كنا بالأمس ينصح بعضنا بعضا ويوجهنا الكبير ويعلمنا معلمينا أن هناك أفعال محرمة وأفعالا معيبة، وبينهما فرق كبير، فالحرام يستدل منه من القرآن والسنة و»العيب» ما جرى عليه أجدادنا ومجتمعاتنا من أفعال قبيحة لا تقبلها وتعيب من يفعلها بدليل من العقل.
أما اليوم فالعيب أصبح في مقدمة النصح والحرام يُردف بأن باب التوبة مفتوح والله سبحانه وتعالى يغفر، أما البشر لا تغفر ولا تنسى، فأصبح الكثير حبيس النفس في ما لو عمل عملاً فهل يقبلها مجتمعه أم يعيب عمله، وإن كانت لقمة حلال من عملٍ يعمله لإيجاد ما يستر به حاله وحال بيته من الأعمال التي قد يعيبها عليه من حوله.
فمن المصادفة التقيت بأحد الأشخاص فسألني قائلاً:
أما آن الأوان لتترك الطبخ وعالم التوابل لأهله
قلتُ ومن هم أهله؟
رد علي قائلاً الطبخ للنساء فهن من يرتدن المطبخ في المنزل.
قلتُ فهل تأكل من أكل المطاعم ؟
قال نعم.. وإن سألتني لماذا آكل من أيادي الرجال ولم أعبها عليهم؟
لأنني أراك غيرهم، ولست بحاجة لمثل هذا العمل.
قلتُ له فأنا بشرٌ وهم بشرٌ مثلي والطبخ هواية لدي وأستمتع بها كباقي الهوايات. وليس بالعيب ولا الحرام .. فهم يعملون للقمة عيش وأنا أعمل لهواية أحببتها.
سألته هل تقوم بالتطبخ عندما تخرج لنزهة برية مع الأصدقاء؟
قال نعم!!
قلت وأين العيب هنا!!
أجابني سريعاً.. أنا وأصدقائي لا يراني أحد..
حينها وصل بي الحال وشيء من القناعة أن بعض أصحاب العقول تريد عرقلة شيء من حياة البعض بمجرد أن الإنسان يهوى ويعمل ويستلذ في عمله بعيداً عن الحرام فليس لأحدٍ من البشر أن ينادي بالعيب بمجرد أنه ينظر له.. فإن كان كذلك فعليه إعادة بناء تفكيره من جديد لأنني وبرأيي أرى تلك العقول لا تملك الحجة بل تحمل بداخلها عجاج السنين.