الخوف غريزة عند كافة مخلوقات الله، والإنسان يشعر بالخوف حين يتسلل إلى داخله فيحدث انفعالات متفاوتة. والخوف ليس عيباً فهو انفعالٌ في النفس يَحدُثُ لتوقُّع ما يرد من المكروه. الخوف يتفاوت من شخص لآخر تبعاً لطبيعة كل شخص، فهناك من يخاف من أمور حقيقية وواقعية قد تؤذيه وتضره، وهنالك من الأشخاص ما نجدهم يخافون من أتفه الأمور. هناك من يخاف من ركوب الطائرة أو السفينة وهناك من يخاف من الأماكن المرتفعة أو المصعد وهكذا.
الخوف الذي أقصده في مقالي هو الخوف من ساهر، ساهر الذي هدفه المثالي والنبيل، وهو المساهمة في الحَدّ من السرعة والمخالفات المرورية الأخرى؛ بما يحمي الأرواح والممتلكات. غالبية قائدي المركبات يحترمون ساهر ليس حباً وطوعاً بل خوفاً على جيوبهم، وهل الخوف يؤدي إلى احترام القوانين والأنظمة؟ بالتأكيد غالبية قائدي المركبات لا يحترمون أنظمة المرور بل يحترمون ساهر مهما تكن نوعية الاحترام وعدم الاحترام المهم احترام الذوق العام، احترام الآخرين.
تصنف طرق المملكة للأسف على أنها من أخطر الطرقات في العالم، حيث تزايدت نسبة معدلات الوفاة على الطرق والشوارع وذلك بسبب اللامبالاة في تجاوز إشارات المرور والتهور في القيادة والسرعة الجنونية في الطرق السريعة التي تتجاوز أكثر من 160 كيلو/ الساعة. أجزم أن الكثير شعروا بالخوف حين تتجاوزهم سيارة بسرعة جنونية وعلى كتف الطريق، أي تصرف هذا.
هناك وبرأيي الشخصي من يقول: إن ساهر مصدر جباية وهذا مخالف للواقع أليس ساهر يحمينا من المتهورين؟ أليس ساهر يسهر على راحتنا؟ أليس ساهر يفرض احترامه حين ضاع الاحترام؟ هل من المعقول إذا قاد الشخص سيارته بأمان وتقيد بحدود السرعة المفروضة، فإنه حتماً لن يدفع مثقال هللة. أما الناس عديمو الاكتراث أو الذين لا يهمهم دفع الجزاءات، ويقودون مركباتهم بجنون، فحتماً سوف يدفعون قيمة مخالفات السرعة. زيارتي إلى شلالات نياجرا في كندا وقبل الوصول إليها ببضع كيلومترات مخالفة السرعة خمسة وعشرون ألف ريال. شخصيا مع مضاعفة مخالفات ساهر وتشديد الرقابة على السرعة وقطع الشوارع. في حي النسيم في مدينة الرياض قطع الإشارة والتجاوز والمزيد من المخالفات أصبح سمة معروفة والسبب غياب كاميرات ساهر التي هي عين على كل متهاون. أسمع كثيراً من يقول: قبل ساهركنا نقطع الإشارة ونسرع ولم نخف على أنفسنا من الموت وماذا عن موت الآخرين.
نعم، نجحت هذه التقنية المتقدمة في الحد من الحوادث المرورية، وهذا أمر جيد لا خلاف عليه، وأتمنى من إدارات المرور وفي كافة مناطق المملكة أن تعمم ساهر في كافة المدن والمحافظات والقرى، فالإنسان عزيز والمحافظة على حياته مسئولية الجميع وليس في أسبوع المرور فقط. وإذا كانت هناك تقنية عالمية أفضل من ساهر نحن نحتاج إليها، لكل من لا يعرف إحصائيات حوادث المرور هل تعلم إنّ معدل الوفيات في حوادث الطرق يبلغ 17 شخصاً يومياً، أي شخص كل 40 دقيقة، كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفا سنويًّا، وزادت الخسائر المادية على 13 مليار ريال في السنة، وفوق هذا أن المستشفيات يشغله 30% بسبب الحوادث.
في دول الخليج وبعض الدول العربية تجد الأغلبية يحترمون أنظمة المرور ويتبعون الإرشادات, ومرد هذا الالتزام بالنظام بل لأن هناك نظاما صارما يطبق على الجميع، طلابنا وطالباتنا المبتعثون في الخارج كيف يقودون سياراتهم هناك، احترام النظام، التقيد بالسرعة، ربط حزام الأمان، عدم الوقوف المزدوج والكثير هل هذا سوف ينعكس على تصرفاتهم حين عودتهم.
وفي الختام ليس هناك اغلى من الإنسان السعودي، وشخصيا أنا مع الاحترام بسبب الخوف إذا كان هذا سوف يقينا شر الحوادث المرورية. أقتبس: «يأكل الصدأ الحديد و تأكل الأحزان الفؤاد».