لم تعد محتويات الشبكة العنكبوتية « مواقع التواصل الاجتماعي « تطرح مواد للترفيه أو التثقيف فقط، بل أضحت تشارك بتشكيل الرأي وتؤثر على عقول الناس وأمن الأوطان من خلال بث الناشطين فيها أفرادا وجهات: ما يثير البلبلة ويهيج الناس.
هذه حقيقة أكدها ورسخها أحد رجال الأمن في بلادنا الذين يعايشون الآثار الخطيرة للإرهاب والانحراف الفكري سواء جاء عبر ترويج فكرة أو دعوة استفزاز.
لقد قرأت كلاما مهما جدا لم ينبع من تنظير ولكن من معايشة وحس وطني.. ذلك ما قاله معالي الفريق أول عبد العزيز الهويريني مدير المباحث العامة، حيث صرح كما أوردت صحيفة عكاظ في 5 - 5 - 1436هـ، بما نصه:
« أن المملكة تواجه حرباً حقيقية تتمثل في الإرجاف والإحباط وهو أحد الأسلحة النفسية التي تتخذها جهات وتنظيمات تستهدف استقرار المملكة. وأضاف: وإن المنطقة تعاني من موجة إرهاب وعدم استقرار لا يخفى على أحد، ومع هذا نواجه ثقافة شرعت جهات عدة في الترويج لها وهي نشر ثقافة الإحباط والإرجاف والتشكيك في مقدرات الوطن ورجالاته، وهذا أسلوب خطير يمرر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويتطلب منا ومن المجتمع الوقوف بوعي لمجابهته».
وقد صدق فلم تعد الحرب الموجهة لبلادنا تخيلاً ووهماً بل حقيقة أذكت نارها أقنية التقنية.
إنني أدعو مع الفريق أول عبد العزيز الهويريني إلى مواجهة حملات التشكيك والإرجاف بوعي وتفكير بعواقبها من أجل استمرار نماء بلادنا وأمن مواطنينا.. أدعو إلى أن نفكر كثيرا ولا نسلّم بكل ما نقرؤه، فبلادنا: عقيدة وقيادة وإِنسانا مستهدفة حقا : سواء من أعدائنا المتربصين بنا بالخارج، أو من بعض فئة قليلة من أبناء الوطن بالداخل الذين أضلهم هواهم وفكرهم المنحرف.. لنكن على درجة من الوعي فنفحص ما نقرأ بمواقع التواصل الالكتروني قبل أن نقتنع به أو نعيده بدون أدنى تأمل.. الأمر يتعلق بنا وبأجيالنا.. وعلى هذه الأجيال أن تسأل وتعرض ما تطلع عليه على من هو أكبر منهم سنا وأوفر تجربة وعلما.
كم أتطلع إلى أن تتبنى المدارس والجامعات منهجا توعويا خاصا بهذه «الأقنية الفضائية» ومحتوياتها، يقوم بطرحه عليهم من يوثق بهم من العلماء ورجال الأمن والمثقفين المعروفين بغيرتهم على دينهم ووطنهم عبر لقاءات مفتوحة بمدارسهم ومدرجات جامعاتهم، وقد يكون تأثير الطرح من هذه الأسماء عليهم أكثر تأثيرا من طرح معلميهم الذين اعتادوا على توجيههم لكن مع هذا لا يتم إغفال دور المعلمين.. فالمطلوب أن يشارك الجميع في نشر الوعي، وبيان مخاطر ما يتم سكبه في هذا الفضاء الشبكي الذي قد ينساب إلى العقول بدون وعي أو تفكير بأبعاده الخطيرة.
ختاما لقد جاء نجاحنا ولله الحمد بمكافحة الإرهاب خلال السنوات الماضية عن طريقين: الحل الأمني سواء بضربات استباقية، أو القضاء على الأعمال الإرهابية عندما تظهر أنيابها، والطريق الآخر: مواجهة الفكر الضال بالفكر الصحيح وبمنهج المناصحة الذي تبناه سمو الأمير محمد بن نايف - حفظه الله - منذ أن كان مساعدا لوزير الداخلية وأثبت هذا النهج.. بفضل الله نجاحه برجوع عدد كبير من أصحاب الفكر المنحرف إلى جادة الصواب، وقد أشادت بهذا النجاح مراكز ومنظمات محايدة دولية بدول متقدمة.
اللهم أدم وطننا: دوحة إيمان، وواحة أمان، وباحة نماء، وربِّ اجعل هذا البلد آمنا.
آخر الجداول
للأمير الراحل نايف بن عبد العزيز رحمه الله كلمة تُكتب بماء من الذهب:
« وراء أي عمل إرهابي فكر منحرف»
من مقدمة كتاب «رؤية حول تصحيح صورة بلادنا وإسلامنا» الذي قدم بها الراحل هذا الكتاب لمؤلفه كاتب هذا المقال.