الجزيرة - علي القحطاني:
اعتبر مراقبون ومختصون اقتصاديون وعقاريون، موافقة مجلس الوزراء أمس على قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، بمثابة نقطة تحوّل جوهرية في مسيرة العمل التنموي المتعلق بإيجاد حزمة من الحلول الناجعة لأزمة الإسكان في المملكة لاسيما في المدن الكبرى.
وقد تضمن القرار «الرفع بما يتم التوصل إليه إلى مجلس الوزراء تمهيداً لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكل عاجل».يأتي ذلك في الوقت الذي أشارت وزارة الإسكان من جهتها إلى أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز سيساهم في فك أزمة الأراضي، كما أن الموافقة على قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية بشكل عاجل، يمثل دلالة كبيرة على السعي إلى حل الأزمة الإسكانية، متوقعة أن يسهم تطبيق الرسوم بشكل فعلي في تحقيق مبدأ التنمية بالمناطق التي يوجد بها مساحات شاسعة من الأراضي غير المستثمرة.
وذكرت وزارة الإسكان أنها قدمت دراسة مستفيضة في هذا الجانب أيدت فيها سرعة إقرار هذا المطلب لما له من أثر إيجابي للحد من ارتفاع أسعار الأراضي واحتكارها.
فيما ذكر مصدر في وزارة الإسكان أن الوزارة تعمل مع مجلس الاقتصاد والتنمية على كل ما يخص فرض تلك الرسوم من أجل الإسراع في حل الأزمة الإسكانية التي تعاني منها المدن الكبرى رغم وجود مساحات كبيرة خاصة.
وأشار المصدر إلى أن نسبة من مواقع الأراضي المستلمة لا توجد في المدن والمحافظات الرئيسية ذات الحاجة الإسكانية الملحة، بينما النسبة الكبيرة من الأراضي المستلمة تقع في المراكز والقرى والبعض الآخر منها تكون في مواقع بعيدة عن النطاقات العمرانية للمدن والمحافظات، آملاً أن يدعم مجلس الشورى الوزارة في هذا الشأن الحيوي والمهم.
في حين تسلمت الوزارة 261 موقعاً مخصصاً بمساحة إجمالية قدرها 345 مليون متر مربع، و820 مخطط منح سكنية، فيما يجري التنسيق لاستلام باقي المخططات تباعا والبالغ عددها 608 مخططات.وقال الاقتصادي الدكتور إحسان أبو حليقة في حديثه لـ»الجزيرة»: إن أبرز الإيجابيات لهذا القرار هو تسريع عمليات التطوير العقاري على الأراضي البيضاء، حيث إن فرض الرسوم سوف يتجاوز الرسوم إلى إعادة هيكلة سلسلة القيمة لأنشطة العقار.
وأضاف الدكتور أبو حليقة: نحن بانتظار صدور قرارات حول هذه الآليات التي من المتوقع أن تسعى إلى حل الأزمة الإسكانية التي تعاني منها المدن الكبرى، مؤكدا أن صدور هذه الآليات سيفتح الباب أمام المستثمرين، موضحا أن المطورين العقاريين يعتبرون من الجهات المستفيدة من هذا القرار.
فيما أشار المختص العقاري الدكتور عبدالله المغلوث إلى أن القرار جاء ليسهم في كبح أسعار الأراضي السكنية المرتفعة، مما يساعد في حل الأزمة الإسكانية بتمكين المواطنين من شراء الأراضي بسعر جيد وتوفير السيولة المطلوبة لتطوير الأراضي.
بدوره أكد المختص في التطوير العقاري سليمان العمري، أن تحصيل رسوم على الأراضي البيضاء سيُسهم في خفض أسعار العقار وسيوفر أراضي بمساحات كبيرة تدعم وزارة الإسكان في توفير وحدات سكنية للمواطنين، وفك الاحتكار، لافتاً إلى أن مشكلة الإسكان بحاجة إلى حزمة من الحلول، منها تفعيل القرض الإضافي وفق الآلية المعلنة.يذكر أن حجم الأراضي البيضاء في المملكة يقدر بنحو 4 مليارات متر مربع، ويمتلك العقاريون نحو 20 بالمائة من تلك الأراضي وكانت مصادر مطلعة قد كشفت لـ«الجزيرة» في وقت سابق، أن مشروع نظام الرسوم على الأراضي البيضاء غير المستغلة الواقعة داخل النطاق العمراني للمدن طرح سابقا ضمن مشروع منظومة دعم الحلول الإسكانية، الذي تضمن في حينه مقترحا بأن تصل الرسوم إلى 150 ريالا على المتر الواحد للأراضي التي تبلغ مساحتها أربعة آلاف متر مربع فما فوق.
فيما أشار عقاريون تحدثوا لـ»الجزيرة» في حينه أن البدء في التطبيق الفعلي للقرار سيعيد تشكيل واقع العرض والطلب وتوجه الاستثمارات إلى متطلبات السوق من حيث القيمة والمساحة.وقالوا إن الرسوم ستضع ملاّك العقار والمستثمرين أمام العديد من الخيارات، لعل أبرزها التخلص من الأراضي وتفادي دفع هذه الرسوم التي من الصعب تلبيتها في الوقت الحالي أو تقسيم الأراضي الكبيرة إلى أراضٍ صغيرة مع تطويرها ثم بيعها بأسعار مناسبة للباحثين عن السكن، أو تجميدها كما هو الوضع الآن وهذا أمر مستحيل من قبل غالبية تجار العقار في ظل الوضع الذي تعيشه السوق لعدم توافر السيولة لديهم في دفع الرسوم ولعدم وجود المشتري والخوف من انخفاض الأراضي مع مرور الوقت.
ولفت العقاريون إلى أن صدور القرار سينشط الاستثمار في قطاع العقار والإنشاء والتعمير، خصوصاً أن معظم الأراضي في وسط المدن، لم يتم إحياؤها، حيث إن الأراضي البيضاء (غير المستخدمة) في المدن الكبيرة تشكّل نسباً كبيرة، مشيراً إلى أن الكثير من الأراضي البيضاء معطلة، إما بسبب وجود ورثة قصر أو خلافات تمنع بيعها أو بناءها، ومن ثم فرض رسوم عليها، يعني خسارة من قيمة الأرض، والجزء الآخر قد يكون أراضي حكومية غير مستغلة.