الابتسامة تحمل الكثير من المعاني الجليلة، إنها ترتقي بصاحبها وترفع من شأنه وتجعله محبوباً ومقبولاً وحسن المعايشة بالآخرين، فالإنسان يواجه في هذه الحياة الدنيا كثيراً من الكد والتعب والمشقّة وبعضاً من الصعاب والمشكلات، فبالابتسامة والرضا بما قسمه الله سوف تنجلي تلك الهموم بالأمل والسعادة، إنّ طلاقة الوجه تبشّر بالخير، ويقبل على صاحبها النَّاس فالله قد فطر الخلق على محبة صاحب الوجه المشرق، الذي يلقى من حوله بابتسامة صادقة تذهب عن النفوس هموم الحياة ومتاعبها فقد حفلت السيرة النبوية والأحاديث الشريفة لخير الخلق صلى الله عليه وسلم بالحث على التبسّم في وجه الناس, فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: «قَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسَلَّمَ-: لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا, وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ». فالابتسامة الصادقة ترقّق القلب وتساعد على إزالة التوتر العصبي وتجلب الهدوء وتشيع جواً من الطمأنينة, فوالداك وأفراد أسرتك ومن حولك أيضاً من جيران وأقارب وأصدقاء وفي مجال العمل كل هؤلاء لا يريدون منك إلاّ ابتسامة فقط، إنهم يسعدون بها وتُدخل على قلوبهم الفرح والسرور، وقد قام علماء بدراسة تأثير الابتسامة على الآخرين، فوجدوا أن الابتسامة تحمل معلومات قوية تستطيع التأثير على العقل الباطن للإنسان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم) رواه الطبراني وحسنه الألباني, وطبائع الناس تختلف بعضها عن بعض فهناك من يعتقد أن تجهّم الوجه وعدم الابتسام يدل على الوقار والحكمة وقوة الشخصية!! وأنه لو ابتسم للآخرين سوف تنقص من شخصيته وهيبته وهذا بالطبع أمر غير صحيح, وليس المؤمل أن يكون فاتحاً فاه مبتسماً في كل الأوقات بل إن هناك مواقف تتطلب شيئاً من الجدية، وأن هناك من الناس من قد تواجهه مشكلة فيعبس في وجه أخيه وهذه طريقة خاطئة أيضاً فلو أن كل شخص حدثت له مشكلة وعبس في وجه أخيه في المنزل أو في العمل أو في الشارع...، لأصبح كل واحد منا لا يطيق الآخر، فصاحب الوجه العبوس لا يألفه الناس وتشمئز نفوسهم منه، عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه «ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم» [رواه الترمذي] فالابتسامة رسالة محبة رقيقة زاهية الألوان تذهب الحقد والحسد من القلوب، وينعكس أثرها على المجتمع فالأب يبتسم لأنائه وزوجته ولوالديه وأهله فتقوى العلاقة من ود وتراحم، والزوجة تستقبل زوجها بالابتسامة فتزداد العلاقة الزوجية ويتجدد بها المحبة والوفاق، والأم تحنو على أطفالها فتزداد الألفة والمحبة، وأيضاً بالابتسامة يقابل المدير موظفيه في الصباح الباكر فتبتهج الأنفس ويزداد نشاطها ويتحسن الأداء والانتاجية، فالابتسامة هي قمّة التواضع ولغة لا حدود لها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ).
قال الشاعر:
تصدّق بابتسامتك الجميلة
على مستعففٍ طال اغتمامه
تداويه ابتسامتك العريضة
وتنزع عنه ديجور القتامة
تتوق النفس في زحمة عناها
لوجهٍ مشرق بالابتسامة
فهل جربت مثلي ياصديقي
وهل أدركت سحر الابتسامة
ترى تأثيرها يمتد حباً
عميقا في قلوبٍ مستهامة
هدية لاتكلفنا كثيراً
ولكن تكتسي قدراً وهامة
وتشعرنا بأن الكون واسع
وفيه الخير وأصحاب الشهامة