الجزيرة - حسنة القرني / تصوير - سعيد الغامدي:
أكد نائب الرئيس التنفيذي للبوليمرات بالشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» المهندس مساعد العوهلي، إسهام جائزة «سابك» للابتكار في دفع عجلة التقنية بالمملكة، بهدف ابتكار مزيد من التقنيات المتخصصة في مجال البلاستيكيات الذكية على خريطة الصناعة الوطنية. وعدها مبادرة وطنية تهدف إلى خدمة الوطن وأبنائه، وتحفيزهم على الإبداع من أجل بناء مجتمع معرفي، واقتصاد قائم على المعرفية.
وأشار العوهلي في حوار أجرته معه «الجزيرة» أن «سابك» تمنح جوائز نقدية للفائزين تصل في مجموعها إلى 10 ملايين ريال سعودي، بالإضافة إلى مساندة المبتكر بالدعم اللازم لتطوير فكرته.
وعن شركة سابك وإسهامها في الصناعة؛ كشف العوهلي عن اتجاه شركة سابك لتطوير نوع مبتكر من البلاستيك يعتمد على الألياف الزجاجية، بحيث يكون لديه القوة الميكانيكية مثل الألمنيوم، ولكنه أخف وزناً؛ لتقليل وزن السيارة، وبالتالي التقليل من استهلاك الوقود، مؤكدًا أن إستراتيجية الشركة تقوم على دعم التنمية المستدامة عن طريق الابتكار... فإلى الحوار:
بداية تحدث العوهلي عن عملية البلاستيك، التي تختزل دائماً في حقيقة أنها تستهلك الوقود وتطلق ثاني أكسيد الكربون في الهواء، مدافعاً عن إنتاجه وتصنيعه علمياً وعملياً بقوله: «إن البلاستيك يدخل في تصنيع المواد العازلة، وهذه من شأنه زيادة كفاءة العزل الحراري»، مؤكداً أن ذلك يحقق مضاعفة توفير الطاقة وبالتالي فإن استخدام البلاستيك يقلل من الانبعاث الكلي لثاني أكسيد الكربون على الرغم من أن الإنتاج يسبب حرق الوقود، وينتج ثاني أكسيد الكربون.
يذكر أن القيمة في العزل الحراري تتمثل في تقليل استهلاك مصادر الطاقة مثل البترول، وبالتالي فإن البلاستيك يقلل كنتيجة نهائية من الاحتباس الحراري وثاني أكسيد الكربون. مشددًا على ضرورة توعية وتعليم المجتمع بالفائدة، التي من أجلها تنتج هذه الأطنان من البلاستيك، ويأتي من أهمها صحة المجتمع وحماية البيئة، مؤكدًا أن ذلك كفيل بمنع الحكومات من إصدار تشريعات تحد من استعمال البلاستيك».
إستراتيجية «سابك».. الإنتاج والاستحواذ معاً
وعن إستراتيجية «سابك» وطموحها حول إنتاج البلاستيك، أكد العوهلي أنه تم تحديث إستراتيجية الشركة طويلة الأمد خلال العام الماضي؛ لهدف محدد وهو أن تصبح «سابك» بحلول 2025م، المورد المفضل عالمياً في مجال البتروكيميائيات والبلاستيك، وهو ما بدأته الشركة فعلياً الآن، وإذا حققنا ذلك فستصبح حصتنا في السوق عالية، كما سيكون أداؤنا المالي جيداً، وستكون القيمة المضافة للمساهمين والموظفين والمجتمع عالية جداً.
وتابع العوهلي: «من أجل ذلك حددنا الأهداف وقمنا بالتخطيط الجيد لذلك، من خلال عدد من المجالات الاقتصادية والقطاعات المستهدفة، التي نريد أن نتميز فيها مثل: النقل، والاتصالات، والطاقة، وحفظها، والمجالات الطبية، وغيرها»، منوهاً بأن «سابك» تملك حالياً إستراتيجية، وتصوراً عن كيفية خدمة هذه القطاعات، عن طريق توفير كل ما تحتاج إليه من منتجات أو خدمات، حيث نقوم بتوسيع إنتاجنا لتوفير احتياجات هذه القطاعات عن طريق زيادة الاستثمار من أجل خدمة القطاعات المستهدفة».
