنشاء تلك المصحات والمراكز وذلك لمساعدة المريض على سحب السموم من جسمه ومن ثم تقديم البرامج العلاجية والوقائية للمريض والمراجع للتعامل مع البيئة الخارجية وبخاصة مهارات الحياة التي افتقدها والتي يفتقر إليها بسبب تعاطيه وإكسابه بعض الآليات والأساليب والطرق في تشتيت الأفكار والخواطر والرغبات التي تدعوه للعودة لذكريات الماضي، وهو أحد الأدوار الرئيسة التي تؤديها تلك المصحات بالإضافة للبرامج الدينية والثقافية والترفيهية.
معالي الوزير ليس الأمس كاليوم، فاليوم زيادة أعداد الواقعين في المخدرات من الجنسين آخذ في التصاعد والتزايد وهو ما تشير إليه بعض الإحصاءات لذا والوضع كذلك فمستشفيات الصحة النفسية (الأمل) بحاجة لتتماشى مع ذلك التصاعد الذي له أسباب عديدة كالفراغ والبعد عن الدين والصحبة السيئة وحب الفضول والتجربة وضعف التوعية الإعلامية والفقر والبطالة وعدم توجيه الأسرة، وهذا يستدعي الاهتمام بتلك المستشفيات والعناية بها من كافة النواحي الإنشائية والتأهيلية والإدارية، والعمل على متابعة جهودها وآليات دخول المريض فيها، وسرعة اتخاذ الإجراء اللازم مع الراغبين في الدخول سواء أتوا بأنفسهم أو عن طرق أسرهم أو الأجهزة الأمنية.
وزير اليوم أطلب منك إحضار ملف (مستشفيات الأمل) ومعرفة ما لها وما عليها والتعرف على كل ما قيل حول ذلك الملف الذي يحتاج لفتة عاجلة وحازمة، فالإدمان والوقوع في المخدرات أصبح يهدد كل أسرة وعائلة وشاب وشابة، والمدمنون والمبتلون بهذه الآفة ليس لهم إلا تلك المصحات والمستشفيات وغيرها من برامج عالمية ناجحة «كزمالة المدمنين المجهولين AN»، والمتعافون اليوم من المخدرات يضربون أروع النماذج والأمثلة في نجاحاتهم وتميزهم.
معالي الوزير تأكد أن الدولة حريصة كل الحرص على العناية بتلك الفئة ومساعدتها للعودة للحياة الطبيعية وأنفقت الكثير والكثير وأصدرت العديد من القرارات والتوجيهات والتعليمات التي تحفظ وتصون كرامتهم وتضمن لهم الخصوصية والسرية العلاجية تحفيزاً من لدنها للإقبال والبحث عن العلاج والتعافي، ومع الإقرار بتلك الجهود التي تقدمها وزارة الصحة ممثلة في مستشفيات الأمل، نطلب منكم استدعاء هذا الملف وإعادة «هندرة» هيكلها وجهودها ودعمها ومتابعتها من جديد، أعانكم الله وسددكم.