لقد عقدت الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان) في رحاب جامعة أم القرى بمكة المكرمة ملتقى التربية بالقرآن ((مناهج وتجارب)) وذلك في يومي الأربعاء والخميس الموافق 22 -23-4-1436هـ والذي يشير إلى عظم التربية بكتاب الله تعالى، لكون «التربية بالقرآن» من أعظم وسائل التربية للأجيال الناشئة، فقد تربى عليه الرعيل الأول من الصحابة رضوان الله عليهم وهم خير القرون، وقد تشرفت حقيقة وأسعدني حضور هذا الملتقى المبارك والذي كان يهدف لما يلي:
1- الإسهام في إبراز عموم رسالة القرآن ومنهجه في الإصلاح.
2- تأصيل موضوع التربية بالقرآن وبيان المنهج النبوي ومنهج سلف الأمة في ذلك.
3- دراسة أثر المؤسسات والمحاضن القرآنية في التربية بالقرآن، وتقويمها.
4- دعوة الباحثين للمساهمة العلمية في تجلية مفاهيم وتطبيقات التربية بالقرآن.
وكان هذا الملتقى يشتمل على سبعة محاور: المحور الأول: التربية بالقرآن (المفهوم، والأسس، والضوابط). المحور الثاني: التربية بالقرآن (المعوقات، والتحديات).
المحور الثالث: التربية بالقرآن (الآثار والنتائج) في ضوء السيرة النبوية. المحور الرابع: التربية بالقرآن وجهود سلف الأمة وعلمائها فيها. المحور الخامس: أثر التربية بالقرآن في تأصيل الدراسات الحديثة للتربية. المحور السادس: دراسة تطبيقية على المحاضن القرآنية ودورها في تفعيل التربية بالقرآن. المحور السابع: تقويم المحاضن القرآنية على التربية بالقرآن.
ولا يخفى على أحد أهمية مثل هذه الملتقيات التي جمعت بين شرف المكان وهو (مكة المكرمة) مهبط الوحي ومنبع الرسالة وشرف الموضوع وهو (القرآن الكريم) كتاب الله، وطرق التربية به في هذا الزمان الذي انصرف فيه كثير من الناس إلى شتى العلوم والمعارف بحثا عن إصلاح أمور حياتهم معتقدين بذلك أنهم قد وجدوا حلولاً مبتكرة لمستقبلهم المشرق كما يزعمون، ونسوا أو تناسوا أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وهو القرآن الذي وصفه منزِّلَه بأنه إمام، وأنه موعظة، وأنه نور، وأنه بينات، وأنه برهان، وأنه بيان، وأنه هدى، وأنه فرقان، وأنه رحمة، وأنه شفاء لما في الصدور، وأنه يهدي للتي هي أقوم، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه قول فصل وما هو بالهزل، القرآن هو الذي أصلح النفوس التي انحرفت عن صراط الفطرة، وحرر العقول وفتح أمامها ميادين التأمل والتعقل، ثم زكى النفوس بالعلم والأعمال الصالحة، وزينها بالفضائل والآداب، إننا بالقرآن وبالرجوع إليه نجد حلاً لكل إشكالات الحياة فهو حياة القلوب ومنهج الرسل وهو الماضي والمستقبل المشرق الذي رضيه الله لعباده.
آياته كلما طال المدى جدد
يزينهن جلال العتق والقدم
يكاد في لفظة منه مشرفة
يوصيك بالحق والتقوى وبالرحم
وإن من ثمار هذا الملتقى الخروج بعدد من التوصيات والتي كان من أبرزها:
1- توجيه الأئمة والدعاة وأهل العلم إلى الاهتمام بتربية النفس بهدف تحذير الأمة من كل ما يخالف الله ورسوله من عقائد، وعبادات، وأخلاق، ومعاملات، والالتزام والتمسك بالعقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات التي جاءت في القرآن.
2- تضافر جهود المخلصين وتوحيدها لخدمة التراث القرآني ونحوه، وتجلية معالمه للناس ليشاهدوا هداياته عن قرب، مع إبراز أن التطبيق ليس صعبا أو مستحيلاً.
3- اعتماد التفسير الميسر للآيات المحفوظة، وهذا من شأنه أن يعين على فهم المحفوظ والعمل بها على ما كان عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
4- توضيح الوسائل والأساليب النبوية التربوية بصورة مشوقة مشرقة.
5- الاهتمام بالمستجدات التربوية الحديثة والعصرية، والعمل على استثمارها وفق منهج الله
- عز وجل - وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
6- ضرورة تفعيل المنهج القرآني في الحوار التربوي بين الآباء والأبناء.
7- ضرورة التواصل مع العالم الآخر والانفتاح عليهم في إيصال رسالة الإسلام.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لكل من ساهم في إنجاح هذا الملتقى المتميز والذي أتمنى بأن تخرج توصياته من حيز التنظير إلى التطبيق.
- مكة المكرمة