جائزة الابتكار والإسهام في إنتاج المعرفة
وعدّ العوهلي جائزة «سابك» للابتكار مبادرة وطنية بقيادة الشركة لهدف خدمة الوطن وأبنائه، وتحفيزهم على الإبداع، من أجل بناء مجتمع معرفي، واقتصاد قائم على المعرفة، مشيراً إلى أهمية تشجيع الإبداع والتميز فيه؛ لإنجاح «سابك» في جميع المجالات، سواء في أدائها لرسالتها بشكل متميز نحو المجتمع، أو نحو المساهمين، أو موظفيها أو الوطن أو العالم بشكل عام، مشدداً على أن ما يتم إنتاجه اليوم صالح لليوم، ولن يلبي حاجة المجتمع والزبائن في المستقبل؛ بسبب تغير العوامل الاقتصادية، أو بسبب تنامي متطلبات حماية البيئة، ما يؤكد أهمية الإبداع والتميز فيه؛ لذلك جاءت الجائزة بمقدارها الجاذب والعالي لهدف الإسهام في دفع عجلة الإبداع، لافتاً إلى أن الجائزة بهذا الشكل وهذا الدعم هي المرة الأولى، التي تطلقها «سابك»، وتأتي تتويجاً لعدد من المبادرات والتجارب في دعم الإبداع، والقدرات المحلية التي تقوم بها الشركة.
وحول عدد المشاركين قال العوهلي: «ليس هناك أرقام إحصائية دقيقة، لكن بحسب معلوماتي فقد تم تقدير عدد المشاركين حتى الآن بمئات الآلاف من السعوديين وغير السعوديين».
وأضاف: «لدينا وطن يزخر بقدرات الشباب مع الرغبة الجادة في الإبداع، واستغلال الفرص، سواء كانوا أفراداً أو أعضاء تدريس وأكاديميين، أو موظفي شركات تجارية، أو في مؤسسات، فجميعهم لديه قدرة على الإبداع وكيفية تصميم منتج يحتاج إليه المستهلك، وأيضاً لديهم الكيفية والقدرة على التطوير في أساليب العمل؛ لتقليل التكلفة، أو تحقيق رضا أعلى للزبائن، علاوة على العمل بطريقة تحمي البيئة»، معتبراً ذلك كله الأرضية المثلى للصناعة والإبداع. وإلى جانب حافز جائزة «سابك» فإن من شأن ذلك أن يشكل اهتماماً قوياً بالصناعة، متمنياً أن تسهم الجائزة في صناعة روح المنافسة بين الجهات المعنية للاستمرار في دعم الإبداع، مؤكدًا استمرارية مبادرات الشركة في هذا المجال، داعياً الجهات الأخرى إلى الاستمرار في الدعم من أجل بناء مجتمع قادر على المنافسة في مجال الإبداع العالمي، حيث يقول: «العالم أصبح متواصلاً بشكل قوي، والمنافسة حادة، والجميع يريد أن يحقق لنفسه قيمة مضافة، ومن لا يستطيع المنافسة فسوف يعود للصفوف الخلفية، والمملكة تملك جميع مقومات النجاح، فلدينا -بفضل الله- قيادة حكيمة، ولدينا البيئة التعليمية التحتية الجيدة، ولدينا أيضا القدرة المالية على دعم الإبداع فليس أمامنا إلا النجاح».
التقنية وتطوير الصناعة
وعن أهمية وتأثير الابتكار والتميز على استمرارية المنافسة في صناعة البلاستيك بالنسبة لـ»سابك»، قال العوهلي: كانت إستراتيجية «سابك» سابقاً تعتمد على شراء التقنية، فإذا أردنا إنشاء مصنع نقوم بشرائها من المرخصين لها، وقد كانت إستراتيجية ناجحة في حينها، فمن خلالها استطعنا أن نبني مدن صناعية ناجحة كمدينة الجبيل وينبع ومراكز أخرى للبيع والتسويق. أما الآن فقد استطعنا أن نحقق الابتكار والتميز على مستوى تقنية التصنيع، ومن شأن ذلك أن نطور إنتاج المنتجات المبتكرة».
وكشف العوهلي عن أن هذا التوجه يدعم التنمية المستدامة، ومن ذلك -على سبيل المثال- أن شركة سابك تتجه حالياً إلى تطوير بلاستيك مبتكر يعتمد على الألياف الزجاجية، بحيث يكون لديه القوة الميكانيكية مثل الألمنيوم، ولكن أخف وزناً، ومن مميزاته تقليل وزن السيارة وبالتالي التقليل من استهلاك الوقود.
وأضاف: عن طريق الابتكار والتقنية وإدارتها في «سابك» نحن بصدد تقوية قدراتنا التقنية، من أجل دعم طموحاتنا وأهدافنا الاستراتيجية فلدينا التقنيات، التي تتيح لنا إنتاج البولي إثيلين، وأيضاً من خلال تطور التقنيات، فإن ذلك سيتيح لنا أن نبدأ بغاز الميثان لإنتاج الأولفينيات»، مؤكداً أن «سابك» الآن مهتمة بتطوير التقنية، التي تسمح بتصنيع الأولفينيات من الفحم الحجري، ومن خلال تطوير هذه التقنيات تسهم «سابك» بتحقيق ما يعرف بالمجتمع المعرفي، واقتصاد قائم على المعرفة، الذي يدعم الصناعة في المملكة.
ريادة «سابك»
وأوضح المهندس العوهلي أن هدف «سابك» من تكوين ودعم الاتحاد الخليجي للبتروكيميائيات والكيمياويات «جيبكا»، هو تشكيل منظمة تعمل مع مثيلاتها في أمريكا وأوروبا وأسيا؛ من أجل دعم وخدمة قطاع البتروكيميائيات، مؤكداً تأثير المنظمة عالمياً. وأضاف: «يقوم الاتحاد بتنظيم مسابقة جائزة الاتحاد الخليجي البتروكيميائيات والكيماويات للابتكار في صناعة البلاستيك التحويلية، حيث أحرزت «سابك» فيها جائزتين لهذا العام، وثلاث جوائز للعام الماضي»، مشيراً إلى أن الجائزة لا تذهب للأفكار، التي لم تتحقق عملياً، بل لمنتج تم إنتاجه، وتسويقه، وبيعه، ومن ثم أثبت جدارته، موضحاً أن للجائزة ثلاثة مجالات شاركت فيها «سابك» جميعاً، هي: (منتج جديد يتم تطويره عن طريق الشركة، ومنتج جديد يتم تطويره بين الشركة ومن يستعمل المنتج، وباحث مميز لديه إبداع).
كما أرجع نائب الرئيس التنفيذي للبوليمرات في «سابك» أسباب إنشاء مجلس البلاستيك العالمي إلى الحاجة في ربط جميع منظمات البلاستيك المحلية بعضها ببعض، لهدف إدارة الحوار بين المنتجين وبين صناع القرار في الحكومات من جهة، ومن جهة أخرى تحسين عملية التفاعل بين الكيانات المحلية بما يسهم في دعم تبادل ونقل الخبرات، وبالتالي تطوير عمل المنظمات المحلية، علاوة على أن وجود المجلس سيسهم في التعريف بفوائد البلاستيك وما يضيفه من قيمة إلى جانب المساهمة في إيجاد حلول للمشكلات البيئية الناتجة من البلاستيك.